لن ننسى.. ولن يتلاشى الأثر..
تمر اليوم ذكرى أحداث 17 أكتوبر 1961، اليوم الذي يرسخ في وجدان الأمة الجزائرية كجرح عميق في الذاكرة الجماعية، لكنه أيضاً شاهد على صمود شعب عانى ويلات القمع والاستبداد، وواجه عنفاً غير مبرر لتحقيق أبسط حقوقه الإنسانية. لقد كانت تلك الأحداث أكثر من مجرد احتجاج؛ كانت صرخة من أجل الحرية والكرامة، صوتاً حُجب، وأرواحاً زهقت لتبقى شاهداً على همجية قمع الاستعمار الفرنسي ومظلومية الجزائريين في بلاد الغربة.
في ذلك اليوم، اجتمع آلاف الجزائريين في باريس، عاصمة الدولة المستعمِرة، للتظاهر سلمياً ضد الإجراءات التعسفية وحظر التجول الذي فُرض عليهم. كانت مطالبهم بسيطة: معاملة كريمة، حقٌّ في العيش بحرية، ونهاية للتمييز. لكن الرد كان قاسياً وبشعاً، حيث استخدمت الشرطة الفرنسية القوة المفرطة، وألقت بالعشرات من المتظاهرين في نهر السين، ليختفوا تحت أمواج الظلام، وتغدو باريس – ولو لليلة – شاهدة على جريمة لن تُنسى.
طوال عقود، حاولت السلطات الفرنسية التعتيم على تلك الأحداث، لكن أصوات الضحايا وأسرهم وأصوات الجزائريين لم تخفت يوماً. بقوا مصرّين على التذكير بما حدث، ليجعلوا من هذا اليوم درساً للتاريخ، وليؤكدوا أن الذاكرة لا تموت وأن الأثر لا يتلاشى. الجزائر، التي عاشت سنوات من النضال حتى نالت استقلالها، ظلت وفية لذكرى هؤلاء الشهداء، معتبرةً إياهم جزءاً لا يتجزأ من مسيرتها نحو الحرية.
اليوم، وأمام إصرار الشعب الجزائري، لم تعد أحداث 17 أكتوبر مجرد ذكرى عابرة، بل باتت رمزاً للصمود والإصرار على الحق. إنها تذكيرٌ قوي بأن كرامة الشعوب ليست قابلة للمساومة، وأن الشعب الجزائري سيظل متمسكاً بحقه في العدالة، مطالباً بالاعتراف بحجم المعاناة والظلم الذي تعرض له.
لن ننسى تلك الأرواح التي راحت ضحية للظلم والتعسف، ولن نتوقف عن المطالبة بحقوقنا في الاعتراف والعدالة. أحداث 17 أكتوبر هي جرح في ذاكرة الأمة الجزائرية، لكنها أيضاً درسٌ للعالم بأن الحرية تُنتزع بالنضال، وأن صلابة الشعوب قادرة على دحر كل أشكال الاستبداد. إنها قصة شعب لم يرضخ، وناضل حتى نال استقلاله، وسيبقى متشبثاً بحقه في الكرامة والعدالة، متطلعاً لمستقبل قائم على الاعتراف والاحترام المتبادل بين الأمم.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
القضاء يطوي صفحة ساركوزي.. أول رئيس فرنسي يدخل السجن يوم 21 أكتوبر
يدخل نيكولا ساركوزي التاريخ من أوسع أبوابه، لا كرجل دولة استثنائي كما أراد لنفسه ذات يوم، …