المخدرات والجريمة المنظمة: طريق المخزن للضغط والتأثير (الحلقة الأولى)
تشكل تجارة تهريب المخدرات مصدرًا رئيسيًا للعملة الصعبة بالنسبة للمخزن المغربي. بعد أن تربع المغرب لسنوات على قائمة الدول الأكثر إنتاجًا للقنب الهندي، ضاعف في عام 2021 مساحة زراعته لهذا النوع من المخدرات بثماني مرات، ليجعل من القنب الهندي رهانه الأساسي.
ولا عجب أن يعلن ملك المغرب عن إطلاق سراح جميع المزارعين للقنب الهندي الذين كانوا في السجون، في خطوة تعكس حجم الاعتماد على هذا القطاع. النظام المخزني، الذي يتحكم في زراعة وتجارة المخدرات، يراهن على المكاسب المالية والسياسية التي يجنيها من وراء هذه الأنشطة، حيث يتحكم في طرق التهريب وباروناته، ويستفيد أيضًا من تدفق الجريمة المنظمة المرتبطة بهذه التجارة في الدول المجاورة.
تورط المخزن:
أ. العائلة الملكية:
منذ أن بدأ القنب الهندي المغربي، المعروف محليًا بالحشيش، في اجتياز الحدود مع الإقبال الأوروبي عليه في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات، تولت العائلة الملكية اهتمامًا خاصًا بظاهرة التهريب. جعلت العائلة الملكية من هذه الأنشطة مصدرًا للثروات الطائلة. ولا يزال أفراد من عائلة محمد السادس متورطين في تهريب المخدرات، بما في ذلك الملك نفسه وشقيقه وشقيقاته. وقد أشار مسؤول في الجمارك المغربية إلى حادثة وقعت في ميناء طنجة عام 2013، حيث تم اكتشاف شاحنة محملة بالمخدرات، إلا أن الأوامر من مدير الجمارك كانت واضحة بترك الشاحنة تسير لأنها كانت مملوكة لشقيقة الملك. وأثارت هذه الواقعة تساؤلات حول كيفية عدم استفادة الأفراد من هذه الأنشطة، خاصة عندما يكون كبار المسؤولين أنفسهم متورطين في التهريب.
كما كشفت التحقيقات عن اعتقال بارون المخدرات أملاح فكري في عام 2021، الذي كان على علاقة بشقيق الملك في تجارة المخدرات. تم استدراجه من الولايات المتحدة إلى إسبانيا عبر عملاء مغاربة، حيث تم القبض عليه في برشلونة. ورغم أن الصحافة الإسبانية احتفلت بالقبض عليه كإنجاز، فإن الحقيقة تكمن في أنه كان انتقامًا من قبل المخابرات المغربية لشقيق الملك بعد تمرد فكري عليه. وهكذا، تعتبر العائلة الملكية المغربية أكبر المستفيدين من تجارة المخدرات، وتلعب دورًا رئيسيًا في التهريب سواء إلى أوروبا أو إفريقيا.
ب. أجهزة المخابرات المغربية وتهريب المخدرات وتأثيرها الداخلي:
تشكل عائدات تجارة المخدرات التي تديرها أجهزة المخابرات المغربية (DGST) و (ADGD) صناديق سوداء تُستخدم في العمليات المشبوهة داخل المغرب وخارجه. يمتلك كل جهاز عصابات تهريب وبارونات تحت إشرافه، ويتم اعتقال أي بارون يحاول التمرد أو البحث عن مكان آمن. مع انتقال السلطة إلى محمد السادس، ركز أصدقاؤه على المخدرات كمصدر رئيسي للثروة والسيطرة السياسية والاقتصادية. وقد عمل كل من الهمة، المسؤول عن الأمن الداخلي، وياسين المنصوري، المسؤول عن الأمن الخارجي، على جعل المخدرات والجريمة المنظمة العابرة للحدود محور التمويل والتأثير لجهازيهما. تم استبدال الأسماء المسيطرة على تجارة المخدرات في الشمال ببارونات جديدة موالية، وتمت السيطرة على نقاط التهريب الأساسية عبر الحدود، من الشمال إلى الجنوب، بما في ذلك مناطق في البحر والحدود مع الجزائر وموريتانيا.
أنشأت أجهزة المخابرات “نخب” تهريب جديدة وشجعتهم على الاستثمار، مما سمح لهم بدخول الحياة السياسية والبرلمان. كما استحوذ بارونات المخدرات على الاستثمارات الكبرى من المطاعم والفنادق إلى العقارات، واستثمروا في قطاعات متنوعة لتبييض الأموال وتهريب المخدرات. سيطرت هذه النخب على جميع الأحزاب السياسية في البرلمان، وأسست وسائل إعلامية لدعم سياسات المخزن، بينما خنقوا الصحافة المستقلة عبر تقليص إعلاناتها.
لقد خلق جهازا المخابرات شبكة واسعة من العملاء والمخبرين داخل المؤسسات العامة والخاصة والأحزاب والنقابات، مما ساعد في توسيع نفوذهما. تحكم هذه الأجهزة الوضع الداخلي من جميع الجوانب، وخلقت عصابات إجرامية ليس فقط للتهريب والترويج، ولكن أيضًا لتهديد المعارضين دون تدخل الأجهزة الرسمية. كما تمكنت الأجهزة من فرض رقابة صارمة على القضاء، مما حوله إلى أداة للانتقام وملاحقة المعارضين، بينما غضت الطرف عن فساد القضاة وتحويل القضاء إلى مجال للمضاربة والسمسرة.
وبهذا، تحكم أصدقاء محمد السادس في جميع جوانب الحياة في المغرب من السياسة إلى الإعلام والاقتصاد، وأسسوا نخبًا تدافع عن سياساتهم. كل من حاول فضح هذه الأنشطة، حتى بالإشارة، كان مصيره السجن أو الموت في ظروف غامضة. وفي الوقت الذي أزال فيه كبار الجنرالات ورجال الدولة السابقين، استحوذوا على المجالات الاقتصادية التي كانوا يسيطرون عليها، من الصيد البحري إلى الفلاحة والبناء، واستثمروا في تهريب العملة الصعبة والمخدرات.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
المخزن واستراتيجية الاستفزاز الفارغ
تسارعت أبواق المخزن وأخواتها في المغرب والشقيقة موريتانيا إلى تناول الزيارة الخاصة التي يق…