مناضلو الأمس ورياضيّو اليوم يواجهون التحديات نفسها
عندما قررت المخابرات الفرنسية تأسيس “اليد الحمراء” وهي ذراع شبه عسكري تخصص في قتل المناضلين الجزائريين الناشطين في الخارج خلال فترة الحرب التحريرية من أجل إسكات صوتهم وصدى الثورة الجزائرية ومنع تمددها في أوروبا، قتلت اليد الحمراء في مدينة لياج البلجيكية بالخطأ الأستاذ وأب المناضل والمجاهد البلجيكي لوبارش، صديق المناضل الطالب رشيد كريم. ثم انتقلت لقتل المناضل الشرس الطالب في السنة السابعة بكلية الطب، أكلي عيسيو، في عام 1960. فوجئت المخابرات بظهور العلم الجزائري فوق تابوت الشهيد خلال مراسيم دفنه، وتناقلت الحدث عشرات القنوات التليفزيونية ووسائل الإعلام الأخرى. أصبحت هذه فرصة للعالم للتعرف على نضال الشعب الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي، مما دمر كل خطط ومشاريع المخابرات الفرنسية في محاولتها لإخماد صوت الثورة الجزائرية. فما أشبه اليوم بالبارحة.
الرياضية إيمان خليف تعرضت لحملة إعلامية ودعائية ضخمة بهدف التنمر عليها وإخراجها من المنافسة، وطبعًا للإساءة للجزائر. ولكن، ما حدث هو العكس تمامًا؛ فقد صنعت لها الحملة المضادة سمعة عالمية. الحملة التي نهضت تلقائيًا لدعمها ومساندتها كانت قوية جدًا، مما زادها عزيمة. واليوم، أصبحت إيمان خليف من أبرز الرياضيين في الملاكمة النسوية المعروفة في العالم، رغم كل ما فعله ضدها المخزن وحلفاؤه، ورغم تصريحات جورجيا ميلوني التي أخطأت التقدير، وماثيو سالفيني العنصري الانفصالي، وغيرهم، ورغم أيضًا السكوت المؤسف والمقيت للمسؤولين الجزائريين، باستثناء الرئيس عبد المجيد تبون الذي ساندها بتغريدة داعمة. كما قام الرئيس تبون بمهاتفة كيليا نمور شخصيًا بعد فوزها بالذهبية الأولمبية، وبعد أن فازت بالفضية في مسابقة بطولة العالم، ولم يتأخر أبدًا في دعم الرياضيين الجزائريين أينما كانوا. ولكن ماذا عن المسؤولين الآخرين؟ أليسوا معنيين بالرد على نظرائهم على الأقل؟
ترامب وإيلون ماسك، الذي لديه ابن متحول جنسياً، فضحا على وسائل التواصل الاجتماعي وفدرالية الملاكمة شكلت آلة منظمة لتدمير إيمان، ولكن النتائج جاءت عكس التوقعات والخطط التي رسمت في السر لتدمير الرياضية، تمامًا كما رسمت المخابرات الفرنسية خطة “اليد الحمراء” بقتل المناضلين من أجل إسكات صوت الثورة الجزائرية، فانقلب السحر على الساحر.
التاريخ يعيد نفسه. تحولت خطة تدمير الرياضية إيمان خليف إلى عكس ما رُسم لها وأصبحت أشهر رياضية في العالم. أصبح المتابعون لمنازلاتها وحسابها على وسائل التواصل الاجتماعي بأعداد ضخمة، والمتعاطفون في الجزائر وخارجها بالملايين. تحولت من رياضية بسيطة إلى شخصية عالمية. هكذا هو التاريخ؛ ينقلب ضدك مهما خططت ونظرت وحاولت إيذاء الآخرين.
التعاطف العربي والعالمي للرياضية كان واسعًا جدًا، بما في ذلك رئيس اللجنة الأولمبية نفسه. سقطت كل مخططات التآمر ضد إيمان خليف، ونتمنى لها الوصول إلى حصد الميدالية الذهبية.
لخضر فراط صحفي معتمد لدى الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي مدير نشر جريدة المؤشر
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
الزليج الجزائري يتوج في معرض “إكسبو 2025 أوساكا” باليابان
تألقت الجزائر مجددًا على الساحة الدولية من خلال تتويجها بالميدالية الفضية لأفضل تصميم خارج…