‫الرئيسية‬ الأولى كاتب ياسين وكلبه “ديغول”
الأولى - مقالات - 25 نوفمبر، 2024

كاتب ياسين وكلبه “ديغول”

كاتب ياسين وكلبه "ديغول"
لم أقرأ أو أسمع يوماً عن كاتب عبر العصور والتاريخ، من روسيا إلى الصين إلى أمريكا، فالبلدان العربية ودول شمال إفريقيا، أن طعن في حدود بلاده، إلا عند بعض “الحركى” الجدد الذين ركبوا الطائرة إلى باريس وبدأوا في طعن شعب بأكمله في ظهره، وفي مصيره ومصير أبنائه وفي تاريخه الأعرق من التاريخ الفرنسي نفسه.

أتذكر المرحوم كاتب ياسين وصديقه محمد إسياخم، وكيف كان ردهما على مسؤول فرنسي اشترى كلباً وسمّاه يوغرطة. فرد الثنائي الوطني، في قلب باريس، بشراء كلب وسموه ديغول. كانا يخرجان إلى شوارع العاصمة الفرنسية ويناديانه: “ديغول، تعال إلى هنا! ديغول، اصمت! ديغول، افعل كذا وكذا”، فسمعتهما دورية شرطة وأخذتهما إلى المخفر للتحقيق معهما بسبب تسمية كلبهما باسم رئيس فرنسا الأكثر شهرة واحتراماً لدى شعبه.

الراحل كاتب ياسين، الذي ما زالت رائعته نجمة تُدرس وتُترجم إلى العديد من اللغات إلى اليوم، يعتبر أحد أكبر الأدباء الجزائريين، مثل الكثير من العظماء: رشيد بوجدرة، الطاهر وطار، آسيا جبار، واسيني الأعرج، وغيرهم من عظماء الجزائر. لم يكن هؤلاء يوماً ليطعنوا في حدود بلدهم كما يفعل بعض المتطفلين على الثقافة والأدب اليوم. هذا أمر مشين لم يفعله أعتى المعارضين للنظام، وحتى من قادوا انقلاباً عسكرياً ضده. لم يتفوهوا يوماً بهكذا أمور، لأنهم اختلفوا مع طرق تسيير البلد، وهذا أمر عادي، لكنهم لم يختلفوا مع البلد نفسه، مع الجزائر التي نجلها جميعاً.

الطعن في حدود بلد هو طعن في بلد وشعب وتاريخه بأكمله، ولا يمكن اعتباره نقداً سياسياً للنظام. لأن الرئيس تبون أو الفريق شنقريحة ليسا الحدود الشخصية للبلد، بل هما مسؤولان يدافعان عن حدود دولتهما، وهي مصلحة عليا لشعبهما.

كيف لكاتب ياسين، وفي قلب فرنسا، أن يرد على إهانة يوغرطة لمجرد أن مسؤولاً فرنسياً أطلق اسم هذا الزعيم الجزائري على كلبه، فيرد عليه الراحل كاتب وصديقه بالمثل في قلب باريس؟ بينما بوعلام صنصال يبيع الجزائر وتاريخها لمجرد إرضاء اليمين المتطرف والمخزن المغربي.

قرأت مقالاً يدافع عن صنصال ويقدمه على أساس أنه ناقد للإسلاميين، متجاهلاً أن الإسلاميين في الجزائر تم دحرهم عسكرياً وانتهوا كحركة إجرامية عنيفة حاولت تدمير الجزائر لصالح الاستعمار الفرنسي نفسه. والدلائل واضحة في دعم الحركات الإسلامية بالقناطير، بدءاً بتأسيس حركة الإخوان المسلمين من طرف المخابرات البريطانية وشركة قناة السويس، إلى تأسيس داعش من طرف هيلاري كلينتون تحت إشراف أوباما، كما تثبت ذلك تسريبات 40 ألف إيميل.

وهل يعلم بوعلام صنصال أن أقدم معهد لتدريس الشريعة الإسلامية مقره تل أبيب في إسرائيل، الدولة الصديقة التي يدافع عنها؟ ولا يسمح بالدخول إليه إلا بتوصية من أجهزة المخابرات الإسرائيلية والموساد.

انتقاد الإسلاميين في الجزائر ليس حكراً على بوعلام صنصال الذي يدافع عن محمد الخامس، أمير المؤمنين المغربي، الذي حكمه حزب إسلامي يدعى العدالة والتنمية، وهو من صلب حركة الإخوان المسلمين التي أسسها حسن البنا، اليهودي المغربي الأصل. “أمير المؤمنين” هو لقب إسلامي ديني ربما ثقافة صنصال لا تدركه. هذا اللقب لا يُطلق على رئيس جمهورية الجزائر السيد عبد المجيد تبون.

فهل إسلاميو المغرب القتلة، الذين ذبحوا سياحاً أوروبيين وفجروا فندق مراكش، مقبولون عند بوعلام صنصال المنتقد للإسلاميين في الجزائر؟

ولكن، إذا كان انتقاد الإسلاميين مشروعاً، والجميع يعرف جرائمهم وخطورتهم على المجتمع الجزائري، فما علاقة ذلك بالطعن في حدود الجزائر وسيادتها؟ هل يعرف بوعلام صنصال أن مثل هذه الأمور تسببت عبر التاريخ في حروب طاحنة، مثل مجازر الحرب العالمية الثانية التي كانت فرنسا طرفاً فيها؟

حدود الجزائر استشهد من أجلها ديدوش مراد، العربي بن مهيدي، موريس أودان، هنري مايو، وملايين الجزائريين وأصدقائهم من أحرار العالم. رحمة الله عليهم جميعاً. واليوم، يحرص على حمايتها الرئيس عبد المجيد تبون والفريق أول سعيد شنقريحة.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء

صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…