‫الرئيسية‬ في الواجهة رأي مقالات من هم الفائزون والخاسرون في لعبة السياسة الفرنسية؟
مقالات - 8 يوليو، 2024

من هم الفائزون والخاسرون في لعبة السياسة الفرنسية؟

من هم الفائزون والخاسرون في لعبة السياسة الفرنسية؟
جاءت نتائج الانتخابات التشريعية الفرنسية لعام 2024 معقدة ومليئة بالمفاجآت للأطراف السياسية المختلفة، مما يعكس التحولات الديناميكية في المشهد السياسي الفرنسي. لتقييم الوضع بدقة، يجب النظر في أداء كل من الفاعلين السياسيين الرئيسيين وعدد المقاعد التي حصلوا عليها.
اليمين المتطرف… الأحلام تتبخر

على الرغم من أن حزب التجمع الوطني بقيادة مارين لوبان لم يتمكن من تحقيق الأغلبية المطلقة التي كان يطمح إليها، إلا أن الحزب شهد زيادة كبيرة في عدد نوابه في البرلمان. حصل التجمع الوطني على 143 مقعدًا، مما يعزز من مكانته كثالث قوة سياسية. هذه النتيجة تجعل من الحزب قادرًا على التأثير بشكل أكبر في السياسات والنقاشات البرلمانية، وتعزز من قدرته على تشكيل تحالفات مستقبلية.

اليسار… التحالف الرابح

اليسار، بقيادة جان لوك ميلونشون وتحالف “الجبهة الشعبية”، حقق مكاسب ملموسة في هذه الانتخابات. حصل التحالف على 195 مقعدًا، مما يمثل زيادة ملحوظة في التمثيل البرلماني وأصبح القوة السياسية الأولى في البرلمان الجديد. رغم هذه المكاسب، إلا أن التحالفات المعقدة داخل اليسار قد تحد من تأثيره الفعلي وقدرته على قيادة الحكومة القادمة في إطار تحالف موسع. التحالفات الداخلية تعني أن اليسار سيواجه صعوبات في فرض تنفيذ وعوده الانتخابية، خاصة وإنها تتعارض مع أجندة الرئيس إيمانويل ماكرون.

ماكرون… خسر الأغلبية

أما الرئيس ماكرون وحزبه “الجمهورية إلى الأمام”، فقد حصلوا على 168 مقعدًا، مما يجعله الكتلة الثانية الأكبر في الجمعية الوطنية بعد “الجبهة الشعبية”. بالرغم من عدم حصوله على الأغلبية المطلقة، يمكن اعتبار ماكرون الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات. لن يستطيع تشكيل حكومة إلا بالتحالفات والتفاهمات التي يمكن أن يبنيها مع الأحزاب الأخرى، مما يمنحه القدرة على تمرير سياساته ومشاريعه، وقد يضمن له استمرارية تنفيذ أجندته لما تبقى من ولايته. ومع ذلك، سيظل ماكرون يواجه تحديات كبيرة، حيث أن أي تراجع أو فشل في الوفاء بوعوده الانتخابية قد يؤدي إلى زيادة السخط بين الناخبين.

اليمين التقليدي… المعاناة متواصلة

حزب الجمهوريون، الذي يعتبر ممثل اليمين التقليدي في فرنسا، حصل على 79 مقعدًا في الجمعية الوطنية. هذا التراجع يعكس الصعوبات التي يواجهها الحزب في جذب الناخبين وسط الاستقطاب السياسي المتزايد بين اليمين المتطرف واليسار.

الأحزاب الصغيرة والمستقلون

إلى جانب الأحزاب الكبيرة، هناك العديد من الأحزاب الصغيرة والمستقلين الذين حصلوا على مقاعد في البرلمان. إجمالي عدد المقاعد التي حصلت عليها هذه الفئات بلغ 88 مقعدًا، مما يبرز التنوع والتعقيد في التمثيل البرلماني الفرنسي.

التوقعات المستقبلية

السؤال الكبير الذي يطرح نفسه هو ما إذا كان اليسار يستطيع الضغط على الرئيس ماكرون لتنفيذ وعوده الانتخابية. الإجابة على هذا السؤال تعتمد على مدى قوة التحالفات داخل البرلمان وكيفية تفاعل ماكرون مع هذه الضغوط. إذا فشل اليسار في تحقيق ذلك، فإن اليمين المتطرف قد يصبح المستفيد الأكبر في الانتخابات الرئاسية المقبلة، حيث أن الفشل في تلبية تطلعات الناخبين غالبًا ما يؤدي إلى تحولهم نحو الخيارات الأكثر تطرفًا.

في النهاية، يمكن القول إن الانتخابات التشريعية الأخيرة في فرنسا لم تشهد خاسرًا واضحًا بين القوى السياسية الرئيسية، بل شهدت توزيعًا معقدًا للمكاسب والخسائر. عزز اليمين المتطرف موقعه بـ 143 مقعدًا، وحقق اليسار المرتبة الأولى بـ 182 مقعدًا بسبب التحالفات الداخلية، بينما حافظ حزب ماكرون على المرتبة الثانية بـ 168 مقعدًا ولم يحصل على أغلبية مطلقة. التحديات القادمة ستحدد من هو الرابح الأكبر على المدى الطويل.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

القضاء يطوي صفحة ساركوزي.. أول رئيس فرنسي يدخل السجن يوم 21 أكتوبر

يدخل نيكولا ساركوزي التاريخ من أوسع أبوابه، لا كرجل دولة استثنائي كما أراد لنفسه ذات يوم، …