حروب الجيل الرابع والخامس: تهديد خفي يستهدف الجزائر
أكاد أجزم أن العبث بالألوان الوطنية، والذي تزامن مع إهانة عقيد سابق في الجيش الوطني الشعبي واتهامه علنًا بالسرقة أمام الرأي العام الوطني والدولي، يحمل في طياته خبايا التآمر على الجزائر. يمكن وصف هذا التآمر بأنه جزء من حروب الجيل الرابع والخامس، وهي الحروب التي طالما نبه من خطورتها قائد أركان الجيش الوطني الشعبي، اللواء السعيد شنقريحة.
تهدف هذه الحروب إلى ضرب الرموز الوطنية لزعزعة وعي المواطن الجزائري وتشكيكه في رموزه مثل العلم الوطني، الجيش، والمؤسسات. للأسف، الرد الرسمي على هذه الهجمات يكاد يكون غائبًا عن المشهد، مما يطرح عدة تساؤلات عن سبب هذا الغياب. ورغم أن هناك تحركات غير معلنة، إلا أن الرأي العام لا يراها ولا يسمعها بوضوح.
تستهدف حروب الجيل الجديد العقول والضمائر الجزائرية، وهي امتداد لما يروج له الحركى 2.0 على مدار الساعة. وتواجه هذه الحروب إرادات وطنية غير مدعومة بشكل كافٍ من السلطات، التي من المفروض أن تساهم في تنظيمها ودعمها لتكون درعًا إعلاميًا حديثًا في وجه المؤامرات، مهما كان مصدرها من الداخل أو الخارج.
لا يكفي أن نحاضر عن حروب الجيل الجديد فقط، بل يجب وضع آليات لمواجهتها. الأخطر من هذه الحروب هي التي تطبخ من داخل الجزائر ومن عمق المؤسسات، حيث تغلغلت وتسللت إليها في سنوات نظام الفساد. تشكلت هذه الشبكات بعناوين مختلفة، منها الدينية والثقافية، وشبكات من الشواذ الجنسي أو المثليين، دون التحدث عن التصرفات الشخصية.
هناك أيضًا شبكات مشكلة من أبناء الحركى وشبكات تمارس الأثنية والشللية والجهوية، مما يشكل تهديدًا للأمن القومي الجزائري. في بعض الأحيان، تتقاطع هذه الشبكات فيما بينها، وهناك شبكات ذات ولاء خارجي لقوى معادية للجزائر تعمل على اختراقها وتدميرها.
تعتبر الشبكات أخطر ما تواجهه أي دولة في العالم، لأنها تلغي الدولة الوطنية. لا توجد أي دولة تقبل بتشكيل الشبكات داخلها دون محاربتها. حتى الكنيسة الساينتولوجية في بلجيكا اعتبرت طائفة تعمل بطريقة الشبكات وتم منعها والقضاء عليها تمامًا. أجبرت الحكومة البلجيكية، على سبيل المثال، طائفة الحركة الماسونية على النشاط العلني وفتح مقراتها للزيارات ومنعتها من أي نشاط خفي قد يشكل خطرًا على الدولة، وأصبح الإعلام يندد ويفضح المنتمين لها.
نشاط الشبكات مناهض للدولة ويصنع اللادولة، لأنه يعمل على تحقيق مصالح الفئة التي يمثلها. تستطيع هذه الشبكات الوصول إلى الحكم بسهولة وتصدر حتى القوانين التي تتوافق مع نشاطها، مما يهدد استقرار المجتمع ويفكك الدولة.
حروب الجيل الجديد هي أخطر الحروب على الإطلاق، وأعقدها وأصعبها في المواجهة. يتطلب التصدي لها الكثير من الحذر والتتبع لتفكيكها قبل أن تتحول إلى غول حقيقي يهدد استقرار المجتمع وتفكيك الدولة.
لخضر فراط، صحفي معتمد لدى الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي، مدير نشر جريدة المؤشر
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء
صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…