‫الرئيسية‬ في الواجهة رأي مقالات سنوات “عمي” تبون (8): الجالية جزء من النسيج الوطني
مقالات - الأولى - 5 يوليو، 2024

سنوات “عمي” تبون (8): الجالية جزء من النسيج الوطني

سنوات "عمي" تبون (8): الجالية جزء من النسيج الوطني
 ظهر اهتمام واضح بالجالية الجزائرية في الخارج في سنوات “عمي” تبون،، حيث أصبحت وزارة الخارجية تحمل أيضًا اسم وزارة الجالية، مما يدل على أن الاهتمام بالجالية أصبح حقيقة ملموسة، وليس مجرد شعارات كما اعتدنا عليه من النظام السابق.

يُجسد اهتمام “عمي” تبون بالجالية يوميًا على أرض الواقع من خلال القرارات العديدة التي اتخذها الرئيس لصالح الجالية، مثل السكن والتقاعد، ونقل الجثامين، وتخفيض تذاكر الطيران، وتحسين استقبال الجالية في القنصليات والسفارات، ومعاقبة المسؤولين المتخاذلين في التعامل الجيد والمحترم مع الجالية. وآخرها، كان تنقل جماعة وكالة الاستثمار إلى الخارج للتواصل مع المهاجرين أصحاب المشاريع الاستثمارية الصغيرة، لدعمهم والاطلاع على مشاريعهم من أجل تأطيرها وإنجازها في أرض الوطن.

تدريجيًا، وفي وقت قصير جدًا، تحولت الأمور من ترديد الشعارات الجوفاء لسنوات بخصوص الاهتمام بالجالية إلى سياسة يقودها “عمي” تبون على أرض الواقع، وتتطور كل يوم، ويحس بها المواطن الجزائري في الخارج. آخر الإحصائيات تحدثت عن وجود 14 مليون جزائري في الخارج، موزعين على بلدان كثيرة، من بينها الولايات المتحدة وكندا وأوروبا، وهم يشعرون بالاهتمام المتزايد من خلال تعليمات “عمي” تبون السريعة التطبيق، كما حدث مع منح جوازات السفر للجزائريين غير الحاصلين على إقامات رسمية في بلدان تواجدهم.

الاهتمام بالجالية في سنوات “عمي” تبون، كما يحلو للجزائريين أن ينادوا رئيسهم، أصبح واقعًا، وبدأ يتغير تصرف المسؤولين في الخارج بعد سنوات من إدارة الظهر للجالية والإهمال في التكفل بمشاكل المهاجرين. السبب في هذا التغيير هو أولاً الخوف من العقاب الذي أصبح فوريًا وفقدان امتيازات العمل في الخارج.

آليات المراقبة مازالت ناقصة، وعلى السلطات التفكير فيها لإيصال اهتمامات الجالية إلى أعلى مستوى، نظرًا لتفشي بعض التصرفات اللا أخلاقية، يمكن تلخيصها في استعمال التقارير الكيدية للإساءة للمواطنين البسطاء الذين لا ذنب لهم ولا دخل لهم حتى في الشأن السياسي، وهو عمل مشين ومضر بسمعة البلد.

تغيير العقلية في المجتمع الجزائري يتطلب أيضًا جهدًا كبيرًا ومعاقبة ضد من يشتم المهاجرين، لأن بعض الأصوات تحمل من الحقد والكراهية للجزائري في الخارج ما يفوق ما يحمله العنصري والمجرم جون ماري لوبان نفسه. وسمعنا جميعًا كيف يُخون لاعبو الفريق الوطني ويتم التشهير بازدواجية جنسيته من طرف بعض السفهاء على شاشات بعض القنوات، دون أدنى اعتبار لتاريخ عائلاتهم ونضالات آبائهم خلال الثورة التحريرية.

لم تكن الثورة لتستمر في الجزائر لولا الدعم المالي الذي قدمته الجالية لشراء السلاح وتوفير الميزانية لتسيير شؤون الثورة، دون أن ننسى شهداء الثورة من الجالية الجزائرية، ودون أن نغفل عن فتح الجبهة الثانية المسلحة في فرنسا وأوروبا سنة 1958، لفك الخناق على الثورة في الجبال وإيصال صوتها إلى العالمية.

الجالية جندت أيضًا أصدقاء أوروبيين إلى جانبها، ودعمت الثورة، ومنهم من استشهد مثل الأستاذ لابيرش في مدينة لياج الذي قتله عصابة الأيادي الحمراء التابعة للمخابرات الفرنسية، كما قتلت الشاب المناضل عيسو طالب في كلية الطب.

الحركة الوطنية خرجت من رحم الجزائريين في الخارج، التي أسست حزب نجم شمال أفريقيا من طرف عبد القادر حاج علي ومصالي الحاج، والتي شكلت نواة الحركة الوطنية لاحقًا. أحد مناضلي جبهة التحرير، المحامي سارج مورو، وقبل وفاته سأله صحفي بلجيكي: “هل أنت نادم على مشاركتك في دعم حرب التحرير الجزائرية؟” فرد قائلاً: “لو يعود التاريخ إلى الوراء، سأقوم بنفس ما قمت به وأنا فخور بدعمي للثورة الجزائرية”، التي منحته أيضًا صفة مجاهد مع الجنسية الجزائرية.

ما يقوم به “عمي” تبون يندرج ضمن تثمين المسار التاريخي للجزائر، وأعضاء الجالية اليوم هم أبناء مجاهدين الأمس، صانعي استقلال الجزائر.

رحم الله شهداء الجزائر.

لخضر فراط، صحفي معتمد لدى الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي، مدير نشر جريدة المؤشر.

اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء

صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…