قناة بن غوريون: السر وراء الحرب على غزة
الحروب لا تنطلق من العدم؛ فهي دائمًا ما تكون مدفوعة بأسباب اقتصادية، سواء كانت الحرب العالمية الأولى أو الثانية وحتى الثالثة. معظم الناس قد لا يدركون هذه الحقائق، لكن في هذا المقال سنسلط الضوء على أحد الأسباب الاقتصادية الرئيسية وراء اندلاع الحرب على غزة: مشروع حفر قناة بن غوريون.

ما هو مشروع قناة بن غوريون؟
قناة بن غوريون هو مشروع يهدف إلى ربط ميناء إيلات على البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط، ليكون بمثابة قناة موازية لقناة السويس. هذا المشروع القديم جُمد لسنوات عديدة، ولكن تمت إعادة إحيائه قبل عدة أشهر من اندلاع الحرب على غزة. ولكن لماذا تم إحياء هذا المشروع الآن؟ وما هو تأثيره؟
السياق الجيوسياسي والاقتصادي
تزامنت إعادة إحياء مشروع قناة بن غوريون مع توسيع منظمة البريكس في قمة جوهانسبورغ بجنوب إفريقيا، حيث انضمت دول جديدة من الشرق الأوسط، بما في ذلك مصر التي تمتلك قناة السويس، أهم قناة تجارية تربط آسيا بأوروبا والشرق الأوسط، مما يسهل التجارة العالمية.
رد الفعل الغربي جاء سريعًا؛ ففي قمة مجموعة العشرين التي انعقدت في الهند قبل بضعة أشهر، قررت القمة دعم مشروع الكيان الصهيوني لإنجاز قناة بن غوريون، التي ستربط بطريق تجاري جديد يمر عبر الإمارات، السعودية، الأردن، ومن ثم إلى الكيان الصهيوني وصولاً إلى ميناء على البحر الأبيض المتوسط.
التحديات التقنية والجغرافية
كان تنفيذ مشروع قناة بن غوريون في خط مستقيم من البحر الأحمر إلى البحر الأبيض المتوسط يواجه عقبات جغرافية هائلة، حيث تمر القناة عبر سلسلة جبلية تحتوي على صخور صلبة جدًا. كانت النصائح من الخبراء الصهاينة تشير إلى استخدام القنابل النووية لتفجير الصخور، ولكن هذا الحل كان خطيرًا جدًا على البيئة.
تغيير المسار وقربه من غزة
تم البحث عن حلول أخرى، وأهمها تغيير مسار القناة لتمر قريبًا من شمال غزة. هنا تكمن المشكلة؛ فغزة تضم تنظيمات عسكرية ومقاومة للاحتلال، مما يثير قلق أصحاب المشروع. وجود هذه التنظيمات العسكرية قد يصبح كابوسًا يؤرق عبور السفن والبضائع بالقرب من شمال غزة.
الربط بين مشروع القناة والحرب على غزة
من غير المصادفة أن اندلعت الحرب على غزة بعد أشهر قليلة من تبني أمريكا والاتحاد الأوروبي والهند لمشروع تمويل وإنجاز قناة بن غوريون وربطها بالطريق التجاري الجديد. هذه الحرب تبدو كأنها تمهد الطريق لإنجاز أكبر مشروع موازٍ لقناة السويس يشرف عليه الكيان الصهيوني، والذي من المتوقع أن يضمن لها مداخيل ضخمة ويعزز اقتصادها بشكل كبير.
الحرب من أجل الاقتصاد
حرب غزة ليست مجرد نزاع إقليمي؛ بل هي جزء من صراع أكبر يهدف إلى تحقيق مكاسب اقتصادية هائلة من خلال إنجاز قناة بن غوريون. الشراسة التي نراها في هذه الحرب تثبت أنها تهدف إلى تحييد غزة عسكريًا لضمان أمان النقل البحري عبر القناة الجديدة، مما سيحول إسرائيل إلى أحد أغنى الاقتصادات في المنطقة.
توضح هذه التحليلات أن الحروب غالبًا ما تكون مدفوعة بمصالح اقتصادية، وقناة بن غوريون هي أحد الأمثلة الواضحة على ذلك. الحرب على غزة ليست فقط مواجهة عسكرية، بل هي جزء من استراتيجية اقتصادية كبرى تسعى من خلالها القوى العظمى لتحقيق مصالحها على حساب الآخرين.
لخضر فراط |صحفي معتمد لدى الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي في بروكسل|مدير نشر جريدة المؤشر
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
المروك على حافة الانهيار الاقتصادي ويبحث منفذا عبر الجزائر
تكثّف دوائر المخزن في المروك خلال الأسابيع الأخيرة حملاتها الإعلامية الممولة عبر مقالات مد…











