‫الرئيسية‬ في الواجهة رأي مقالات خطر “البريكولاج” يُهدد المستقبل الرقمي للجزائر
مقالات - 6 يوليو، 2024

خطر “البريكولاج” يُهدد المستقبل الرقمي للجزائر

خطر "البريكولاج" يُهدد المستقبل الرقمي للجزائر
تلقت جريدة “المؤشر” رسالة من شركة “إيكوسنت”، التي توفر لها خدمة الاستضافة عبر الإنترنت على موقع ديزاد، تفيد بأنها ستقطع الوصول إلى السيرفر يومي 5 و6 يوليو 2024 لأعمال الصيانة الدورية. هذا التصرف يشبه إدارة معمل لإنتاج الطماطم، في حين أن مجال الرقمنة لا يتحمل مثل هذه الانقطاعات. بالطبع، اتخذت الجريدة الإجراءات اللازمة، لكن المفاجأة كانت أن الانقطاع لم يحدث في التوقيت المعلن، وربما تخبئ لنا الشركة انقطاعات غير معلنة كما حدث في الأيام القليلة الماضية.

قطاع الرقمنة في الجزائر يعاني من مشاكل عديدة، أهمها “البريكولاج”، حيث أصبح من هب ودب يدعي الخبرة في الرقمنة، يؤسس شركة ويأخذ صفقات دون أن يكون بمستوى تنفيذها. دخلت المحسوبية في مجال علمي بامتياز لا يتحمل هكذا تصرفات، بل تسيء له وتدمره. فهل يمكن لمن يقود الطائرة أن يقودها “بالمعريفة”؟ بالطبع لا، وهكذا الحال أيضاً في قطاع تكنولوجيا المعلومات أو ما يسمى بالرقمنة. فهي علم دقيق تحكمه الثنائية (1، 0)، لا مجال فيها للاجتهاد والعاطفة و”المعريفة”، بل فقط لمن هو دارس ومتمكن ومتحكم في علمه، مثل الطبيب الجراح الذي تكون حياة المريض بين يديه، وإذا لم يكن أهلاً للمهنة فسيموت المريض حتماً.

بدأت أفهم وأحس بصرخات الرئيس تبون في أغلب لقاءاته مع الإعلام الوطني من هذا القطاع، لأن الأمور صعبة ومعقدة وليست بين أيدٍ مهنية آمنة لتقوده. وفهمت أيضاً لماذا لجأت الجزائر إلى الشركة الصينية هواوي لإنجاز مركز التخزين الرقمي وحمايته، لتفادي أن تسقط الدولة في “البريكولاج” الذي أصبح يهدد عدة قطاعات ومنها قطاع الرقمنة.

حقيقةً، الجزائر لديها كفاءات في هذا المجال وهي أول من أسست مدرسة في الإعلام الآلي في العالم العربي. لكن لا نعرف أين ذهبت كل هذه الخبرات. هل هجرت مثل الكفاءات الأخرى أم ماذا حصل لها؟ انتقادي لا يعني أنه لا توجد شركات تعمل حسب المقاييس الدولية في قطاع الرقمنة في الجزائر، بل هي موجودة حسب زملائي الإعلاميين، ولكن شركات “البريكولاج” أيضاً موجودة وتهدد سمعة الشركات الجادة، بل تسيء لها أيضاً.

قطاع الرقمنة لا يتحمل “البريكولاج” والعبث لأنه أخطر قطاع سيادي على الإطلاق، ويجب أن يكون بين أيدٍ مهنية آمنة لا تعبث به مثلما نرى. وآخرها موقع عدل الذي أطلق يوم عيد الاستقلال، ويا له من يوم رمزي عند الجزائر. ويا ليت الشركات تبتعد أو تُبعد عن استعمال رموزنا الوطنية حتى لا ترتبط في ذاكرة المواطنين أعيادنا بالفشل و”الصابوطاج” إذا حدث. موقع عدل لا يعمل، معطل ولا أحد يعرف لماذا سقط الموقع.

كم كنت أتمنى أن تطلق عدل موقعها في غير يوم الاستقلال المقدس لنتفادى الحروب من الجيل الرابع والخامس التي تسيء لتاريخنا المجيد.

وضع قوانين مثلما هي موجودة في دول العالم -ولسنا خارج هذا العالم- تكافئ من يعمل بجدية وإتقان وتغرم من يخطئ بدفع ثمن خطئه باهظاً، وإبعاد شبهات الفساد عبر ممارسة المحسوبية و”المعريفة” لأنها خطر على أمن الجزائر. الأمن لا يسمح فيه بأي ذرة عبث، وإبعاد أي شركة متهورة هاوية لا تجيد عملها بمهنية عالية كما هو معمول به في كل البلدان وفي كل القطاعات. كما لا يسمح بأن يكون الطيار غير مؤهل، ففي مجال الرقمنة أيضاً لا يسمح للعبث.

الأوروبي أيضاً متحايل وفاسد وخبيث، لكي لا نسقط في عملية “جلد الذات” التي أكرهها و للأسف يمارسها بعض الحركى 2.0. لكن المؤسسات سنت القوانين لحماية المواطن وتمكنه من ردع المزورين والمخالفين أمام القضاء وتقلل من شرورهم. لا أريد أن يُفهم من انتقادي انحياز ما أو التقليل من قيمة الجزائري، بل العكس تماماً، حماية من يقوم بعمل جيد ومعاقبة المسيء.

وكما قالت ذات يوم لصديقي الراحل الموسيقار عبد الله كرييو: الأوروبي ليس أنظف من الجزائري، بل فقط وضع له نظام نظافة قمعي إلى درجة لا تُتصور، فأجبر على احترامه، فأصبح محيطه يبدو أنظف من محيطنا ليس إلا. وقلت للراحل، رحمه الله، إن النظافة هي أيضاً صناعة تدر الأموال وتخلق الملايين من مناصب الشغل.

تشديد قوانين العقوبة على المخالفين من شأنه أن يبعد المغامرين، سواء كانوا محليين أم دوليين، وهم كثر أيضاً، والحذر منهم واجب.

لخضر فراط، صحفي معتمد لدى الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي مدير نشر جريدة المؤشر.

اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء

صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…