‫الرئيسية‬ في الواجهة أحوال الناس من يحمي الأطفال في الجزائر؟

من يحمي الأطفال في الجزائر؟

من يحمي الأطفال في الجزائر؟
شهادة امرأة جزائرية على قناة “الحياة” تدق ناقوس الخطر في الجزائر، بعد أن أصبح الأطفال القُصَّر دون حماية حقيقية، خاصة إذا كان المعتدي صاحب نفوذ قادرًا على تعطيل العدالة والتأثير على الأجهزة الأمنية بمختلف مستوياتها. هذه المرأة، التي خرجت للإعلام بعد معاناة طويلة، تبدو أنها خاضت صراعًا مريرًا مع شخص يعتدي يوميًا على أطفالها، ويرهبهم ليل نهار، ورغم ذلك لم تكشف كل تفاصيل همجية المعتدي وإصراره المَرَضي على استهداف القُصَّر، ما يثير الشكوك حول كونه بيدوفيلًا متعمدًا.

القصة تجسد وضعًا كارثيًا تعيشه الأرملة التي تعيل أولادًا صغارًا، ورغم شجاعتها وتوجهها إلى القضاء وتقديمها 30 قضية كاملة ضد المعني بالأمر، إلا أن العدالة لم تحرك ساكنًا. وهذه في حد ذاتها كارثة، لأن حماية الأطفال في كل دول العالم أمر مستعجل وضروري، ويستدعي تحرك كل الأجهزة خلال وقت قياسي. أما العدالة الجزائرية، حسب رواية هذه الأم المنهكة، فهي غائبة تمامًا إلا في دعم المعتدين! وكأن حماية الأطفال — وهم جيل المستقبل المكلف بحماية الجزائر وقيادتها — ليست من أولوياتها. فكيف نترك الأطفال فريسة لحيوانات بشرية لا تملك ذرة إنسانية، ولا احترامًا لأرملة تصارع الحياة لحماية فلذات كبدها؟

هذا “المفترس البشري”، وأمام إصرار الأم على حماية أطفالها من أذاه، قرر جلب كلاب إلى العمارة، وأطلقها عمدًا وقت عودة الأطفال من المدرسة، مستهدفًا ابنها الأصغر البالغ من العمر 9 سنوات، حيث هاجمته الكلاب وأصابته بجروح خطيرة استلزمت تدخل الطبيب الشرعي، الذي منحه عطلة مرضية تثبت خطورة الأذى. الأم قدّمت الملف كاملًا للعدالة، لكن لا حياة لمن تنادي، فلا القضاء تحرك لحماية البراءة، ولا أجهزة الأمن تدخلت لمعاقبة الجاني.

في أي بلد في العالم، الاعتداء على الأطفال جريمة لا تغتفر، ومن يرتكبها — حتى لو كان والد الطفل — يدفع الثمن غاليًا ويقضي سنوات طويلة خلف القضبان. لكن في الجزائر، يبدو أن الوضع مختلف، والأمثلة على الاعتداءات الجنسية والجسدية ضد القُصَّر في ازدياد، وسط قصص مشابهة كثيرة. وحماية أشخاص مجرمين من هذا النوع تُعد كارثة حقيقية، بل تواطؤًا يُسهم في انتشار هذه السلوكيات المَرَضية، ويفتح الباب أمام تشكيل شبكات إجرام تهدد المجتمع بأكمله.

كم من امرأة تعاني في صمت أمام هذه الأفعال الهمجية، مدفوعة بصمت السلطات وعدم تحرك العدالة؟ ماذا يفعل المواطن البسيط عندما يُعتدى عليه أو على أطفاله بهذه الوحشية، وأجهزة الدولة التي وُجدت لحمايته تتجاهل الأمر؟ كيف سيبقى لديه أي ثقة في بلده ومؤسساتها؟ وما الحيلة أمام تغوّل شبكات الاعتداء على الأطفال التي لا تجد رادعًا قانونيًا أو أمنيًا؟

أحيّي شخصيًا شجاعة هذه الأم التي قررت أن تفضح قضيتها أمام الإعلام، وأن تخرج قصتها إلى العلن، وتحولها إلى قضية رأي عام. لقد أحسنت حين كشفت صراعها المرير مع شخص ظالم، معتدٍ على البراءة، يحاول العبث بمستقبل أولادها. وأحسنت حين فضحت صمت العدالة وتجاهلها لكل الشكاوى التي قدمتها للمحاكم، لتُظهر للعالم أن حماية الأطفال في الجزائر ما زالت — للأسف — ملفًا مهملًا، رغم أنه من أكثر الملفات إلحاحًا وخطورة على مستقبل الوطن.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء

صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…