‫الرئيسية‬ الأولى من باريس إلى الرباط.. تحالف يهدد الامن القومي الجزائري
الأولى - الوطني - 30 يوليو، 2024

من باريس إلى الرباط.. تحالف يهدد الامن القومي الجزائري

من باريس إلى الرباط.. تحالف يهدد الامن القومي الجزائري
الجزائر تسحب سفيرها من باريس في رد سريع على إعلان تغيير فرنسا لموقفها الرسمي من قضية الصحراء الغربية واعتبارها الحل المغربي للحكم الذاتي هو الحل لأزمة الصحراء الغربية.

لا يمكن قراءة تغيير أو بالأحرى ترسيم الموقف الفرنسي الذي لم يكن معلنًا فقط يدعم حل الحكم الذاتي المغربي للصحراء الغربية، فرنسا لسنوات كانت تأخذ من الجزائر الصفقات بالمليارات من الدولارات ولكن سياسيًا تدعم المغرب، الذي صنعه الماريشال ليوطي، في المحافل الدولية ولم تكن يومًا لصالح تقرير مصير الشعب الصحراوي رغم أنها تتظاهر بذلك كعضو في مجلس الأمن وتساند شكليًا القرار الأممي لكن الحقيقة كانت عكس ذلك تمامًا.

بدأ الموقف الفرنسي يتغير رسميًا بعد أن قررت الجزائر تغيير سياستها تجاه باريس واتجهت إلى التنويع خدمة لمصالحها مع دول أوروبية أخرى إيطاليا، إسبانيا، ألمانيا وعمقت علاقاتها مع الصين وروسيا، طبعًا فرنسا لم تتحمل هذا التغيير الذي أصبح من الجانب الجزائري يعطي الأولوية للمصلحة الوطنية ولم تعد العقود والمليارات تتدفق على الاقتصاد الفرنسي كما كانت مع النظام السابق الذي أوصل الجزائر إلى حافة الإفلاس وأهدر كل مقدراتها المالية رغم ضخامتها.

كما حاولت فرنسا في عدة مناسبات إقناع الجانب الجزائري لشراء معدات عسكرية ومنها الطائرات ولكنها لم تجد آذانًا صاغية لدى الطرف الجزائري الذي يفضل الاستمرار في علاقاته العسكرية مع روسيا وتنويع باتجاه الصين والتي أصبحت تنتج أيضًا أسلحة متطورة جدًا تتناسب مع ما تريده الجزائر.

وبعد تطوير الإنتاج الوطني في عدد من المجالات وخاصة منها الإنتاج الفلاحي تقلصت عمليات الاستيراد من الأسواق الفرنسية ورأينا ذلك مع صفقات القمح التي أصبحت الجزائر بعد تغيير في دفتر الشروط تشتريه من الأسواق الروسية إلى جانب أنها طورت بصفة ملحوظة إنتاجها الوطني.

التغييرات الجيو استراتيجية وتحكم التيار الوطني في مقاليد السلطة في الجزائر الذي غير بوصلة الجزائر الاقتصادية والسياسية والدفاعية أصبح يشكل كابوسًا للاستعمار الفرنسي يمنع الاستمرار في نهب الأموال الجزائرية واستنزاف مواردها كما حصل في عهد بوتفليقة الفاسد.

الصفقة التي قام بها المخزن المغربي مع فرنسا لها جانب مهم وهو ضمان انتقال سلس للسلطة إلى ولي العهد في حالة تدهور فجأة لصحة الملك محمد السادس وخاصة بعد بروز مشاكل في داخل العائلة الحاكمة من شأنها أن تصعب انتقال السلطة أو تمنعها باتجاه ولي العهد، ففرنسا هي الضامن للانتقال مقابل أيضًا تنازلات ستظهر مع الوقت، تكون اقتصادية سياسية وعسكرية وقد تتجسد بمنح قواعد عسكرية لفرنسا في المنطقة بعدما فقدت توازنها في دول الساحل لتتمكن من الحفاظ على حضور لها في إفريقيا وأيضًا تتمكن من تهديد أمن الجزائر في إطار تحالف ثلاثي إسرائيل المغرب وفرنسا المنزعجة أيضًا من العلاقات الأمريكية الجزائرية الجيدة خاصة بعد ظهور دراسات في مراكز الفكر الأمريكية مثل “الراند كوربوريشن” التي تنصح البيت الأبيض بالتقارب السريع مع الجزائر والتخلي عن المغرب، وطبعا هذا يزعج فرنسا بالتأكيد التي تريد بناء تحالف عسكري على حدود الجزائر ونتذكر في السبعينات كيف استعملت طائراتها لقصف ثوار البوليساريو خلال فترة حكم الرئيس جيسكار ديستان اليميني.

الصفقة تبدو معقدة ولم تكشف كل أسرارها ولكن انزعاج الجزائر وسرعة ردها الأول ثم الثاني تؤكد على أن الأمور خطيرة وموجهة وتستهدف الأمن القومي بالدرجة الأولى.

التغير يحدث في وقت الغرب لم يعد يتحدث فيه عن القانون الدولي بل أصبح يتكلم عن القواعد القانونية والفرق شاسع، فالقواعد تتغير والغرب هو من يضعها عكس القانون الدولي الذي يضمن مصالح المجموعة الدولية ومستقر، بدأ هذا الانزلاق من فترة اندلاع حرب أوكرانيا التي فشل فيها الغرب فشلا ذريعا ولم يحقق أي من أهدافه ضد روسيا وطبعا فرنسا في صراعها ضد روسيا تنظر إلى الجزائر لأنها تعتقد بأن إضعاف روسيا يجعل من الجزائر لقمة سائغة وسهلة وستضعف سريعا وتقبل بشروط باريس.

فرنسا هي أيضًا قوة نووية وإذا تحصلت على قواعد عسكرية لا أحد يمنعها من نقل أسلحة نووية إليها كما تفعل أمريكا في نقل صواريخ بعيدة المدى تحمل رؤوس نووية إلى ألمانيا لتهديد موسكو، قضية للمتابعة.

لخضر فراط صحفي معتمد لدى الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي مدير نشر جريدة المؤشر

اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء

صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…