نفاق الاتحاد الأوروبي
لم يستطع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اتخاذ أي موقف واضح تجاه الوضع في غزة، واكتفى المجلس الوزاري بالنقاش فقط دون إصدار أي قرار بحجة انتظار الأسبوع القادم وبداية الرئاسة المجرية للاتحاد الأوروبي.
كما لم يجرؤ وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي على توجيه أي نقد ضد إسرائيل أو حتى توضيح مسألة انعقاد مجلس شراكة أوروبي إسرائيلي لمناقشة قضايا حقوق الإنسان واحترام قرار محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل، كما تقرر خلال القمة الأوروبية السابقة والتي حضرها ممثلون من جانب الدول العربية، خمس وزراء خارجية إلى جانب الأمين العام للجامعة العربية السيد أحمد أبو الغيط. ويبدو أنها كانت مجرد قرار تافه لإرضاء الجانب العربي لمحاولة جرجرته لتبني الموقف الأوروبي في قضية دعم أوكرانيا.
قرار انتظار رئاسة المجر في قضايا الشرق الأوسط لم يطبقه الوزراء في مسألة التصرف في فوائد الأصول الروسية المجمدة رغم معارضة المجر لهذا المسعى، وزراء الخارجية قرروا منح 1.4 مليار دولار من فوائد الأصول الروسية لصالح أوكرانيا لأنهم يحملون حسب رؤيتهم روسيا نتائج الحرب وما حدث من ضرر لأوكرانيا. جميل جدا هذا المسعى، ولكن للأسف الشديد، هذه العاطفة الأوروبية الجياشة التي تبكي على أوكرانيا لا أثر لها نهائيًا في الشرق الأوسط ولا تجرؤ على تحمل ذرة مسؤولية لإسرائيل عن نتائج الدمار الذي تحدثه في غزة أو تطالبها بالتعويض عن الضرر الذي تلحقه بسكان غزة. بل لم يصدر من الاتحاد الأوروبي حتى بيان إدانة واضح أو تلميح بفرض العقوبات، وحتى صوت سلوفينيا المطالبة بالعقوبات تم إسكاته وتوقفت عملية الاعتراف بدولة فلسطين. بل الأوروبيون لا يستحون ويضغطون على الدول العربية، خصوصًا الخليجية منها، لدفعها إلى الالتزام بإعادة إعمار غزة بأموال دافعي الضرائب العرب.
سياسة الكيل بمكيالين ما زالت هي النظرة السائدة الموروثة من فترة الاستعمار ولن تتغير في المدى المتوسط إلا بقرار من البلدان المعنية برفض هذا التلاعب وبرفض التعامل الجديد مع القضايا العربية وقضايا العالم الثالث بصفة عامة. لست من مناصري إيران، ولكن الاتحاد الأوروبي يتحرك بسرعة البرق ضدها كلما حركت الصهيونية أخطبوطها داخل الاتحاد الأوروبي بتهديد إيران ورفض العقوبات ضدها.
أخلاقيا نرى سقوطا حرا للاتحاد الأوروبي يوما بعد يوم بل ساعة بعد ساعة، وفقد حتى مبررات وجوده كقوة توازن عالمي بين القوى العظمى، وأصبح مجرد ذيل تابع لأمريكا ولسياستها المنحازة لإسرائيل ولكل طروحات إسرائيل. حتى مسعى بناء حلف دفاع عسكري أوروبي مستقل واجهته أمريكا عبر الأمين العام للناتو بانتقادات شديدة اللهجة لمنعهم من أي مسعى استقلال عن إرادة واشنطن.
لخضر فراط، صحفي معتمد لدى الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي مدير نشر جريدة المؤشر
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
قمة شرم الشيخ… سلام بلا دولة
بعد أن زار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الكيان الصهيوني ليقدّم له كل الضمانات، وألقى خطابً…