‫الرئيسية‬ الأولى لعبة الغرب بين الشاه ومجاهدي خلق.. مَن يحكم إيران بعد الملالي؟
الأولى - الدولي - مقالات - 27 يونيو، 2025

لعبة الغرب بين الشاه ومجاهدي خلق.. مَن يحكم إيران بعد الملالي؟

لعبة الغرب بين الشاه ومجاهدي خلق.. مَن يحكم إيران بعد الملالي؟
تحدثت مريم رجوي، مقدّمة نفسها كممثلة للمعارضة الإيرانية “الجاهزة للحكم”، واقترحت على المجتمع الدولي أن حركتها تمثّل التيار الثالث الديمقراطي، البديل عن حكم الملالي القائم حاليًا في طهران. وأكدت أن المعارضة التي تقودها باتت مستعدة لتولّي زمام الحكم إذا ما أسقط الغرب النظام الإيراني بزعامة آية الله خامنئي.

في المقابل، خرج وريث الشاه، رضا بهلوي، بخطوة مماثلة، مُظهرًا نفسه أيضًا كبديل جاهز للعودة إلى إيران بعد غياب دام سنوات طويلة. غير أن الرجل لم يتعلّم من دروس التاريخ، عندما أطاحت الثورة الإسلامية بوالده في عام 1979، واضطر بعدها للبحث عن بلد يأويه. الولايات المتحدة، التي كانت الحليف الأقرب للشاه، رفضت حتى السماح له بالهبوط على أراضيها، ولم يجد حينها من يستقبله سوى مصر، بفضل العلاقة العائلية التي ربطته آنذاك بالرئيس أنور السادات.

وريث الشاه لا يزال يعيش على أمل أن تدعمه أمريكا، متجاهلًا أن نفس أمريكا تخلّت عن حكم والده دون أي شعور بالذنب أو أدنى وفاء للعلاقات التي دامت لعقود. مات الشاه في المنفى، وهو يتحسّر على علاقاته بالغرب التي لم تذرف عليه دمعة واحدة، بينما انتقل الخميني من باريس إلى طهران ليؤسس الجمهورية الإسلامية.

تسويق المعارضة الديمقراطية… وهم غربي الترويج لوجود معارضة ديمقراطية إيرانية جاهزة للحكم، هو في الحقيقة أسوأ ما يمكن أن تقوم به حركة معارضة، لأن الغرب الاستعماري لا يناضل من أجل إقامة الديمقراطية في إيران، بل يبحث فقط عن طرف يضمن مصالحه، بغض النظر عن طبيعته، سواء كان دينيًا، عسكريًا أو حتى ثيوقراطيًا.

الديمقراطية، بالنسبة للغرب، هي نظام داخلي فقط، مخصص لشعوبه، لأنها تتيح له التحكم في السياسة داخليًا وتقيّد عملية النهب والصفقات المشبوهة خارج حدوده. ولهذا السبب، فالغرب لا يريد تصدير الديمقراطية إلى دول العالم الثالث، بل يرفض قيام أنظمة ديمقراطية حقيقية هناك، لأنها ستكون أنظمة صعبة المراس والتفاوض، ولا تخضع بسهولة.

يبدو أن هذا هو ما لم تستوعبه السيدة مريم رجوي، ولا جماعة “مجاهدي خلق”، ولا الفصائل التي تدور في فلكهما منذ سنوات. الغرب لا يرغب في تسليم إيران لنظام ديمقراطي يشبه ما يُمارس في دوله، ولا يسعى لتحويل طهران إلى نموذج مشابه لأنقرة أو برلين.

ترامب لم يكن يُجامل حين صرّح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بعدم تأييده لفكرة إسقاط النظام الإيراني، لم يكن يتحدث من فراغ. كان ذلك تعبيرًا عن قناعة غربية راسخة: أن سقوط النظام الإيراني سيُحدث فراغًا وفوضى، لأن الغرب لا يرى أمامه بديلًا موثوقًا قادرًا على السيطرة على الحكم، أو توقيع اتفاقات وصفقات طويلة الأجل.

الحقيقة أن النظام الإيراني – على عيوبه – يوفّر للغرب نموذجًا قابلاً للتفاوض والضغط. فهو يتحكم في المجتمع بإحكام، ويمكن التفاوض معه حول ملفات كبرى، كما حدث في الاتفاق النووي. فضلًا عن كونه “عدوًا مثاليًا” يمكن استخدامه سياسيًا وإعلاميًا لتبرير الكثير من السياسات في المنطقة، وبثّ التفرقة بين بلدانها.

ورقة غربية رابحة إن عدم وجود نظام ديمقراطي في إيران هو ورقة رابحة بيد الغرب، يستخدمها متى شاء ليُبرز نفسه كمجتمع متحضّر مقابل “الآخر” الظلامي. وهذه الورقة تُستعمل دائمًا لتأليب الرأي العام الغربي، تحت عنوان الدفاع عن القيم الديمقراطية، حتى وإن كانت الديمقراطية الغربية نفسها تمرّ بأزمات عميقة.

هذا الاستخدام الدعائي المتكرر للمصطلح الديمقراطي بات جزءًا من استراتيجية طويلة المدى، تُستخدم لإضعاف خصوم الغرب، وإبقاء الشرق الأوسط ساحة صراعات وأزمات لا تنتهي. في المقابل، تسهّل الأنظمة غير الديمقراطية على الغرب إبرام صفقات وفرض إملاءات يصعب فرضها على أنظمة شرعية شعبية.

المعارضة ليست على جدول أعمال الغرب الواقع أن لا مريم رجوي ولا وريث الشاه مطروحان كبديل جديّ داخل دوائر صنع القرار في الغرب. لأن الغرب كان هو ذاته من أسقط الشاه، وباريس هي من استقبلت الخميني، وسهّلت له العودة إلى طهران لتأسيس نظام جديد. هذه المعطيات تكفي لفهم أن المعارضة الإيرانية ليست على قائمة الأولويات، بل تُستعمل فقط كورقة ضغط لا أكثر.

قد يستمر خطاب “الديمقراطية لإيران” كغطاء إعلامي، لكن المضمون الحقيقي للسياسات الغربية يقوم على معادلة واحدة: من يضمن المصالح، يحظى بالقبول، سواء أكان معارضًا أو حاكمًا، ديمقراطيًا أو أوتوقراطيًا.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء

صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…