غزة.. هنا تقبر الإنسانية
تمر سنة كاملة منذ بدء العدوان الصهيوني على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، حيث يستمر القصف والدمار ليحصد أرواح الآلاف من المدنيين، معظمهم من الأطفال والنساء. لقد كان عامًا مليئًا بالألم والمعاناة، حيث تحول القطاع المحاصر إلى مشهد من الدمار المتواصل وسط غياب الأفق لإنهاء الأزمة الإنسانية المتفاقمة. وفي خضم هذا المشهد المأساوي، تكشفت أقنعة الغرب الذي طالما ادعى احترام حقوق الإنسان، لتتحول غزة إلى وصمة عار في جبين كل من يتغنى بالإنسانية.
تصاعد حصيلة الشهداء والمصابين على مدار عام كامل، ارتفعت حصيلة الشهداء في قطاع غزة لتصل إلى أكثر من 41,870 شهيدًا، بينما تجاوز عدد الجرحى 97,000 شخص، مما يعكس وحشية القصف اليومي الذي لا يستثني أي جزء من هذا الشريط الساحلي المكتظ بالسكان. وتفاقمت الأزمة الإنسانية بشكل مأساوي، حيث لا تزال جثث آلاف الشهداء تحت الأنقاض، في مشهد يصور حجم الكارثة الإنسانية التي خلفتها آلة الحرب الصهيونية.
لم يتوقف العدوان الصهيوني على غزة عند القصف العشوائي على المباني السكنية والمستشفيات والمدارس، بل شمل أيضًا ارتكاب مجازر مروعة بحق العائلات الفلسطينية. في الأيام الأخيرة فقط، ارتكبت قوات الاحتلال ثلاث مجازر جديدة، راح ضحيتها عشرات الشهداء ومئات الجرحى، ليصل إلى المستشفيات 45 شهيدًا و256 مصابًا خلال الـ 24 ساعة الماضية فقط. وما يزيد من فداحة المأساة هو أن عددًا كبيرًا من الضحايا ما زالوا تحت الأنقاض، بينما تعجز فرق الإنقاذ والإسعاف عن الوصول إليهم بسبب القصف المستمر.
عام من الحرب المستمرة
عام من الحرب المستمرة يعني حياة يومية مليئة بالخوف والرعب لسكان غزة. آلاف العائلات نزحت من منازلها بحثًا عن ملاذ آمن، رغم أن القطاع لا يوفر أماكن آمنة في ظل القصف الجوي المكثف. تدهورت الخدمات الصحية بشكل كبير، حيث تعاني المستشفيات من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، بينما يواجه مرضى السرطان والفشل الكلوي وغيرهم من ذوي الحالات الحرجة صعوبات كبيرة في الحصول على العلاج.
عجز أمام الكارثة
تقف فرق الإسعاف والدفاع المدني عاجزة أمام حجم الكارثة. عشرات الآلاف من الجرحى ينتظرون العلاج، وآلاف الجثث ما زالت تحت الأنقاض، مما يزيد من حجم المأساة. مع كل يوم يمر، تزداد صعوبة إنقاذ المدنيين العالقين تحت الركام، حيث تعمل هذه الفرق في ظل قصف مستمر يهدد حياتهم.
أقنعة الغرب تسقط تحت القصف العشوائي
لم يكشف العدوان المتواصل على غزة فقط عن مدى وحشية الاحتلال، بل أسقط الأقنعة عن كثير من الدول الغربية التي تدعي دعم حقوق الإنسان واحترامها. في الوقت الذي يتغنى فيه الغرب بمفاهيم الحرية والعدالة، يقف صامتًا أمام المجازر التي ترتكب بحق شعب بأكمله. إن صمت الدول التي تتباهى بحماية الحريات وحقوق الإنسان، ودعمها المباشر أو غير المباشر للعدوان، يكشف عن نفاقها ويجعل غزة وصمة عار في جبين كل من يدعي الإنسانية.
كيف يمكن لهذه الدول أن تدافع عن حقوق الإنسان في كل مكان بينما تغض الطرف عن المجازر في غزة؟ القصف العشوائي الذي يستهدف الأطفال والنساء والمستشفيات والمدارس، يقصف أيضًا كل الادعاءات الزائفة التي يتستر بها الغرب. غزة اليوم ليست فقط رمزًا للصمود الفلسطيني، بل هي أيضًا اختبار لمصداقية تلك الدول التي ترفع شعارات فارغة.
ورغم مرور عام من القصف والقتل والدمار، يستمر أهل غزة في صمودهم البطولي. هذا الصمود يتحدى الحصار والجوع والدمار، ويجسد قوة الإرادة الفلسطينية التي لا تُهزم. لقد أثبت سكان غزة للعالم أنهم قادرون على الثبات رغم كل المحاولات لكسر عزيمتهم، وهم لا يزالون يؤمنون بإمكانية إعادة بناء ما دمرته الحرب والعودة إلى حياة طبيعية.
عام من القصف ترك غزة في حالة من الدمار الشامل، لكنه لم ينل من صمود أبنائها. معاناة مستمرة ومجازر لا تتوقف، ولكن الأمل يبقى دائمًا في قلوب من يعيشون تحت النار. عام يمر وغزة ما زالت صامدة في وجه أكبر آلة عسكرية في المنطقة، تنتظر اليوم الذي يتحقق فيه السلام والعدالة على أرضها. وفي الوقت نفسه، ستبقى غزة شاهدة على نفاق العالم وصمته، ووصمة عار على جبين كل من يدعي الدفاع عن حقوق الإنسان ولا يحرك ساكنًا لوقف هذا العدوان.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
القضاء يطوي صفحة ساركوزي.. أول رئيس فرنسي يدخل السجن يوم 21 أكتوبر
يدخل نيكولا ساركوزي التاريخ من أوسع أبوابه، لا كرجل دولة استثنائي كما أراد لنفسه ذات يوم، …