محمد لمين أبا علي، الملحق الإعلامي بسفارة الجمهورية العربية الصحراوية بالجزائر لـ”المؤشر”: “فرنسا جزء من المشكلة وليست جزءاً من الحل”
تحدث محمد لمين أبا علي، الملحق الإعلامي بالسفارة الصحراوية في الجزائر، عن التطورات التي يشهدها ملف الصحراء الغربية والتي تصب في صالح القضية، واصفًا القرار الصادر عن محكمة العدل الأوروبية بالتاريخي واعتبره انتصارًا للشعب الصحراوي. وعرج المتحدث على المحاولات الدنيئة التي طالت القضية الصحراوية من قبل المغرب ومن يرعاه من القوى الفرنسية والإسبانية، التي باءت جميعها بالفشل وانتصر فيها الشعب الصحراوي.
وكشف أبا علي طبيعة العلاقات التي تربط المغرب ببعض الدول الإفريقية والأوروبية، والتي قال عنها بأنها علاقات غير ثابتة خاضعة للمصالح الظرفية، بحكم أن المغرب لا مبادئ له، فهو يعيش في عزلة مع دول الجوار انعكست على وضعه الداخلي. وأكد الملحق الإعلامي على ضعف الدور المنوط بالأمم المتحدة في السعي نحو فض النزاع، متهما فرنسا بشكل مباشر بعرقلة التقدم نحو حل النزاع في الصحراء الغربية.
وتناول محمد لمين أبا علي في هذا الحوار الشامل العديد من القضايا المتعلقة بآخر مستجدات ملف الصحراء الغربية.

كيف ترون التطورات الأخيرة في ملف الصحراء الغربية؟
إن التطورات الأخيرة للقضية الصحراوية تصب في مجملها لصالح الشعب الصحراوي وقضيته العادلة، فالقرار الصادر عن محكمة العدل الأوروبية هو قرار تاريخي، إذ أكد بشكل صريح على حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير وأن الصحراء الغربية والمغرب بلدان منفصلان، ولا يمكن إقامة أية شراكة اقتصادية دون موافقة الشعب الصحراوي وممثله الشرعي “جبهة البوليساريو”. إن هذا القرار يعد انتصارًا للشعب الصحراوي ويعزز من مكانته السياسية والدبلوماسية في المحافل الدولية، بالإضافة إلى كونه مكملاً لقرار محكمة لاهاي الدولية الصادر سنة 1975 الذي يقر بأنه لا سيادة للمغرب على الصحراء الغربية.
وشهدت هذه الفترة أيضًا تصويت اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة المعنية بالمسائل السياسية الخاصة بتصفية الاستعمار في دورتها الـ79، والتي حظيت بالإجماع حول القضية الصحراوية المتعلقة بتنفيذ إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة، ووقوفها على حقيقة نظام المخزن واختراقه للقرارات الدولية. كما أن هذه الدورة ذكرت بكل قرارات الجمعية العامة وقرار مجلس الأمن رقم 690 الصادر سنة 1991، والذي بموجبه تم إنشاء بعثة المينورسو للاستفتاء في الصحراء الغربية. هذا بالإضافة إلى قرار المجلس الدولي الأخير الصادر بتاريخ 31 أكتوبر المنصرم، والذي مدد بموجبه بعثة المينورسو للاستفتاء في الصحراء الغربية لمدة سنة، وأكد في ذات الوقت على حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، وطالب بفتح المجال لزيارة الوفود والبعثات الحقوقية لزيارة المناطق المحتلة التي تمنعها دولة الاحتلال المغربي من الاطلاع على واقع انتهاكات حقوق الإنسان في المناطق المحتلة.
هل تعتقدون بأن هناك تغيرات في مواقف القوى الدولية الكبرى؟
القضية الصحراوية قضية تصفية استعمار، سجلت لدى الأمم المتحدة سنة 1963، ومنذ ذلك الوقت والقضية واضحة لا غبار عليها. رغم كل المحاولات الدنيئة التي طالتها من قبل المغرب ومن يرعاه من القوى الفرنسية والإسبانية اللتين ساهمتا في تعزيز الاحتلال ودعمهما له رغم القوانين الدولية، إلا أن كل تلك المحاولات باءت بالفشل وانتصر فيها الشعب الصحراوي، لأن جميع القرارات الأممية لصالحه وتؤكد حقه في تقرير المصير.
وكما يعلم الجميع، فإن القوى الدولية تفضل مصالحها وتقدمها على القانون، خاصة عندما تجد دولاً وظيفية عميلة تنفذ لها أجنداتها، كالنظام التوسعي في المغرب، الذي كان عميلاً في المنطقة وأصبح اليوم أكثر من دولة وظيفية للاستعمار. إلا أن سياسات الاستعمار، المعروفة بالمماطلة في تطبيق الشرعية ومحاولة تجاوزها للقانون، ووضع العراقيل لديمومة مصالحها، تجعل مواقفها متذبذبة. ورغم خلفية هذه الدول الاستعمارية وتلاعبها بالقانون، فإن إرادة الشعوب وإيمانها بحقوقها أقوى من هذه السياسات ومناوراتها، وهي من ستنتصر في النهاية. المكاسب التي حققها الشعب الصحراوي خلال 50 سنة من النضال والتضحيات منحت القضية انتشارًا واسعًا واعترافًا ومكانة، فالصحراء الغربية عضو مؤسس في الاتحاد الأفريقي وتعترف بها أكثر من 80 دولة حول العالم. والتحولات الجارية في العالم، الهادفة إلى التعددية القطبية وحماية القانون والشرعية الدولية، جميعها عوامل تخدم حق الشعوب وقضايا التحرر، وتدفع إلى فرض القانون الدولي واحترام سيادة الدول، مما يدفع القوى الدولية إلى مراجعة حساباتها وسياساتها.
كيف تنظرون إلى طبيعة العلاقات التي تربط المغرب مع بعض الدول الإفريقية والأوروبية؟
إن طبيعة العلاقات التي تربط المغرب مع بعض الدول الإفريقية والأوروبية غير ثابتة، فالمغرب ليس له مواقف ولا مبادئ ثابتة، وبالتالي تبقى علاقاته مع الدول الأوروبية متوترة، ترتبط بمصالح مؤقتة يستخدم فيها ضغوطًا وأساليب غير أخلاقية. تبقى هذه العلاقات مهددة بالتراجع في أي وقت، إذ يتم تعزيزها بالابتزاز والوعود الكاذبة ووسائل التجسس، كما حصل مع إسبانيا، حيث يستخدم المغرب ورقة المخدرات والهجرة للضغط، ويغريها بضمان استمرار نهب السمك والفوسفات الصحراوي، مما دفع رئيس الوزراء الإسباني “بيدرو سانشيز” للانحياز لمواقف المخزن حول الصحراء الغربية.
أما فرنسا، فمعروفة بمواقفها الداعمة للسياسة المغربية، وتعتبر المغرب محمية فرنسية، معادية للشعب الصحراوي عبر دعمها للمغرب بمختلف الأسلحة. واليوم، عادت علاقاتها مع المغرب بشكل أكبر من المعتاد، بسبب الأزمات الداخلية والخارجية التي تعيشها منذ تولي ماكرون الحكم وفشله في التعاون مع الجزائر. وبالنسبة لعلاقات المغرب مع دول الجوار، فهو يعيش عزلة خانقة نتيجة سياسته التوسعية وتهديده للأمن بالمنطقة، وسلوكياته وتصرفاته المنافية للأهداف التي تتوخاها الشعوب المغاربية. انعكست هذه العزلة على وضعه الداخلي، خاصة معاكسته لدول الجوار مثل الجزائر التي تتمسك بمبادئ وأهداف واضحة بخصوص القضايا العادلة. والمخزي في الأمر أن الشعب المغربي هو من يدفع ثمن هذا التقارب بين المغرب وفرنسا.
ما تقييمكم لدور الأمم المتحدة في السعي نحو فض النزاع، خاصة بعد استقالة عدد من المبعوثين الأمميين؟
رفض المغرب تطبيق خطة السلام التي صادق عليها طرفا النزاع بإشراف مجلس الأمن هو دليل واضح على ضعف الأمم المتحدة وعدم حرصها على تطبيق القانون لحماية الأمن والاستقرار. فبعض أعضاء هذه الهيئة الأممية أصبحوا جزءًا من المشكلة، وفرنسا، العضو الدائم في مجلس الأمن، تقف مباشرة أمام حل النزاع في الصحراء الغربية وتعرقل أي تقدم نحوه، مما أسهم في إضعاف دور الأمم المتحدة في فض النزاعات وفرض احترام القانون، وهو ما دفع بالعديد من المبعوثين الأمميين إلى تقديم استقالاتهم. هذا التخاذل دفع الجزائر للمطالبة بإصلاح هياكل الأمم المتحدة والقوانين التي تحكمها، لتتمكن من القيام بدورها كما يجب. الأمم المتحدة أصبحت، للأسف، بلا دور فعّال في حل النزاعات، بل باتت تساهم في خلق المزيد من بؤر التوتر والصراعات.
في رأيكم، ما هي المخاطر التي يشكلها استمرار النفوذ الفرنسي في الصحراء الغربية على استقرار المنطقة؟
استمرار فرنسا في عرقلة تطبيق الشرعية الدولية وتشجيع نظام الاحتلال على سياسة التوسع يؤدي بلا شك إلى المزيد من التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة، ويدفع بالمغرب إلى المزيد من ارتكاب الجرائم وانتهاك حقوق الإنسان في الصحراء الغربية. كما أن الدعم الفرنسي للمغرب يزيد من التوتر، ما يظهر في الأزمات والصراعات التي يعاني منها المغرب، وحربه في الصحراء الغربية التي أنهكت جيشه وخزينته. المغرب في وضع يرثى له، ومن مصلحة فرنسا احترام الشرعية الدولية وتنظيم استفتاء لتمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير مصيره. في حال إجراء الاستفتاء، ستكون المنطقة أكثر استقرارًا وتكاملاً اقتصاديًا، مما يضمن مصالح فرنسا وفق الاحترام المتبادل.
ما حقيقة تحويل الصحراء الغربية إلى مكب للنفايات النووية من قبل المخزن؟
المغرب معروف بسياسته التوسعية وأهدافه التي يسعى لتحقيقها عبر عمله الوظيفي، إذ يستورد النفايات الأوروبية محاولًا استقطاب الدول لصالحه، ويحوّل الصحراء الغربية إلى مكب لهذه النفايات. وهذه السياسة تهدد الأمن البيئي في المنطقة وتثير استنكار العديد من المنظمات الدولية التي تندد بهذا السلوك. تصرفات المغرب أصبحت معروفة لدى الجميع، ولا عجب أن دولة تعتبر أكبر منتج للحشيش في العالم تخلو من أدنى اهتمام بالصحة العامة وحماية البيئة.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
مدير تحرير مجلة “الهدف السياسي” بغزة، الدكتور وسام الفقعاوي لـ”المؤشر”: “غزة تواجه الإبادة بالصمود”
أكد الدكتور وسام الفقعاوي، مدير تحرير مجلة “الهدف السياسي” بغزة، أن محور المقا…