الشاعر الطاهر بوصبع يدعو إلى الترويج للأدب بالتكنولوجيا
يدعو الشاعر الطاهر بوصبع الأدباء الجزائريين إلى استخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي لخدمة الأدب والشعر، مشيرًا إلى أن هذا الاستخدام أصبح الوسيلة الأوحد في عالم يتصف بالسرعة والرقمية.
وفي حديث لـ”المؤشر”، يقول بوصبع إن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت “وسيلة مهمة لإيصال صوت المبدع إلى القراء والإشهار لقصائده وإصداراته، رغم أنها ساهمت أيضًا في نفخ أشخاص لا علاقة لهم بالأدب والشعر، من خلال النقد المبني على المجاملة من طرف أشباه النقاد وانتشار آلاف الصفحات والمنتديات ودور النشر التي تسوق للرداءة، ما سمح بظهور أسماء أدبية بين قوسين لا علاقة لها بالأدب، تتصدر المشهد الثقافي وتجدها في كل مكان”، ويقلل من شأن هذه الظاهرة واصفًا إياها بالقول: “لكنها عبارة عن فقاعات سرعان ما تختفي أمام النص الشعري الجميل الخالد أبد الدهر”.
ويرى أن الشاعر -بحكم موقعه- مدعو إلى متابعة صيرورة هذه المتغيرات الحياتية وإلى معايشتها وتأريخها شعريًا، على أن يتسلح بفنون الجماليات والرؤى الفنية، فالشعر هو القبض على الغياب وعلى اللحظات النادرة التي لا يراها سوى من غرف من بحر الشعر واللغة.
الصوفية وتأثير الأمير عبد القادر
يقول بوصبع عن نفسه كشاعر: “تأثرت بسيرة وشعر الأمير عبد القادر، هو رمز الفروسية والصوفية والجهاد والإنسانية، وقد درست سيرته ومسيرة حياته الحافلة بتنوع كبير فهو فارس السيف والقلم، وقصائده القليلة جميلة جدًا، خاصة قصيدته أم البنين التي تجسد وفاءه لزوجته – وقليل من الشعراء من يكتب عن زوجته.
ويضيف: “قرأت أيضًا الكثير للشاعر الجزائري الكبير ذو النزعة الصوفية مصطفى محمد الغماري، أحاول أن أصل إلى ينابيع الروح الصافية الرابضة في أقاصي كل منا، من خلال حروف منتزعة من غيهب الألم الذي يسكنني منذ أول الحكاية. لقد استفدت من الصوفية على مستوى اللغة، ولو أنها لغة بسيطة جدًا لا تصل إلى لغة الصوفيين المعقدة ذات الدلالات الكثيرة والعميقة”.
ويردف: “إضافة إلى الأمير عبد القادر، تأثرت كثيرًا في بداياتي بكتابات المدرسة الثورية إن صح التعبير، أمثال: مفدي زكرياء، محمود درويش، أحمد مطر، نزار قباني في قصائده السياسية، عبد الله البردوني، أبو القاسم الشابي، والشاعر الكبير مصطفى محمد الغماري، وهذين الأخيرين لديهما نزعة صوفية استفدت منها في جانبها المعجمي واللغوي”.
القصيدة لا تُصنع
القصيدة -كما يقول- دائمًا تولد ولا تُصنع، بمعنى أنها كعلاقة المولود بأمه، تبدأ بمخاض عسير، وحين يولد الطفل يصبح إنسانًا آخر مستقلاً له مورثات والديه، ولكنه إنسان آخر مستقل بذاته. والحداثة عنده هي استحداث وإبداع صور أدبية جديدة تناسب العصر الذي نعيش فيه، بغض النظر عن شكل القصيدة أكان عموديًا أم شعر تفعيلة، أو ما يسمى بالقصيدة النثرية وغيرها.
أمنياته كشاعر هي أن يكتب يومًا القصيدة المستحيلة التي تربض في دخيلة روحه وتأبى أن تسكب على مساحات البياض، القصيدة الأجمل والأرقى، وبعدها سيعتزل الكتابة، على حد قوله. أيضًا يأمل أن يطبع كتاباته الأخرى في ديوان شعر يضعه تحت وسادته ويقرأ ذاته كلما تيسر ذلك أو يعيد قراءتها.
جراح الوطن والأمة
عن مواضيعه يقول: “أكتب عن جراح الأمة، عن انكسار الذات العربية الإسلامية، في مواجهة هذا التكالب الصليبي من خلال العديد من القصائد (صحوة الغضب، فجيعة الشرف المحاصر)، عن جرح بلدي الجزائر حيث بدأت الكتابة سنة 1993 والجزائر ترزح تحت نير مرحلة مظلمة من تاريخها، فكانت محركي الأول لحمل القلم ومقارعة البياض. أكتب عن المستضعفين في الأرض، عن فئة ذوي الإعاقة”.
ويضيف: “أكتب لحظات الحياة النادرة، دهشة الأطفال فينا، ورغبتنا دائمًا في البوح لنقاوم انكسار أرواحنا المتعبة. ومن خلال كل هذا أحاول أن أوفق بين الذاتية المتأججة في أقاصي الروح، وبين هذا الفضاء الخارجي المتأزم الذي أحاول التعامل معه بموضوعية، أي أقف في المنطقة الوسطى، أو البرزخ -على حد تعبير الصوفيين- باحثًا عن اليقين الجازم، وطارحًا أسئلة وجودية، بلغة أقرب إلى اللغة الصوفية من حيث المفردات المستعملة في صياغة معظم قصائدي الإنسانية، لكنها لغة بسيطة تحاول الاقتراب من هيئات المشاعر المتدفقة، وتجسد حجم الحزن والاغتراب الذين أعيش تفاصيلهما بمرارة.
إرادة شاعر
ولد الطاهر بوصبع في بيئة قروية فقيرة ذات ربيع من سنة 1974 بتسالة لمطاعي، ولاية ميلة. عاش طفولة قاسية في الدشرة الحمراء بأعالي بلدية عين التين، خاصة بعدما أصابه مرض ضمور العضلات الشوكي، الذي كاد يحرمه من المدرسة الابتدائية، ثم أقعده المرض تمامًا في سن الرابعة عشرة، وجعله حبيس كرسي متحرك صار جزءًا من ديكور حياته. درس بالمراسلة إلى أن حصل على البكالوريا كمترشح حر، دخل الجامعة وتخرج منها بشهادتي الليسانس في القانون والكفاءة المهنية في المحاماة سنة 2004، وشهادة محام معتمد لدى المجلس سنة 2010، ومنذ يناير 2014 اشتغل كمتصرف إداري في خلية الإعلام والاتصال بالولاية – مكلف بمجلة الولاية.
كشاعر، بدأ محاولاته الأولى أوائل التسعينيات من القرن الماضي، عايش بها العشرية السوداء فكتب “إليك يا جزائر” نشرها سنة 1993 بجريدة الحياة، لينشر بعدها في عدد من الجرائد والمجلات الوطنية والعربية، إضافة إلى مشاركاته الكثيرة عبر الإذاعة الوطنية، وكذا في مختلف الفعاليات الثقافية، والمسابقات الأدبية، وكذا حصوله على جائزة الانتفاضة سنة 2001، والجائزة الأولى للشعر في إذاعة قسنطينة الجهوية سنة 2003، وجائزة لجنة التحكيم في مسابقة أقلام على الطريق لإذاعة ميلة سنة 2012. صدر له ديوان وحيد حتى الآن “مسافات البوح والاحتراق”، وشارك في كثير من الكتب الجامعة والموسوعات الوطنية والعربية.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
“يسطرون” المصرية تصدر عملاً قصصيًا جزائريًا للكاتب زين الدين مرزوقي
أعلنت دار النشر المصرية “يسطرون للنشر” عن إصدار مجموعة قصصية جزائرية في فن الق…