‫الرئيسية‬ الأولى التأخير والأرقام المشكوك فيها: كيف يمكن للجزائر تحسين نظامها الانتخابي؟
الأولى - الوطني - 9 سبتمبر، 2024

التأخير والأرقام المشكوك فيها: كيف يمكن للجزائر تحسين نظامها الانتخابي؟

فرز الأصوات اليدوي وتأخر النتائج: هل تحتاج الجزائر إلى ثورة انتخابية؟
اتفق المرشحون الثلاثة في الانتخابات الرئاسية على الطعن في الأرقام التي قدمتها السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، وهي سابقة في تاريخ الجزائر. على الرغم من أن هذه الهيئة ارتكبت أخطاءً في الماضي، فإن الطعن الحالي قد يكون بداية لتصحيح عملها، الذي يعاني من نقص في الدقة، خاصة فيما يتعلق بعدم توضيح النسب المقدمة في نهاية كل عملية انتخابية.

ورغم أن هذا الطعن قد لا يغير النتيجة النهائية بسبب عدم وجود مانع قانوني أو دستوري يحدد نسب المشاركة اللازمة لقبول أو رفض الانتخابات، فإن فوز الرئيس عبد المجيد تبون بعهدة ثانية يبدو مؤكداً. ومع ذلك، فإن السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات ارتكبت أخطاءً متعلقة بالأرقام وتأخير في إعلان النتائج، التي غالباً ما تكون متناقضة بسبب عدم تقديم شرح واضح لها. يعود السبب الرئيسي إلى أن العملية الانتخابية تُجرى بشكل يدوي تقليدي، في حين يقتصر دور الإعلام الآلي على تجميع الأصوات والاتصال الإلكتروني.

مثلاً، النسبة المعلنة في الواحدة ظهراً، والتي تشير إلى تصويت 13% من الناخبين، كانت منطقية ومطابقة للواقع. أما نسبة 26% المعلنة في الخامسة مساءً بدت غير متسقة مع الواقع والنتيجة النهائية. السبب في ذلك هو عدم توضيح اللجنة ما إذا كانت النسبة تخص الساعة الخامسة بالضبط أو وقتاً سابقاً. وبالتالي، فإن غياب الشرح المناسب يؤدي إلى إثارة الشكوك.

أستاذي في علم الإحصاء كان يقول دائماً: “الإحصائيات كذبة علمية”، لأن الأرقام والنسب قد تُفسر بطرق مختلفة. لذا، يجب أن تُرفق الأرقام بتفسيرات وافية. الإعلان عن الأرقام دون شرح كافٍ قد يؤدي إلى استغلالها ضدك من قبل معارضيك.

عندما تُعلن السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات أن الرئيس تبون فاز بنسبة 94% دون توضيح كيفية حساب هذه النسبة، فإنها تقدم مادة دسمة للمنتقدين وللطاعنين في مصداقية الانتخابات. فكل نسبة ورقم يجب أن يكون مرفقاً بشرح دقيق. نسبة المشاركة، على سبيل المثال، تُحسب بناءً على عدد المصوتين من مجموع الكتلة الانتخابية، ويمكن لأي مواطن حساب هذه النسبة. الأرقام متاحة، و5 ملايين ناخب من بين 24 مليوناً لا يمكن أن تنتج النسب المعلنة دون توضيح.

كانت “المؤشر” حاضرة في فرز الأصوات في أحد المكاتب، ولم يكن هناك شك في فوز الرئيس تبون بنسبة عالية جداً. ولكن يجب على لجنة شرفي أن توضح أن عملية الفرز في الجزائر لا تزال تُجرى يدوياً، مما يتطلب وقتاً طويلاً لإعلان النتائج. على عكس ما يحدث في أوروبا، حيث تُجرى الانتخابات إلكترونياً ويتم إعلان النتائج بسرعة، مثلما يحدث في بلجيكا، حيث تتوقف الانتخابات في الرابعة عصراً، ويتم إعلان النتائج في نشرة الثامنة. مقارنة الجزائر بالدول الأوروبية في هذا السياق غير واقعية.

على السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات أن تضاعف جهودها في توضيح ظروف عملها، حيث يصعب عليها نشر النتائج بسرعة وهي تعمل بطرق بدائية. الإعلام الآلي يُستخدم فقط كآلة حاسبة بعد تجميع الأصوات يدوياً. هذا الخلط بين العمل اليدوي والإلكتروني يُسبب الارتباك في الحسابات والنسب المعلنة، ويؤدي إلى التأخير في إعلان النتائج.

تهانينا للرئيس عبد المجيد تبون على فوزه بعهدة رئاسية ثانية، وهو يواجه تحديات كبيرة في إصلاحات مهمة، بما في ذلك تحسين عمل السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات.

لخضر فراط صحفي معتمد لدى الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي مدير نشر جريدة المؤشر

اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء

صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…