‫الرئيسية‬ الأولى يعقوبي في فخ التطبيع… “المؤشر” تكشف المستور
الأولى - الوطني - ‫‫‫‏‫أسبوعين مضت‬

يعقوبي في فخ التطبيع… “المؤشر” تكشف المستور

يعقوبي في فخ التطبيع… "المؤشر" تكشف المستور
كشفت تحقيقات جريدة “المؤشر” النقاب عن هوية الشخصية الدرزية التي جلس بجوارها النائب الجزائري عبد الوهاب يعقوبي خلال الاجتماع الأممي المنعقد في نيويورك يوم الرابع والعشرين من سبتمبر 2025. وتبيّن أن الأمر لا يتعلق بشخصية عابرة كما حاول النائب أن يوحي في بيانه، بل بـ مجلي وهبي، أحد أبرز الوجوه السياسية في الكيان المحتل.

وهبي سبق أن تولى رئاسة الدولة بصفة مؤقتة لمدة أسبوعين سنة 2007، وشغل منصب نائب وزير الخارجية، كما يعمل سفيرًا متنقلًا لدول حوض المتوسط، ولعب دورًا محوريًا في تطوير العلاقات بين الكيان وعدد من الدول العربية، كما كان من الشخصيات التي أنقذت العلاقات مع الأردن عقب محاولة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في عمّان عام 1997. وبذلك فإن الشخصية التي حاول يعقوبي تصويرها كـ “ممثل طائفي” ليست سوى أحد أعمدة الدبلوماسية الصهيونية وواجهة بارزة لنظام الاحتلال..

هذا الكشف نسف تمامًا مضمون البيان الذي أصدره يعقوبي يوم التاسع والعشرين من سبتمبر بعنوان “بيان توضيحي للرأي العام”، والذي افتتحه بآية قرآنية من سورة النور في محاولة لإضفاء طابع ديني وأخلاقي على رده. فقد حاول النائب أن يقدم نفسه في موقع الضحية، زاعمًا أن الجدل بُني على “سوء فهم وتفسيرات مغلوطة”، وأن ما حدث لم يكن سوى “مشهد مفاجئ” افتعله نائب مصري لأغراض دعائية. كما شدد على أن الاجتماع لم يتضمن أي تمثيل رسمي للكيان المحتل، مدعيًا أن الشخص الذي أثار الجدل مجرد ممثل عن طائفة الموحدين الدروز.

غير أن الحقائق التي تظهرها”المؤشر” تجعل كل هذه التبريرات فاقدة للوجاهة. فجلوس نائب جزائري، معروف بانتمائه إلى تيار إسلامي يرفع شعار مركزية القضية الفلسطينية، إلى جانب شخصية تقلدت منصب رئيس الدولة في الكيان المحتل ولو بصفة مؤقتة، ويُعرف عنها دورها في توطيد العلاقات مع بعض الدول العربية، لا يمكن تفسيره إلا كاختراق رمزي خطير. فالقضية لم تعد مرتبطة بالشكليات أو بالتفريق بين “ممثل رسمي” و”ممثل طائفي”، بل صارت مسألة سياسية وأخلاقية من الدرجة الأولى، لأن مجرد الحضور في قاعة واحدة مع شخصية من هذا الوزن يمنح الاحتلال مكسبًا دعائيًا لا يقدَّر بثمن.

ويزداد الأمر خطورة إذا تذكرنا أن موضوع الاجتماع كان مخصصًا لمناقشة “الاستخدام التعسفي لبرمجيات التجسس”، وهو مجال يُعتبر الكيان المحتل رائدًا فيه عبر شركة NSO وبرنامج “بيغاسوس” الذي استُخدم ضد الفلسطينيين وضد آلاف الناشطين والصحفيين حول العالم، بل وضد إطارات جزائرية أيضًا. كان الأجدر بالنائب أن يستغل هذا السياق لفضح جرائم الاحتلال الإلكترونية، لا أن يبرر جلوسه بجوار شخصية صهيونية بارزة.

إن محاولة يعقوبي التذرع بتاريخ الجزائر في البرلمان المتوسطي لتبرير موقفه لا تخدمه، بل تكشف التناقض في منطقه. فالجزائر دولة ذات سياسة خارجية واضحة وصلبة في دعم فلسطين، وتدير حضورها الدولي ضمن رؤية سيادية مؤسساتية جنبتها أي شبهة تطبيع رغم وجود ممثلين عن الكيان في بعض الفضاءات. أما هو كنائب فرد، فإن جلوسه إلى جانب شخصية مثل مجلي وهبي لا يُقرأ إلا كاختراق رمزي مباشر، لأن الرأي العام لا يزن المواقف بمنطق البيروقراطية بل بمعيار الالتزام الأخلاقي والسياسي تجاه القضية الفلسطينية.

ولعل الضربة الأشد جاءت من داخل بيته السياسي، إذ أصدرت حركة مجتمع السلم نفسها بيانًا شديد اللهجة تبرأت فيه من مشاركة يعقوبي، ووصفت ما حدث بأنه خطأ شخصي معزول لا يمثلها ولا يعكس مواقفها. وأكدت الحركة أن حضور نائبها في جلسة ضمّت ممثلًا عن الكيان المحتل يتعارض كليًا مع الثوابت الوطنية والالتزامات التاريخية تجاه فلسطين، مشيرة إلى أنها تتابع القضية عن قرب في انتظار التوضيحات الكاملة منه. هذا التبرؤ السريع عكس خوف الحركة من تحوّل الفضيحة إلى وصمة سياسية قد تستغلها أطراف منافسة للتشكيك في صدقيتها، خصوصًا وأنها طالما قدّمت نفسها كأبرز المدافعين عن فلسطين في الجزائر.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

اليمين المتطرف يهاجم الطلبة الجزائريين في فرنسا!

تعيش فرنسا منذ أسابيع على وقع جدل جديد أثارته بعض الأوساط اليمينية المتطرفة التي وجّهت سها…