‫الرئيسية‬ في الواجهة رأي مقالات الوجه القبيح للإدارة الجزائرية
مقالات - 18 يوليو، 2024

الوجه القبيح للإدارة الجزائرية

الوجه القبيح للإدارة الجزائرية
كلما نطق مسؤول جزائري، سواء كان والياً أو وزيراً أو مسؤولاً آخر، تحدث الكارثة إذا كانت الكاميرا حاضرة. آخرها كان مسؤولاً يعتقد أنه برتبة وزير نعت سكان ولاية الجلفة بأوصاف بغيضة لا تليق أن تخرج من فم مسؤول جزائري يتمتع بكامل قواه العقلية ويحترم شخصه والآخرين.

الفيديوهات التي تظهر طريقة حديث الولاة والمسؤولين تملأ شبكات التواصل الاجتماعي، وهي مليئة بالكراهية والحقد والاحتقار للغير. لماذا هذا التعالي أمام المواطن أو الموظف البسيط؟ ألا توجد آليات ضمن الإدارة تمكن المسؤول من توبيخ الموظف بكل احترام أو حتى معاقبته وفصله من عمله حسب القانون؟ ألا يعلم الوالي مثلاً أن إهانة الموظف علناً تعد إهانة أولاً للوالي نفسه، ثم لعائلة الموظف وأبنائه وزوجته ووالديه وحتى قبيلته في بعض مناطق الجزائر؟

الحديث بتلك الطريقة المشينة عن سكان الجلفة وإلصاق صفات مشينة بهم بشكل جماعي هو أمر مخزٍ، وقائلها عديم الضمير والأخلاق ولا يستحق منصب المسؤولية. فالمسؤول مكلف بخدمة المواطن وليس لشتمه أو التجريح فيه، ولم يُكلف بنشر شكاوى المواطنين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي تعتبر أدوات تجسس عالمية تنقل صورة غير مرضية عن طرق تسيير الشأن العام في الجزائر والتعامل المشين مع المواطنين.

استعمال وسائل التواصل الاجتماعي من قبل المسؤول لإهانة الجزائريين هو أسوأ صورة تسوق عالمياً عن بلادنا، ولا تشبهها إلا الصور البغيضة والبائسة التي كان يستعملها المستعمر وهو يهين “الانديجان” الجزائري. ونعلم من التاريخ كيف رد “الانديجان” الجزائري على محتقريه، ووصل به الأمر إلى حمل السلاح لتحرير بلده من المستعمرين الطغاة.

من المفروض أن يقتدي هؤلاء المسؤولون بما يقوم به الرئيس عبد المجيد تبون، الذي يتحدث بكل احترام مع الموظفين ومع الشعب الجزائري، ولا يستعمل لغة التهديد أو الإهانة. فلماذا لا يتبع بعض الولاة والوزراء والمسؤولين هذا النهج في تعاملهم؟

إذا كان المسؤول منزعجاً من تصرفات الشعب الجزائري ولا يتحملها، فعليه الاستقالة والذهاب إلى منزله بدلاً من شتم الجزائريين ونعتهم بأوصاف مهينة ومشينة علناً وأمام العالم. لا توجد أي قوة تفرض على أي مسؤول البقاء في منصبه إذا لم يكن يجيد التعامل مع الشعب الجزائري، الذي يدفع له راتبه الشهري.

الظروف التي تمر بها الجزائر حالياً لا تسمح أبداً بهذه التصرفات، خاصة في تخصيص جهة معينة بأوصاف غير مقبولة سياسياً وأخلاقياً وإنسانياً. أهل الجلفة هم أناس أخيار ومحترمون ولهم تاريخ نضالي عريق ومشرف. كما أن هناك مناطق أخرى من الجزائر الكبيرة والشاسعة تعاني من تبعات ومخلفات نظام الفساد السابق الذي حاول أن يصنع طبقة من المسؤولين يتعاملون بتعالي وحقد وكراهية مع بقية الجزائريين البسطاء. محاربتهم والتنديد بهم واجب وطني لأن هذا التصرف لن يجلب لنا الخير أبداً، بل سيساهم في خلق المزيد من الاحتقان والتفرقة بين مختلف مناطق الجزائر، في وقت تنادي فيه السلطات العليا بالوحدة ونبذ التفرقة، وتعمل جاهدة لإخماد أي نار فتنة أو تصرف عنصري أو مناطقي.

يجب أن يدرك المسؤولون أن وسائل التواصل الاجتماعي هي وسائل تجسس عالمية تتمتع بنظام خوارزميات يجمع المعلومات ويحللها ليعتمدها أصحاب القرار العالمي في تبني مواقف ضد بلادنا، ناهيك عن دعم نباح الحركى 2.0.

لا يصلح استعمال وسائل التواصل الاجتماعي من قبل المسؤول بطريقة عشوائية. يجب أن يكون المسؤول محضراً لذلك ومدركاً لما يقول ويفعل، ومتقيداً بأخلاقيات وآداب الكلام والحديث وطرق مخاطبة الناس حتى لا يسيء لنفسه أولاً وللجزائر ثانياً.

لخضر فراط صحفي معتمد لدى الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي مدير نشر جريدة المؤشر

اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء

صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…