‫الرئيسية‬ في الواجهة رأي مقالات من يحكم فعليًا في مملكة المروك؟
مقالات - ‫‫‫‏‫يومين مضت‬

من يحكم فعليًا في مملكة المروك؟

من يحكم فعليًا في مملكة المروك؟
أثار خطاب ملك المروك، الذي دعا فيه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون إلى “حوار مباشر بين الأشقاء”، موجة واسعة من التساؤلات بعد ساعات فقط من صدور قرار مجلس الأمن القاضي بتمديد ولاية بعثة المينورسو لسنة كاملة، وتأكيده على ضرورة مفاوضات تؤدي إلى حل عادل ومتوافق عليه، بما في ذلك الإشارة إلى أن مقترح الحكم الذاتي المغربي “قد يكون حلاً ممكنًا إذا قبلت به جميع الأطراف”، وفي مقدمتها جبهة البوليساريو، الطرف الأساسي في النزاع.

ورغم محاولة الملك الظهور بمظهر الداعي إلى التهدئة والحوار، فإن المفارقة الصارخة تكمن في أن الخطاب نفسه جاء بعد أقل من 24 ساعة على تصريحات خطيرة صدرت عن عضو حكومي بارز هو فوزي لقجع، المسؤول عن الميزانية ورئيس الجامعة المروكية لكرة القدم، والذي وصف الجزائر في مداخلته داخل برلمان المروك بأنها “دولة عدوة”. وهو تصريح لا يمكن اعتباره مجرد زلة سياسية، بل إعلان مواجهة يتناقض جذريًا مع خطاب الملك الذي وصف فيه الرئيس تبون بـ“الشقيق”.

السؤال الذي يطرحه أي مراقب لشؤون المنطقة هو: من يحكم فعليًا في مملكة المروك؟ كيف يمكن لملك البلاد أن يتحدث عن “الأخوة” و“الحوار”، بينما أحد كبار أعضاء حكومته يصف الجزائر بالعدو علنًا وتحت قبة البرلمان؟ وكيف يمكن لدولة تدّعي السعي إلى حل سياسي للنزاع في الصحراء الغربية أن تسمح لمسؤول حكومي بإطلاق تصريحات تحمل طابعًا عدائيًا صريحًا؟

الأخطر من ذلك أن تصريحات لقجع تأتي في ظرف رياضي حساس، بعدما حصلت المروك على تنظيم كأس إفريقيا بفضل تصويت ممثل الجزائر عقب قرار سحب ترشح الجزائر. وهو ما يجعل مشاركة المنتخب الوطني في النهائيات المقبلة محلّ نقاش مشروع، خاصة بعد وصف الجزائر بأنها “بلد عدو”. فمن غير المنطقي أن يتنقل الفريق الوطني إلى بلد يصفه أحد أعضاء حكومته علنًا بأنه عدو، مع ما قد يطرحه ذلك من مخاطر وتحديات تتعلق بالسلامة والظروف الأمنية. ومن المرجح أن تدرس السلطات الجزائرية هذه المعطيات بدقة قبل اتخاذ القرار النهائي بشأن المشاركة.

ورغم أن خطاب الملك المروكي بُثّ عبر معظم القنوات الناطقة بالعربية، إلا أنه ترك وراءه شعورًا عامًا بعدم الانسجام داخل أجهزة الحكم في المروك. فكيف يكون الرئيس عبد المجيد تبون “شقيقًا”، بينما يروّج عضو في الحكومة المروكية لرواية تعتبر الجزائر معرقلة لكل تحركات المروك دبلوماسيًا؟ وكيف يمكن لملك المروك أن يدعو إلى الحوار الصادق بينما يتحدث مسؤول حكومي عن “عزلة دبلوماسية للجزائر” فقط لأنها ليست مطبّعة مع إسرائيل؟

هذه التناقضات لا يمكن قراءتها بمعزل عن حالة الارتباك التي يعيشها النظام في المروك بسبب تعقيدات ملف الصحراء الغربية، خاصة بعد قرار مجلس الأمن الأخير وتمديد ولاية المينورسو لعام كامل، ما يعني أن الملف سيبقى تحت سلطة الأمم المتحدة، وأن أي محاولة لفرض حل أحادي سيظل خارج الشرعية الدولية.

ويبدو أن الملك يسعى إلى إغلاق هذا الملف بأي طريقة قبل انتقال السلطة إلى ولي عهده، الذي تشير تحليلات كثيرة إلى أن القوى الدولية لا ترى فيه القدرة الكاملة على إدارة ملفات معقدة بهذا الحجم، ما يزيد الضغط على المؤسسة الملكية ويكشف حجم التخبط داخل دوائر الحكم.

في النهاية، يبقى الثابت أن الجزائر تتعامل مع ملف الصحراء الغربية وفق الشرعية الدولية والقرارات الأممية، بينما يكشف الخطاب المزدوج داخل المروك عن أزمة سياسية داخلية عميقة لا يمكن إخفاؤها بخطاب مسجّل أو تصريحات ظرفية.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

عُقدة الجزائر تُفجّر لقجع داخل البرلمان

أطلق فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم في المروك والوزير المكلّف بالميزانية في حك…