‫الرئيسية‬ الأولى هل فرنسا.. ملاذًا آمنا للفاسدين؟
الأولى - الافتتاحية - 21 سبتمبر، 2024

هل فرنسا.. ملاذًا آمنا للفاسدين؟

هل فرنسا.. ملاذًا آمنا للفاسدين؟
يشكل رفض القضاء الفرنسي تسليم العديد من المطلوبين الجزائريين تحديًا كبيرًا للعدالة الدولية، ويطرح تساؤلات حول مدى التزام فرنسا بمبادئ الشفافية والمحاسبة، خاصة فيما يتعلق بحقوق الضحايا في البلدان الأخرى. ففي الوقت الذي تكافح فيه الجزائر لمحاسبة المسؤولين المتورطين في الفساد واستعادة الأموال المنهوبة، يبدو أن المواقف القانونية الفرنسية أحيانًا تتعارض مع هذه الجهود، مما يفتح الباب أمام تفسيرات قد تُفهم على أنها حماية للفاسدين أو على الأقل تواطؤ غير مباشر معهم.

وبالرغم من أن القضاء الفرنسي معروف بعدم تسامحه مع الجرائم المتعلقة بالمال العام في بلده، إلا أن هناك تساؤلات ملحة حول سبب التساهل أو التباطؤ في قضايا تخص أموال دول أخرى. الجزائر، التي تسعى لاسترداد ما نهب من ثرواتها، تجد نفسها في مواجهة قرارات قضائية فرنسية ترفض تسليم المتهمين أو تؤجل النظر في القضايا المتعلقة بهم لفترات طويلة. هذا الوضع يثير مخاوف من أن تصبح فرنسا ملاذًا للفاسدين الفارين من العدالة الجزائرية.

القضية الأبرز حاليًا هي قضية الوزير الهارب عبد السلام بوشوارب، الذي ستبت محكمة الاستئناف الفرنسية في قضيته في 9 أكتوبر. تثير هذه القضية مخاوف من أن يكون القرار لصالح حماية بوشوارب، ما يضع فرنسا أمام اختبار حقيقي لالتزامها بمحاربة الفساد على المستوى الدولي. إذا قرر القضاء الفرنسي عدم تسليم بوشوارب، سيعزز ذلك الصورة السلبية لفرنسا كدولة تتغاضى عن محاسبة الفاسدين إذا كانت الجرائم المرتكبة خارج حدودها.

الوضع الحالي يدعو إلى إعادة النظر في الاتفاقيات القضائية بين الجزائر وفرنسا، مع ضرورة تعزيز التعاون بين البلدين في مجال مكافحة الفساد. الجزائر تحتاج إلى ضمانات بأن قضايا الفساد التي تخصها ستحظى بالجدية الكافية في المحاكم الفرنسية، خاصة وأن معظم المسؤولين الفاسدين يتخذون من فرنسا مقرًا آمنًا لهم بعد مغادرتهم الجزائر. من المهم أن تتحمل فرنسا مسؤوليتها كعضو في المجتمع الدولي في دعم جهود مكافحة الفساد، بدلًا من أن تُتهم بفتح أبوابها للهاربين من العدالة.

في حال استمرار فرنسا في موقفها المتردد تجاه تسليم الفاسدين، قد تجد الجزائر نفسها مضطرة إلى اتخاذ خطوات مضادة. ماذا لو قررت الجزائر استقبال الهاربين من العدالة الفرنسية في إطار “رد بالمثل”؟ إن تحول الجزائر إلى ملاذ آمن للمطلوبين الفرنسيين سيكون بمثابة رسالة قوية لفرنسا وللمجتمع الدولي عن مدى تأثير تقاعس فرنسا في تحقيق العدالة الدولية.

القرار المرتقب في قضية بوشوارب سيشكل سابقة حاسمة تحدد موقف فرنسا في قضايا الفساد الدولية. إذا تم تسليم بوشوارب، فسيكون ذلك خطوة إيجابية تعزز الثقة في العدالة الفرنسية وتظهر التزامها بمكافحة الفساد على المستوى العالمي. ولكن إذا تم رفض التسليم، فإن ذلك سيزيد من الانتقادات ويوسع الفجوة بين الجزائر وفرنسا فيما يتعلق بالعدالة الدولية.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

القضاء يطوي صفحة ساركوزي.. أول رئيس فرنسي يدخل السجن يوم 21 أكتوبر

يدخل نيكولا ساركوزي التاريخ من أوسع أبوابه، لا كرجل دولة استثنائي كما أراد لنفسه ذات يوم، …