هاشتاغ “لا تذهبوا إلى المروك”: حملة جزائرية تدعو إلى مقاطعة كأس إفريقيا
انتشر مؤخرًا هاشتاغ جزائري واسع النطاق يدعو الجماهير الجزائرية إلى عدم السفر إلى المروك لمتابعة مباريات كأس إفريقيا للأمم، وذلك في أعقاب ما يُعرف إعلاميًا بـ”فضيحة اللاصق”. هذه الحادثة، التي تسببت في جدل واسع على منصات التواصل الاجتماعي، اعتُبرت من قبل كثير من المتابعين الجزائريين دليلًا جديدًا على ما وصفوه بالسلوك العدائي المستمر من طرف المروك تجاه الجزائر، واستغلال أي فرصة مهما كانت بسيطة لتأليب الرأي العام ضدها.
العلاقات الجزائرية-المروكية تتسم بالتوتر وعدم الثقة منذ عقود، بسبب ملفات سياسية شائكة أبرزها قضية الصحراء الغربية والحدود المغلقة بين البلدين منذ عام 1994. هذه التوترات السياسية انعكست بدورها على مختلف المجالات، من الرياضة إلى الثقافة والتعاون الاقتصادي. ومع كل أزمة جديدة، تتعمق الهوة بين الشعبين، وتتأجج حملات إعلامية متبادلة، غالبًا ما تؤثر في الرأي العام، وتخلق جوًّا من العداء.
تفجرت موجة من الغضب بعد أن ظهرت صور لمقاعد البدلاء خلال مباراة في إحدى المنافسات النسوية، وقد تم تغطية شعار شركة الخطوط الملكية المروكية بشريط لاصق. وقد سارع إعلام المروك وبعض رواد مواقع التواصل إلى اتهام الجزائر بتعمد الإساءة، بل ووصل الأمر بالبعض إلى الادعاء بأن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون هو من أعطى تعليمات بذلك.
غير أن تسريبات وتصريحات لاحقة، مدعومة بصور ومقاطع فيديو، أثبتت أن قرار تغطية الشعار جاء من لجنة التنظيم التابعة للاتحاد الإفريقي لكرة القدم (الكاف)، تنفيذًا لقواعد إشهارية تخص المنافسة. رغم ذلك، لم يصدر أي اعتذار رسمي من المخزن، بل استمرت الحملات الإعلامية المسيئة التي استهدفت الجزائر على أعلى المستويات.
في هذا السياق، برز هاشتاغ “لا تذهبوا إلى المروك” كنداء شعبي واسع يدعو المناصرين الجزائريين إلى الامتناع عن حضور مباريات كأس إفريقيا المقبلة في المروك، والتي من المنتظر أن تقام في ديسمبر القادم. الداعون للمقاطعة يعتبرون أن الوضع الأمني لا يسمح بمثل هذه المغامرة، في ظل تحريض واضح ومتصاعد ضد كل ما هو جزائري في الإعلام المروكي. وقد اعتبر الكثيرون أن الحضور الجماهيري الجزائري في المروك قد يُستغل لتأليب الرأي العام ضد الجزائر، أو حتى ترتيب أحداث مدبرة تستهدف المناصرين وتوظف لاحقًا ضمن حملة دعائية لتشويه صورة الجزائر أمام القارة الإفريقية.
ليست هذه المرة الأولى التي تشهد فيها العلاقات بين البلدين توترًا ينعكس على المجال الرياضي. فقد سبق وأن وُجهت اتهامات للمروك بتسييس الرياضة، سواء بعد انسحابه من تنظيم كأس إفريقيا 2015 بسبب وباء إيبولا، أو في ممارسات التضييق الإعلامي والتصريحات المستفزة الصادرة عن بعض مسؤولي الرياضة. كما أن الجماهير الجزائرية ما زالت تتذكر ما تعرض له بعض المناصرين سابقًا خلال مواجهات رياضية أقيمت في المروك، حيث تم تسجيل مضايقات وإهانات، ما يدفع كثيرين اليوم إلى التفكير مرتين قبل الإقدام على السفر.
اللافت أن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، بدلاً من أن يضطلع بدور الحَكَم المحايد، أصبح – حسب ما يراه بعض المتابعين – طرفًا في الأزمة. فالكاف لم تُصدر توضيحًا رسميًا شافيًا بخصوص الحادثة الأخيرة، كما أن العديد من قراراتها تُعد محل تساؤل عندما يتعلق الأمر بالجزائر، مما أضعف من ثقة الجماهير الجزائرية في حيادها.
من الناحية الأمنية، حذر عدد من المحللين من أن التنقل إلى المروك في هذا التوقيت الحساس قد يشكل خطرًا على سلامة المناصرين الجزائريين، خاصة في ظل الأجواء المشحونة إعلاميًا. واعتبروا أن أي انزلاق، مهما كان بسيطًا، قد يتم تضخيمه أو استغلاله سياسيًا، وقد يتحول إلى أزمة دبلوماسية يصعب التحكم في تداعياتها. أما من الناحية القانونية، فقد طالب بعض النشطاء الحقوقيين بضرورة مراسلة الهيئات الدولية لضمان حماية المشجعين إن تم تنظيم المنافسة في ظروف غير مواتية.
تبقى الأسئلة معلقة، هل ستنجح حملة “لا تذهبوا إلى المروك” في ثني الجماهير الجزائرية عن السفر؟ وهل ستأخذ السلطات الجزائرية بعين الاعتبار هذا النداء الشعبي؟ وما هو موقف الكاف من كل هذه المستجدات؟ الإجابة ستتضح في الأسابيع المقبلة، غير أن المؤكد هو أن الوعي الشعبي يتزايد، والخوف من استغلال حضور المناصرين الجزائريين في المروك يفرض نفسه كعامل حاسم في تحديد الموقف.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء
صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…