“عمي” تبون والعهدة الثانية
كما كان متوقعاً، يعلن الرئيس عبد المجيد تبون رسمياً عن ترشحه لعهدة ثانية كما يسمح بذلك الدستور الجزائري الجديد. جاء الإعلان،للأسف، عبر قناة لا يشاهدها إلا القليل من الجزائريين ولا يعرفها حتى سكان بلدية الحراش، كما قال لي بعض الزملاء. إنها قناة يتابعها فقط بعض رواد وسائل التواصل الاجتماعي، وهو اختيار غريب مع تحييد للتلفزيون الجزائري الذي يصل إلى كل بيوت الجزائريين من عين قزام إلى عنابة، مروراً بالعاصمة ووهران وتلمسان إلى بوسمغون وعين الصفراء ومقرار التحتاني والفوقاني. هذا الاختيار غير مفهوم كالعادة، لأنه غير مبرر علمياً ولا منطقياً. فما السر يا ترى؟
إذن، يدخل الرئيس معركة الانتخابات الرئاسية للمرة الثانية، ومن المنتظر أن يصوت له الجزائريون بكثافة نظراً لشعبيته المتزايدة بعد الإنجازات التي حققها في فترة قصيرة جداً تميزت بسنوات وباء كورونا والغلق التام لما يقارب السنتين الكاملتين.
اختيار الرئيس إعلان ترشحه بعد زيارته الناجحة لولاية تيزي وزو هو رسالة منه بأنه الحامي للوحدة الوطنية وأنه رجل الإجماع الوطني ولا يحمل فكراً إقصائياً أو انتقامياً لأي جهة من جهات الجزائر الكبرى: جنوباً، شمالاً، شرقاً، غرباً، ووسطاً. زيارة تيزي وزو بالتأكيد أزعجت أعداء الجزائر، وحتى الصحافة المغربية المخابراتية تحدثت عن هذه الزيارة رغم أنها أمور لا تعنيها. يبدو أن الاهتمام بالجزائر أصبح منهجاً سياسياً رسمياً للهروب من المشاكل والأزمات الداخلية في المغرب. وحتى الحصص التلفزيونية للرئيس تبون يتابعها، حسب مصدر أمريكي، أكثر من 11 مليون مغربي، وكأن تبون رئيس المغرب وليس رئيس الجزائر.
الرئيس تبون، أو “عمي” تبون كما يحلو للجزائريين تسميته، يترشح لمواصلة مسيرة الإصلاحات التي بدأها منذ 2019، وكانت مفاجأة حقيقية بأنه غير توجهات الدولة الجزائرية التي كانت على حافة الانهيار، ليعيدها إلى الطريق الوطني الصحيح الذي تأسست عليه منذ الحركة الوطنية. التيار الوطني الذي نتمنى أن يتجسد في مؤسسات صلبة، أحزاب ومنظمات مجتمع مدني في الفترة القادمة، أصبح هو بوصلة الجزائر الحقيقية في فترة الرئيس تبون، ويمكن وصف هذا بأنه أولوية الرئيس في خدمة مصالح الجزائر الوطنية ومصالح شعبها.
يعود هذا التوجه الوطني، بعد سنوات العبث والتيه البوتفليقي، نحو إعادة بناء الاقتصاد الوطني بدءاً من تنشيط القطاع الفلاحي وإحياء قطاع الصناعة الوطنية الذين دمرا بالكامل مع سبق الإصرار والترصد، خدمة لمصالح القوى الاستعمارية الغربية على حساب مستقبل الجزائر ورفاهية شعبها.
“عمي” تبون يترشح من أجل تعميق ما بدأه من عمل رغم كل العراقيل والضغوطات الدولية التي واجهها بكل شجاعة واستطاع فرض كلمة الجزائر في المحافل الدولية. لاحظنا تراجعاً واضحاً للعديد من المؤسسات الدولية التي كانت تتكالب في السابق على الجزائر، بدءاً من الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة الأمريكية. ردّة فعل الجزائر أصبحت تُحسب لها ألف حساب من جميع شركائها.
نتمنى لـ “عمي” تبون كل التوفيق في كسب رهان العهدة الثانية.
لخضر فراط صحفي معتمد لدى الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي مدير نشر جريدة المؤشر
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء
صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…