‫الرئيسية‬ الأولى عندما يزيّف السفير الفرنسي الأسبق الحقائق: مسيرة السيادة الوطنية التي تخشاها فرنسا
الأولى - الوطني - 30 نوفمبر، 2024

عندما يزيّف السفير الفرنسي الأسبق الحقائق: مسيرة السيادة الوطنية التي تخشاها فرنسا

عندما يزيّف السفير الفرنسي الأسبق الحقائق: مسيرة السيادة الوطنية التي تخشاها فرنسا
خصصت جريدة “لو فيغارو” الفرنسية في عددها الصادر أمس مساحة واسعة لمقالات تعكس تصعيدًا واضحًا في خطابها العدائي ضد الجزائر، مستهدفة تاريخها، قيادتها، ونسيجها الاجتماعي.

المقال الأول للكاتب غيوم بيرو تحت عنوان “الجزائر: 60 عامًا من الديكتاتورية العسكرية والسيطرة على الثروة الوطنية” يعيد إنتاج رواية استعلائية تحاول تصوير الدولة الجزائرية ككيان غارق في الفساد والصراعات الداخلية منذ الاستقلال.

أما المقال الثاني، بقلم السفير الفرنسي الأسبق في الجزائر غزافييه دريانكور، تحت عنوان “انتقاد كمال داود واعتقال بوعلام صنصال: هجوم مباشر على السلطة الجزائرية”، يزعم أن الجزائر تستهدف حرية التعبير وتسعى لتكميم أصوات معارضيها، مستغلًا قضية بوعلام صنصال لتشويه سمعة القضاء الجزائري والطعن في استقلاليته.

خطاب عدائي ومحاولات وصاية يأتي هذا الخطاب في سياق أوسع من التصريحات الرسمية الفرنسية المسيئة للعلاقات الثنائية، في محاولة لفرض وصاية فكرية وسياسية على الجزائر. يعكس ذلك إصرارًا على التدخل في شؤون الجزائر الداخلية، في وقتٍ تواصل فيه الجزائر تعزيز سيادتها واستقلالية قراراتها على المستويين الداخلي والدولي.

في مقال مليء بالتحامل، نشر غيوم بيرو عبر “لو فيغارو” اتهامات باطلة للجزائر بأنها “دكتاتورية عسكرية” منذ الاستقلال، في محاولة لتشويه تاريخها الوطني ورموزها السياسية، مستغلًا قضية توقيف بوعلام صنصال للهجوم على الدولة الجزائرية.

تاريخ الجزائر ليس بحاجة إلى شهادات استعمارية منذ استقلالها عام 1962، حققت الجزائر إنجازات بارزة في بناء دولة مستقلة ذات سيادة، رغم المحاولات المستمرة من فرنسا للتدخل في شؤونها. وصف النظام الجزائري بـ”الدكتاتوري” هو محاولة يائسة لتشويه صورة دولة تصدت للاستعمار الفرنسي بدماء مليون ونصف مليون شهيد.

الجزائر ليست كيانًا غارقًا في الفوضى كما يزعمون، بل دولة قوية تواجه تحدياتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية دون الخضوع لإملاءات خارجية.

ما يتجاهله الكاتب الفرنسي هو أن توقيف بوعلام صنصال لم يكن قرارًا سياسيًا، بل إجراءً قضائيًا مستقلًا يستند إلى قوانين تهدف لحماية الأمن القومي من التهديدات الداخلية والخارجية.

القضاء الجزائري مستقل

القضاء الجزائري مستقل عن السلطة التنفيذية ولا يخضع لأي ضغوط داخلية أو خارجية. تصوير فرنسا للإجراءات القضائية الجزائرية كـ”انتقام سياسي” هو تدخل سافر في الشؤون الداخلية الجزائرية وتعدٍ على سيادتها.

الادعاء بأن النظام السياسي الجزائري لم يتغير منذ الاستقلال هو قراءة سطحية ومتحاملة. الجزائر عرفت إصلاحات سياسية هامة، بدءًا من إقرار التعددية السياسية في دستور 1989، وصولاً إلى الإصلاحات الدستورية المتتالية، وأبرزها دستور 2020، الذي عزز الفصل بين السلطات وحقوق الإنسان.

بوعلام صنصال، الذي يدافع عنه الإعلام الفرنسي، ليس مجرد “كاتب معارض”، بل هو شخص هاجم الهوية الوطنية الجزائرية واصطف مع أجندات خارجية معادية للدولة. التهم الموجهة إليه تتعلق بالمساس بأمن الدولة والتخابر مع جهات أجنبية، وهي تهم خطيرة في أي دولة ذات سيادة.

كمال داود أيضًا ليس مجرد كاتب مستقل، بل تجاوز حدود النقد الأدبي إلى المساس بالهوية الوطنية وتشويه صورة الجزائر واستقلالها، مستغلًا المنابر الفرنسية لنشر أفكاره.

فرنسا التي تدّعي الدفاع عن “حرية التعبير” تغض الطرف عن الأصوات الجزائرية الوطنية التي تنتقد التدخلات الفرنسية، بينما تمنح منابرها للمعارضين الذين يخدمون أجنداتها.

فرنسا نفسها تحاكم كل من يُشتبه في تورطه في التخابر أو دعم الإرهاب أو التحريض على العنف، فلماذا يُنظر إلى الأمر بشكل مختلف عندما يتعلق بالجزائر؟

ما تصفه فرنسا بـ”التدهور في العلاقات” ليس نتيجة سياسات الجزائر الداخلية، بل هو نتيجة مباشرة لاستفزازاتها وتدخلاتها المستمرة. إذا كانت باريس تبحث عن علاقة مستقرة مع الجزائر، فعليها أولًا احترام سيادة الجزائر، والتوقف عن دعم الشخصيات المثيرة للجدل التي تهاجم الدولة ومؤسساتها.

الجزائر ليست بحاجة إلى “دروس” في الحرية من دبلوماسيين سابقين ما زالوا يحنّون إلى الماضي الاستعماري. الشعب الجزائري، الذي دحر الاستعمار الفرنسي، قادر على حماية سيادته ومؤسساته من أي تدخل خارجي.

إذا اعتقدت فرنسا أن الجزائر ستتراجع أمام الحملات الإعلامية أو التصريحات الاستفزازية، فهي مخطئة. الجزائر ماضية في طريقها نحو تعزيز سيادتها واستقلالها، ولن تسمح لأي طرف بالمساس بأمنها أو تشويه صورتها.

على فرنسا أن تدرك أن عهد الوصاية قد انتهى، وأن الجزائر اليوم ليست الجزائر التي كانت تحت الاحتلال. الشعب الجزائري، الذي دحر الاستعمار، سيواصل الدفاع عن سيادته وكرامته، ولن يتسامح مع أي محاولة للتدخل في شؤونه الداخلية.

الجزائر قوية بشعبها ومؤسساتها وقضائها، وستبقى شوكة في حلق كل من يحاول النيل من سيادتها.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

اليمين المتطرف يهاجم الطلبة الجزائريين في فرنسا!

تعيش فرنسا منذ أسابيع على وقع جدل جديد أثارته بعض الأوساط اليمينية المتطرفة التي وجّهت سها…