‫الرئيسية‬ الأولى ماكرون في المغرب.. مقامرة سياسية في الوقت الضائع؟
الأولى - مقالات - 31 أكتوبر، 2024

ماكرون في المغرب.. مقامرة سياسية في الوقت الضائع؟

ماكرون في المغرب.. مقامرة سياسية في الوقت الضائع؟
لم يكن من قبيل الصدفة أن يقوم الرئيس الفرنسي بزيارة المغرب في هذا التوقيت بالذات، وإعلانه أمام البرلمان بدعم موقف المغرب بخصوص الصحراء الغربية ليس إلا ستارًا يخفي حقائق وأسرار الزيارة. أول ما يلفت انتباه أي مراقب للشأن الدولي هو توقيت الزيارة الذي اختاره ماكرون، والذي يأتي في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة حالة شلل سياسي تام بسبب الحملة الانتخابية الرئاسية الصاخبة، ما يجعلها منشغلة داخليًا ولا تعير اهتمامًا كبيرًا لما يحدث في العالم باستثناء قضايا مرتبطة بإسرائيل نظراً لتأثير اللوبي المؤيد لها في الانتخابات الأمريكية.

أما بقية القضايا فتتراجع في أولوياتها، وهو ما استغله ماكرون للتسلل إلى المغرب ومحاولة أن يصبح “عراب” العائلة العلوية التي تعاني من أزمات متلاحقة لم تتمكن الآلة الدعائية المخزنية ولا الأطراف الفرنسية المناوئة للجزائر من إخفائها.

وأول من كشف أبعاد زيارة ماكرون كان الحالة الصحية التي ظهر بها الملك محمد السادس، في إشارة واضحة إلى استعجاله لنقل السلطة إلى ولي عهده الذي يفتقر إلى الإجماع الضروري داخل العائلة الحاكمة، التي تفضل الأمير رشيد، شقيق الملك، كخليفة محتمل. وتدعم الولايات المتحدة هذا الاتجاه، وترفض تولي ولي العهد عديم الخبرة إدارة شؤون البلاد، مما قد يدفعها، في حال تعنت النظام، إلى دعم انقلاب ضد الملكية برمتها.

تسرع الملك محمد السادس في الارتماء في أحضان فرنسا بدعم من إسرائيل واللوبي الصهيوني لضمان انتقال سلس للسلطة إلى ابنه قد يتحول إلى كابوس بعد الانتخابات الأمريكية المقبلة، إذ تعتبر واشنطن الوضع الحالي في المغرب خطراً حقيقياً على أمن منطقة البحر الأبيض المتوسط مع تصاعد مؤشرات تهدد استقرار البلاد، خصوصاً وأن الملك أصبح عاجزاً عن أداء مهامه، وهو ما تعكسه الصور التي ظهر فيها.

ماكرون يسعى للعب دور الماريشال ليوطي، ولكن في التوقيت الخاطئ، حيث أن الظروف التاريخية التي مكنت ليوطي من تأسيس المملكة المغربية ليست ذاتها اليوم. ماكرون، الذي يبدو وكأنه خارج التاريخ، يحاول أن يلعب دورًا أكبر من حجمه، خصوصًا أمام الولايات المتحدة وحتى إسبانيا، الجارة الأقرب التي تبدو منزعجة من زيارة ماكرون وحصوله على 10 مليارات يورو مقابل دعمه للعائلة العلوية في ترتيب انتقال السلطة.

قضية الصحراء الغربية، رغم أهميتها، ليست سوى عربون يُقدم للشارع المغربي لإظهار أن الملك محمد السادس يدافع عن بلده، في حين أنها ليست إلا شجرة تخفي غابة الصراعات حول خلافة الملك المريض. وتشير معظم المؤشرات إلى أن شقيقه رشيد يحظى بإجماع العائلة وبدعم دولي مهم قد يسهل اعتلاءه العرش، بينما يبقى السيناريو الآخر المحتمل هو انقلاب الجيش وتغيير النظام السياسي بإنهاء الملكية بالكامل، وهو أمر بات يلقى دعماً متزايداً من الشارع المغربي.

يبقى السؤال: هل سينجح ماكرون، الذي أخفق في إدارة شؤون بلده، في نقل السلطة بسلاسة إلى ولي عهد محمد السادس، أم سيواجه الفشل مجددًا في علاقاته الخارجية ويحول فرنسا إلى دولة ضعيفة على الساحة الدولية؟


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء

صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…