خبراء يفسرون أسباب تعطل منصة التسجيل “عدل 3”
لا يزال الآلاف من المواطنين يصطفون في طوابير طويلة أمام مقاهي الإنترنت للظفر بتسجيل “بيت الحلم” كما يصفه البعض، بعدما اجتازوا ليلة بيضاء في انتظار بداية التسجيلات في “عدل 3” الصيغة التي انتظرها الجزائريون لسنوات، عشية الاحتفال بعيد الاستقلال الـ 62. اعتبر البعض هذا التأخير مساساً بمصداقية المؤسسة وضعفها في مواكبة التطور التكنولوجي.

يرجع خبراء في تكنولوجيات الاتصال والرقمنة تعطل منصة التسجيل المخصصة لبرنامج البيع بالإيجار لسنة 2024 “عدل 3” إلى الضغط الرهيب الذي تسبب به الراغبون في التسجيل بولوجهم إلى الموقع دفعة واحدة، مقارنة بضعف سعة استيعاب الموقع لمئات الآلاف من الطلبات. انتقد الخبراء تحديد وكالة عدل ساعات التشغيل إلكترونياً دون تشغيل الموقع على مدار 24 ساعة، مما زاد الطين بلة وأحدث ضغطاً نفسياً على المواطنين.
أعاب الخبير في التكنولوجيا الرقمية، في اتصال خص به “المؤشر”، سير عملية التسجيل في “عدل 3″ والتي خلف تعطل الموقع المخصص لها حالة من التذمر والاستياء الكبير بين الجزائريين الذين انتظروا هذا الموعد منذ سنوات عديدة. واعتبر تحديد التوقيت الساعي لافتتاح وغلق الموقع من التاسعة ليلاً إلى السادسة صباحاً أو من الثامنة صباحاً إلى السادسة مساءً، لا يتماشى مع الرقمنة، واصفاً تسييرها بـ”الذهنية الإدارية البيروقراطية”. دعا إلى ترك الموقع يعمل على مدار 24 ساعة مع تحديد موعد للصيانة بين الفترة والأخرى وتحديد فترة التسجيلات بشهر أو شهرين أو سنة كاملة، لتفادي الضغط على الموقع وتوفير تسجيلات للمواطنين بكل أريحية.
وانتقد الخبير قرار تسيير الوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره في تسجيلات “عدل 3” من الناحية الإعلامية، موضحاً أنه كان من المفترض على الهيئة الوصية إعلام المواطنين مسبقاً بأنه ليس لمن يسجل أولاً الأفضلية، ومعايير الاستفادة من سكنات “عدل” مختلفة عن الذين سجلوا متأخرين. وأوضح أن الملفات كلها ستدرس بشفافية والكل سيستفيد من سكنه دون أي بيروقراطية، وذلك لتفادي الضغط على الموقع وتعطيله.
وأشار الخبير إلى أن وكالة “عدل” تتحمل المسؤولية من ناحية تصميم الموقع وعدم قدرته على استيعاب مئات الآلاف من المواطنين الراغبين في التسجيل، مشيراً إلى أن اذا كان الموقع مثلا مصمم لاستقبال 1000 متدخل في الساعة، لكنه استقبل 100 ألف متدخل وبتكرار المحاولات للدخول للموقع، تعتبرها برامج الحماية محاولة قرصنة أو تعطيل الخادم، فيتوقف الموقع كحماية له، وهو أمر طبيعي في ظل الظروف الحالية.
وذكر الخبير نقطة تقنية اعتبرها “مهمة جداً” في تصميم الموقع، وهي مراعاة تصميم الأجهزة وربط شبكة الإنترنت التي تحدد سعة الإنترنت بالموقع، مثلاً يتم تحديد سعة معينة وعدد المتصلين أو المسجلين بالموقع في وقت ساعي معين لتفادي تسجيل أي ضغط أو عطل في الموقع، وترك المواطن الولوج والتسجيل بكل أريحية وقتما شاء. مشيرا إلى أن وزارة التعليم العالي، على سبيل المثال، تمكنت من تسجيل 500 ألف طالب إلكترونياً ونجحت في ذلك عبر التنظيم والاستعانة بخادم متمكن وجيد، حيث استفادت هذه المؤسسة من تجاربها السابقة وأخذت الهفوات والأخطاء المسجلة بعين الاعتبار.
اقترح الخبير في المجال الرقمي، في حال لم تتوفر وكالة “عدل” على الإمكانيات اللازمة لاستئجار مركز تخزين بيانات، توفير خوادم عديدة حسب الولايات. على سبيل المثال، أربعة أو خمسة مواقع حسب تعداد السكان، بتوفير خادم مثلاً لأربع ولايات أو خمس في الشمال، وكذا الحال بالنسبة لولايات الشرق والغرب ومناطق الجنوب لتسهيل العملية على المواطنين وتقليل الضغط على الموقع.
وأشار الخبير إلى أن وكالة “عدل” لم تستعن بخوادم قوية وشبكة إنترنت واتصال فعالة ومركز إيواء وتخزين للمعلومات متطور، إضافة إلى أجهزة ومعالجات قوية وسريعة عن طريق تأجيرها لمدة أسبوع أو أسبوعين حسب مدة التسجيلات فقط، معتبراً أن هذه التقنيات ترقى لمستوى الحدث الهام والنشاط الكبير والعدد الهائل لطلبات تسجيلات “عدل 3” والذي انتظره مئات الآلاف من المواطنين منذ سنوات.
التسجيل بصفر ورق .. مبادرة جيدة لكن عرجاء
أشاد الخبير بالمبادرة التي قامت بها وكالة عدل بالتسجيل إلكترونياً دون تقديم أي ورقة، معتبراً أنها تدخل ضمن المواطنة وتوفير الشفافية وعصرنة القطاع. ولكنه انتقد عدم توفير الشروط اللازمة لإنجاح مثل هذه المبادرات التي تخدم المواطن وتسهّل عليه عملية التسجيل وقتاً ومالاً. وأشار إلى أن المبادرة جيدة لكنها بدأت بداية عرجاء بسبب عدم التحضير الجيد لها.
طمأن الخبير الجزائريين بأنه فور معالجة التقنيين بالوكالة للخلل والعطل الذي عرفه الموقع، سيتم فتح الموقع وفور انطلاق التسجيلات سيتمكن كل راغب في ولوج المنصة من الاكتتاب وفق الآجال المحددة.
بلدان معينة تستهدف المواقع الجزائرية الرقمية لاختراقها
لم يستبعد الخبير إمكانية تعرض الموقع للهجمات السيبرانية، مشيراً إلى أن الجزائر تتعرض لهذه الهجمات سواء داخلياً أو خارجياً من قبل بلدان مختلفة بهدف الإساءة للجزائر والمساس بسمعتها. أشار إلى أن هذه الهجمات تهدف لاختراق الموقع وتعطيله، وذلك في حال كانت مستويات الحماية في المواقع المخترقة ضعيفة، داعياً إلى تعزيز وتقوية أنظمة الحماية في المواقع الوطنية.
منح الفرصة للكفاءات وأصحاب الخبرة لإنجاح مساعي الرقمنة
في النهاية، أكد الخبير أن هناك حلولاً عديدة لحماية المواقع، منها عدم السماح للجزائريين بالتسجيل من خارج الشبكة الجزائرية. وشدد على أن الحلول التقنية موجودة، لكن يجب التفكير فيها قبل إطلاق الموقع. أشاد بالخبراء في المجال، قائلاً: “ثقتنا كبيرة في الكفاءات الوطنية يكفي منح الفرصة لأصحاب المهنة والخبرة والاختصاص، لتفادي تسجيل أي إعطاب وتعطيل للمواقع”، مشدداً على ضرورة الابتعاد عن البيروقراطية في توظيف التقنيين والانتقال إلى تسيير عصري ومهني، والانضباط في اختيار المكلفين بهذا المجال المعترف بهم في الخارج والمتخرجين من المدرسة الجزائرية.
أكد على ضرورة إعادة الاعتبار لهذه الكفاءات براتب شهري محترم مضمون عند نجاح منصة أو موقع معين، وضرورة مكافأتهم وشكرهم وتكريمهم من قبل الرئيس أو الوزير. وركز على أهمية التكوين الجيد لأن التكنولوجيا تتطور كل يوم، مختتماً حديثه بالقول: “يجب مواكبة التطور التكنولوجي لضمان نجاح المشاريع الرقمية”.

من جهة أخرى، يرى الدكتور سفيان بوقرة، المختص في نمذجة معلومات المنشآت الاستراتيجية، أن ما حدث على منصة التسجيل المخصصة لبرنامج البيع بالإيجار لسنة 2024 “عدل 3″، يبدو ناتجًا عن مشكلة في الكفاءة أكثر من كونه هجومًا إلكترونيًا. في الواقع، تنفيذ هجوم “الحرمان من الخدمة” (DDoS) يتم بواسطة مهاجمين متمرسين ومجهزين جيدًا، ويستلزم وقتًا للإعداد والتنفيذ. لذا، من الضروري تطبيق حماية مناسبة منذ إنشاء الموقع لتقليل المخاطر. يشكل الحرمان من الخدمة، سواء كان ناتجًا عن هجمات خبيثة أو ارتفاع في حركة المرور المشروعة، تهديدًا كبيرًا لتمكين التسجيل عبر المنصة. ومن الضروري وضع تدابير حماية قوية والحفاظ على يقظة مستمرة لمنع وتخفيف هذه الحوادث. اليوم، تلعب التطورات التكنولوجية والممارسات الأمنية الجيدة دورًا حاسمًا في الدفاع ضد هذه التهديدات.
ويضيف الدكتور، أنه يبدو أن المنصة تعرضت لزيادة كبيرة في الاستخدام، مما تجاوز قدراتها الطبيعية، حيث تمكن بعض الأشخاص من التسجيل. على أي حال، لكل داء دواء، وفي هذه الحالة تحديدًا، يمكن إدارة الزيادات في الاستخدام بكفاءة من خلال مزيج من تقنيات التوسع، التخزين المؤقت، التحسين، والمراقبة الاستباقية.
يساهم إعداد وتنفيذ هذه الحلول في الحفاظ على توافر وأداء المنصة حتى تحت حمل كبير. على سبيل المثال، يمكن استخدام الخوادم المرنة (السحابية)، وتوزيع حركة المرور الواردة على عدة خوادم لتجنب التحميل الزائد، وتوزيع المحتوى بالقرب من المستخدمين النهائيين لتحسين أوقات الاستجابة، وتوزيع الحمل.
من الضروري أيضًا التخلي عن السياسات الارتجالية والبدء على أسس متينة، مثل توظيف الكفاءات بناءً على المهارات وليس المحسوبية.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
وزارة اقتصاد المعرفة تعلن عن تحفيزات ومزايا ضريبية لتطوير المؤسسات الناشئة
أعلنت وزارة اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة اليوم عن جملة من التدابير المهمة والتحفيزات و…