‫الرئيسية‬ الأولى يولد النور من رحم النضال
الأولى - مقالات - ‫‫‫‏‫أسبوعين مضت‬

يولد النور من رحم النضال

يولد النور من رحم النضال
يظهر النظامُ المخزنيّ المغربيّ اليومَ في صورةٍ متهاويةٍ لا تُخفي هشاشتها؛ فاحتلالُه لأرضِ الجمهوريةِ العربيةِ الصحراويةِ الديمقراطية ليس مجرّدَ واقعةٍ ترابيةٍ، بل جرحٌ متكرّرٌ في تاريخِ المنطقة لا يلتئمُ إلا برحيله. وكلُّ محاولاتِه لشرعنةِ الباطلِ والتحايلِ على حقٍّ تكفلهُ كلُّ الشرائع لا تزيدُ الحقيقةَ إلا وضوحًا، وتُسطّرُ مسارَ زوالِه المحتوم؛ فالضوءُ يفضحُ الظلمَ في أحلكِ مظاهره، والحقُّ يشتدُّ بريقًا كلّما حاولَ الظلامُ طمسَه. فالمخزنُ، بدلًا من أن يبنيَ روابطَ الأخوّةِ والتعاون، اختارَ تسميمَ العلاقاتِ الجوارية؛ فمن زرعَ العداوةَ بدلَ السلامِ حصدَ النتيجةَ ذاتَها، ومن يزرعُ الشرَّ في محيطِه لا يجني في المقابلِ سوى شرٍّ يفضي إلى زوالِه.
الكاتب المجاهد  الصحراوي  محمد فاضل محمد اسماعيل
الكاتب المجاهد  الصحراوي  محمد فاضل محمد اسماعيل

إنّ المشهدَ الدوليَّ اليومَ يضعُ القراراتِ والحواراتِ في مِحكِّها الحقيقي؛ فالمواقفُ المتصارعةُ والالتفافاتُ الدبلوماسية تُظهر أنّ مضايقةَ أسيادِ المخزنِ لحقّنا في الوجود ليست أمرًا عابرًا. كما يتّضحُ أنّ حلَّ القضيةِ الصحراوية لا يُحتكَرُ بقراراتٍ منفردة، ولن تُستبدَلَ إرادةُ الشعبِ بالمناوراتِ السياسية ما دام يُبدي وجودَه في الميدان. ومع أنّ ساحاتِ القرارِ في نيويورك وباريس قد حاولت رسمَ تصوّراتٍ خاطئةٍ للحلول، فإنّ الحقَّ الثابتَ للشعبِ الصحراويِّ في تقريرِ مصيرِه لا يُقايَضُ ولا يُستبدَلُ.

ولكي نُفاوِضَ من مركزِ قوّة، تبرزُ ضرورةُ انخراطِ كلِّ فئاتِ الشعبِ في تصعيدِ أدواتِ الكفاحِ والنضالِ بمختلفِ ألوانِه: السياسيّةِ والعسكريةِ والقانونيةِ، وتكثيفِ العملِ الدبلوماسيِّ والإعلاميِّ والحقوقيِّ، حتى تُجبَرَ موازينُ القوى على الاعتدال. فنحنُ شعبٌ مقاومٌ، مؤثّرٌ في الميدانِ، ينبذُ الكسلَ والإهمالَ والتهاونَ، ويؤمنُ بأنّ العملَ المتواصلَ هو السلاحُ الأقوى في معركةِ التحرير. نحن أصحابُ حقٍّ شجعان، نؤمنُ بأنّ من أرادَ حقَّه فعليه أن يُضحّيَ بأغلى ما يملك.

إنّ ثباتَ الحقِّ لا يكفي دون حركةٍ واعيةٍ ومنظّمة؛ فالحياةُ في الحركة، والحركةُ في النضالِ ومقاومةِ الاحتلالِ بشتى الطرقِ المتاحةِ التي تُبقي الأملَ ساطعًا. وعلى الشعبِ الصحراويِّ أن يرصَّ صفوفَه، ويُطوّرَ أدواتَه وأساليبَه في كلِّ الميادين، ويستثمرَ كلَّ فرصةٍ دوليةٍ لرفعِ مستوى حضورِه الوازنِ، مع إعلاءِ قيمِ الوحدةِ والصلابةِ الأخلاقية. وبذلك تُصبحُ المقاومةُ قوّةً قادرةً على كبحِ جماحِ الظلمِ واستعادةِ الكرامةِ، ورسالةً تفرضُ نفسها على العالمِ بلغةِ الحقِّ وواقعِ الميدانِ، حتى تتحوّلَ الآمالُ إلى واقعٍ ينهي الاحتلالَ ويُكرّسُ سيادةَ الشعبِ على كاملِ الجمهوريةِ العربيةِ الصحراويةِ الديمقراطيةِ.

وإنّه لواجبٌ علينا، وفاءً لعهدِ الشهداءِ الأبرار، أن نُلزمَ أنفسَنا بهذا الطريقِ حتى يتحقّقَ الوعدُ وتُصانَ الأمانةُ التي دُفعَ لأجلِها أثمنُ التضحيات. ذلك هو قدرُ الشعوبِ الحرّة: أن تُناضلَ حتى ينهزمَ الظلمُ أمامَ إصرارِها، ويولدَ النورُ من رحمِ النضال؛ فالحقُّ لا يموتُ ما دامَ له من يُدافعُ عنه، ولا يُطفأُ نورُ الحريةِ ما دام في القلوبِ إيمانٌ بعدالتِها.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق