لماذا تنتصر المحكمة الأوروبية لجبهة البوليساريو على حساب الرباط؟!
سؤال واسع يحمل في طياته العديد من الدلالات حول انتصار حركة تحرير، ليس لها علاقات دبلوماسية أو مصالح اقتصادية مع الاتحاد الأوروبي، ولم تحظ حتى باعتراف دبلوماسي في بروكسل. وعلى الرغم من ذلك، تواجه الرباط نكسة تاريخية رغم تواجد دبلوماسيتها النشط في مختلف الدول الأوروبية، وامتلاكها جيوشًا من الدبلوماسيين والساسة والمصالح الاقتصادية، بالإضافة إلى حلفاء تقليديين مثل فرنسا وإسبانيا، في ظل تواطؤ اللوبي الصهيوني.
انتصار القضية الصحراوية في ساحات المحاكم الدولية، وخاصة في محكمة العدل الأوروبية التي أصدرت حكمها الحاسم في 4 أكتوبر 2024، بعد 9 سنوات من المرافعات والطعون، يذكرنا برأي محكمة العدل الدولية في لاهاي عام 1975 وما تلاه من قرارات أممية، خاصة منذ عام 2016. هذه المعركة القانونية التي خاضتها جبهة البوليساريو ضد هيئات قوية مثل المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي، ودول بارزة مثل فرنسا وإسبانيا والبرتغال، أثبتت أن “عدالة القضية الصحراوية” هي الأساس الذي يعتمد عليه الشعب الصحراوي المؤمن بحقه في تقرير المصير.
في هذا السياق، كتب أحدهم تعليقًا على اتهام بعض الأصوات لدبلوماسية الرباط بالفشل والعجز أمام جبهة البوليساريو، قائلاً: “الصعوبات التي يواجهها نظام المخزن في قضية الصحراء الغربية ليست بسبب ضعف الساسة المغاربة أو قلة الحيلة، بل بسبب وضوح القضية الصحراوية.”
وهذا هو جوهر فشل الدبلوماسية المغربية، وقبلها فشل غزوها العسكري ومؤامراتها المستمرة. لقد أظهرت المحكمة الأوروبية للعالم، بما في ذلك النظام المغربي وحلفاؤه، أنهم يواجهون “جدار الحقيقة”. المحكمة لم تصدر حكمها بدافع الحب للصحراويين أو تعاطفًا معهم، بل كان ذلك “ضرورة طبيعية” للحفاظ على انسجامها مع القرارات والاستشارات القانونية التي تراكمت على مدار أكثر من خمسين عامًا، والتي أكدت جميعها على حق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال.
حكم المحكمة الأوروبية جاء ليعزز قرارات سابقة، بدءًا من الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في 16 أكتوبر 1975، مرورًا بتقرير لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في نفس العام، والذي أكد رغبة الصحراويين في الحرية والاستقلال. هذا الموقف تكرر في لائحة الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1979 بعد غزو القوات المغربية لوادي الذهب، وبدعم قوي من المستشار القانوني للأمم المتحدة في رأيه المقدم للأمين العام في 2002، والذي رفض إبرام المغرب اتفاقيات التنقيب عن النفط في المناطق الصحراوية المحتلة.
كما أن هذا الموقف دفع الولايات المتحدة إلى تجنب إدراج الصحراء الغربية في اتفاق الشراكة مع المغرب عام 2004. وتزايد هذا التوجه مع قرار البرلمان الأوروبي في ديسمبر 2011 بإلغاء اتفاقية الصيد البحري مع المغرب لانتهاكها مبادئ القانون الدولي. وقد أكدت محكمة العدل الأوروبية في حكمها عام 2016 عدم شرعية شمولية المياه الإقليمية الصحراوية في أي اتفاق شراكة مع المغرب، وتكرر ذلك في حكمها يوم 27 فبراير 2018، وأخيرًا في أكتوبر 2024 لتعلن بشكل واضح أن “المغرب لا يملك سيادة على الصحراء الغربية.”
الموقف الأوروبي يعكس انسجامًا مع الشرعية الدولية واحترام حق الشعوب في تقرير مصيرها. وأكثر من ذلك، يعترف بجبهة البوليساريو كممثل شرعي وحيد للشعب الصحراوي. هذا الموقف الجديد يفرض على الأوروبيين احترامه، كونه يشكل “صمام أمان” لوحدة الاتحاد الأوروبي وانسجامه السياسي والاقتصادي، ومصدرًا لاستقرار دوله.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
المخزن واستراتيجية الاستفزاز الفارغ
تسارعت أبواق المخزن وأخواتها في المغرب والشقيقة موريتانيا إلى تناول الزيارة الخاصة التي يق…