‫الرئيسية‬ في الواجهة لمصلحة من تعرقل الإدارة الجزائرية إصلاحات الرئيس تبون؟
في الواجهة - مقالات - 11 يونيو، 2024

لمصلحة من تعرقل الإدارة الجزائرية إصلاحات الرئيس تبون؟

لمصلحة من تعرقل الإدارة الجزائرية إصلاحات الرئيس تبون؟
منذ تولي الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الحكم في ديسمبر 2019، أطلق سلسلة من الإصلاحات التي تهدف إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. إلا أن هذه الإصلاحات تواجه عقبات شديدة من داخل الإدارة الجزائرية نفسها، مما يطرح سؤالاً مهماً: لمصلحة من تعرقل هذه الإصلاحات؟
حقبة الفساد في زمن بوتفليقة

للإجابة على هذا السؤال، يجب أولاً النظر في الإرث الثقيل من الفساد والبيروقراطية الذي خلفه عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. فخلال فترة حكمه التي امتدت لعشرين سنة، تعمقت جذور الفساد والرشوة في مختلف مؤسسات الدولة، مما أدى إلى مأسسة نظام محكم من المحسوبية والصفقات المشبوهة. هذه الفترة شهدت تردي مستويات الشفافية والمساءلة في الإدارة، حيث أصبحت المناصب الإدارية العمومية مرتعًا لتحقيق مصالح شخصية وتكريس النفوذ بدلاً من خدمة المواطن.

في ظل هذا المناخ الفاسد، ازدهرت البيروقراطية والروتين الإداري كأدوات لتعطيل أي محاولات للإصلاح والتغيير. المناصب الإدارية أصبحت هدفًا للحصول على ثروات ضخمة عن طريق الرشاوى والصفقات المشبوهة، مما أفسح المجال لصعود غير الأكفاء وذوي المؤهلات المحدودة إلى مناصب عليا. هذه الشبكات الفاسدة هي التي خلقت بنية متينة من الفساد التي تسعى الآن إلى مقاومة أي تغيير.

مقاومة التغيير

الجهود الإصلاحية التي يقودها الرئيس تبون تهدف إلى كسر هذه الدائرة المفرغة من الفساد والبيروقراطية، إلا أن القوى المستفيدة من الوضع القائم تقاوم بشدة. هؤلاء المسؤولون الذين اعتادوا على استغلال مناصبهم لتحقيق مكاسب شخصية يرون في الإصلاحات تهديدًا مباشرًا لمصالحهم.

المقاومة تأتي بأشكال متعددة، من تأخير تنفيذ القرارات، إلى عرقلة الإجراءات البيروقراطية، وصولاً إلى تشكيل تحالفات خفية لتعطيل المشاريع الإصلاحية. هذه القوى تجد في الفوضى والفساد بيئة مثالية لاستمرار نفوذها وسلطتها.

تحديات الكفاءة والتكوين

إلى جانب الفساد، تواجه الإدارة الجزائرية تحديات كبيرة تتعلق بنقص الكفاءة والتكوين. العديد من الموظفين يفتقرون إلى المهارات اللازمة لتنفيذ الإصلاحات، ما يؤدي إلى تنفيذ سياسات غير فعالة وزيادة التعقيدات بدلاً من حلها. هذا النقص في الكفاءة يعد من العقبات الرئيسية أمام جهود تبون لإحداث تغيير حقيقي في النظام الإداري.

دور الرقمنة في تجاوز العقبات

إحدى الاستراتيجيات التي يعول عليها تبون لتحقيق الإصلاح هي الرقمنة. من خلال تطبيق الحلول التقنية، يمكن تحسين الكفاءة والشفافية وتسهيل الوصول إلى الخدمات الحكومية، مما يقلل من فرص الفساد والبيروقراطية. الرقمنة تتيح تتبع العمليات الإدارية بشكل أكثر دقة وفعالية، مما يعزز من قدرة الحكومة على تنفيذ الإصلاحات بنجاح.

البرلمان.. أداة لمكافحة المعرقلين

في هذا السياق، يمكن أن يلعب البرلمان دورًا حاسمًا في دعم جهود تبون. من خلال تشريع القوانين التي تضمن محاسبة المسؤولين الفاسدين وتعزز الشفافية والمساءلة، يمكن للبرلمان أن يكون ركيزة أساسية في عملية الإصلاح. تشريع قوانين صارمة لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية يعتبر خطوة ضرورية لقطع الطريق أمام القوى التي تعرقل التغيير.

نحو مستقبل أفضل

الإصلاحات التي يقودها تبون ليست مجرد شعارات بل هي خطوات ضرورية لإعادة بناء الدولة الجزائرية على أسس متينة. تجاوز العقبات يتطلب تضافر الجهود بين الحكومة والمجتمع المدني والبرلمان، لضمان تحقيق أهداف الإصلاح وبناء مستقبل أفضل للجزائر وشعبها. من خلال مواجهة الفساد والبيروقراطية، وتبني الرقمنة كوسيلة لتعزيز الكفاءة والشفافية، يمكن للإدارة الجزائرية أن تتحرر من قيود الماضي وتخطو بثبات نحو مستقبل واعد.

مراد سيد | مدير جريدة المؤشر

اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

القضاء يطوي صفحة ساركوزي.. أول رئيس فرنسي يدخل السجن يوم 21 أكتوبر

يدخل نيكولا ساركوزي التاريخ من أوسع أبوابه، لا كرجل دولة استثنائي كما أراد لنفسه ذات يوم، …