‫الرئيسية‬ في الواجهة رأي الافتتاحية هل تكون العمارات الشاهقة حلاً أم مشكلة؟
الافتتاحية - 3 نوفمبر، 2024

هل تكون العمارات الشاهقة حلاً أم مشكلة؟

هل تكون العمارات الشاهقة حلاً أم مشكلة؟
أطلقت وزارة السكن والعمران والمدينة برنامج “عدل 3″، الذي يهدف إلى بناء وحدات سكنية جديدة، بما في ذلك العمارات بارتفاع 30 طابقًا. ورغم أن هذا الخيار قد يبدو مغريًا من الناحية المعمارية، إلا أنه يثير العديد من التساؤلات حول مدى ملاءمته وفعاليته، خصوصًا في ضوء التجارب السابقة مع برنامجي “عدل 1″ و”عدل 2”. فهذه البرامج كانت قد واجهت العديد من التحديات، وخاصة فيما يتعلق بالصيانة والتشغيل.

تاريخ برنامج “عدل” مليء بالمشاكل، حيث تعرضت الكثير من العمارات لأعطال متكررة في المصاعد، التي تُعتبر من أهم المرافق في العمارات الشاهقة. هذه الأعطال، التي قد تستغرق عمليات إصلاحها أكثر من شهر، تؤثر سلبًا على حياة السكان، لاسيما أولئك الذين يعتمدون على المصاعد بشكل يومي. هذه التحديات لا تعكس فقط عدم كفاءة الشركات المسؤولة عن الصيانة، بل أيضًا ضعف التخطيط والرقابة من قبل فروع التسيير العقاري “جاست إيمو”. مع تزايد عدد السكان في المناطق الحضرية، تصبح هذه القضايا أكثر إلحاحًا، مما يستدعي النظر الجاد في تأثير الأعطال المستمرة على راحة المواطنين.

لتحقيق النجاح في “عدل 3″، يتطلب الأمر وضوحًا في استراتيجية وزارة السكن لضمان عدم تكرار الأخطاء السابقة. ينبغي أن تتضمن هذه الاستراتيجية خطة شاملة لصيانة المباني، مع ضمان وجود فرق فنية مؤهلة للتعامل مع أي أعطال بسرعة وكفاءة. من الضروري أيضًا أن تشمل الخطة نظامًا دقيقًا للرصد والتقييم، يتيح للوزارة التعرف على المشاكل المحتملة قبل تفاقمها.

علاوة على ذلك، يجب على الوزارة تعزيز التنسيق مع الشركات الخاصة المسؤولة عن الصيانة. التجارب السابقة أثبتت أن “جاست إيمو” تعاني من ضعف في إدارة الصيانة، مما أدى إلى إدانات من قبل المحاكم الوطنية.

بالإضافة إلى تحديات الصيانة، يواجه برنامج “عدل 3” العديد من التحديات الأخرى. فاختيار بناء عمارات بارتفاع 30 طابقًا يتطلب دراسة دقيقة للقدرة على استيعاب هذا النوع من البناء من حيث البنية التحتية. ينبغي أن تضمن الوزارة توفر خدمات أساسية مثل المياه، والكهرباء، والطرق المعبدة، والمواصلات العامة لتلبية احتياجات السكان. كما يجب التفكير في الجوانب الاجتماعية والنفسية للسكان الذين سيعيشون في هذه العمارات، لأن العيش في عمارات شاهقة قد يؤثر على العلاقات الاجتماعية ويزيد من الشعور بالانفصال عن المجتمع. لذا، ينبغي أن تشمل الاستراتيجيات أيضًا تطوير المساحات العامة والمرافق الاجتماعية لتعزيز التفاعل بين السكان.

علاوة على ذلك، تعتبر الجزائر منطقة نشاط زلزالي، مما يزيد من أهمية تصميم العمارات الجديدة وفق معايير السلامة الهندسية. يتطلب ذلك أن تتبنى وزارة السكن معايير بناء صارمة تأخذ بعين الاعتبار مخاطر الزلازل. ينبغي أن تشمل الحلول اعتماد تقنيات البناء الحديثة التي تضمن أن تكون الهياكل قادرة على مقاومة الزلازل، وذلك من خلال استخدام مواد بناء متينة وتصميمات مرنة. كما يجب أن تشمل خطة الوزارة إجراء تقييمات دورية للبنايات القائمة والمستقبلية لضمان امتثالها لمعايير السلامة. ويمكن أن تساهم التوعية المجتمعية حول إجراءات السلامة أثناء الزلازل في تعزيز استجابة السكان في حالة وقوع أي طارئ.

إن نجاح برنامج “عدل 3” يعتمد على قدرة وزارة السكن على التعلم من التجارب السابقة وتبني نهج شامل يركز على الجودة والراحة. يجب أن يكون هناك تعاون قوي بين كافة الجهات المعنية، بما في ذلك السلطات المحلية والمواطنين، لضمان استفادة الجميع من هذا البرنامج بشكل فعّال. إن استثمار الوقت والجهد في التخطيط الجيد والتقييم المستمر سيؤدي إلى نتائج إيجابية، تساهم في تحسين جودة الحياة للمواطنين وتعزز الاستقرار الاجتماعي. ويجب أن يكون الهدف النهائي هو توفير سكن آمن ومريح لجميع المواطنين، مع مراعاة المخاطر الزلزالية التي قد تواجه البلاد.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

اليمين المتطرف يهاجم الطلبة الجزائريين في فرنسا!

تعيش فرنسا منذ أسابيع على وقع جدل جديد أثارته بعض الأوساط اليمينية المتطرفة التي وجّهت سها…