‫الرئيسية‬ في الواجهة رأي مقالات تصريحات نائب الرئيس تكشف عن تراجع الدعم… صفعة أمريكية للأوروبيين
مقالات - 16 فبراير، 2025

تصريحات نائب الرئيس تكشف عن تراجع الدعم… صفعة أمريكية للأوروبيين

تصريحات نائب الرئيس تكشف عن تراجع الدعم… صفعة أمريكية للأوروبيين
كل المؤشرات تدل على أن روسيا ربحت حربها ضد أوكرانيا وكسبت أصعب معركة منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، وأن أمريكا أدركت ذلك وبدأت في التفاوض مباشرة مع موسكو منذ انتخاب دونالد ترامب، دون مشاركة الأوروبيين، الذين بدأ صراخهم يملأ الدنيا، وبكاؤهم يعلو يومًا بعد يوم، لعلهم يجدون مقعدًا يناسبهم في مشروع يالطا الجديد، الذي ترتسم معالمه أمام أعيننا. وقد حذّر منه فيليب دو فيلبان، الذي صرخ لسنوات قائلاً: “احذروا من إقصاء فرنسا من حضور مفاوضات يالطا الجديدة”، وها نحن اليوم نرى ذلك التهميش القاتل، إذ ترفض روسيا، مثل أمريكا، أي حضور لدولة أوروبية في التفاوض المباشر بينها وبين موسكو.

نائب الرئيس الأمريكي أهان الأوروبيين خلال مؤتمر السلام المنعقد في ميونخ بألمانيا، معتبرًا أن مشاكلهم تكمن في عدم احترام الديمقراطية وحرية التعبير. وهذه حقيقة، فمنذ اندلاع حرب أوكرانيا، تم إقصاء أي رأي إعلامي مخالف للموقف الأوروبي الرسمي المساند للحرب، أو حتى الناقل الموضوعي لحقائقها على أرض الواقع. وتعمدت وسائل الإعلام الرسمية تهميش أي شخص يتحدث بخلاف الخطاب الأوروبي الرسمي أو يشكك فيه. كما انتقد نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس التراجع الخطير في الممارسات الديمقراطية الأوروبية، وصولًا إلى إلغاء انتخابات رئاسية جاءت عكس التوقعات الرسمية، كما حصل في رومانيا.

يتذكر الجميع الضغوطات التي تعرض لها رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان بسبب موقفه الداعم للسلام، دون نسيان وقاحة القادة الأوروبيين عندما عيّنوا شخصية معادية لروسيا في منصب المفوضة المكلفة بالعلاقات الخارجية، في خطوة تُعد خطأً فادحًا وعمىً سياسيًا غير مسبوق في التاريخ الأوروبي. وقد بلغت هذه الوقاحة حد اشتراط طرد الروس من سوريا مقابل تقديم المساعدة للنظام السوري الجديد.

فانس دعا الأوروبيين إلى الاعتماد على أنفسهم في مسائل الدفاع، وهي إشارة واضحة إلى تخلي أمريكا عن التزاماتها الأطلسية. وحتى في حالة نشوب حرب، فإن أمريكا سترفض تفعيل المادة الخامسة من ميثاق الأطلسي، حتى لا تجرها أي مواجهة أوروبية إلى الصراع المباشر مع روسيا. وهذه صفعة لا مثيل لها للأوروبيين، إذ تُسقط عنهم الحماية التي طالما هددوا بها الآخرين، كما فعلوا خلال التدخل العسكري في ليبيا.

أمريكا وجّهت صفعة قوية للدول الأوروبية، التي أصبحت في عزلة تامة، وستواجه صعوبات جمة في الخروج من أزمتها مع روسيا، التي ترفض التفاوض معهم نظرًا لدورهم التآمري في محاولة تدميرها، رغم أنها كانت أحد أبرز المساهمين في تحرير أوروبا من النازية، وضحت بأكثر من 26 مليون روسي بين مدني وعسكري، كما وفرت الطاقة بأسعار تفضيلية ساهمت في صعود الاقتصاد الأوروبي، وخاصة الألماني، إلى مستوى تنافسي عالمي.

من جهة أخرى، تهدد واشنطن أوروبا بحرب تجارية عبر فرض رسوم جمركية على صادراتها إلى الأسواق الأمريكية، في حين تعزز علاقاتها مع روسيا وتسعى إلى تفاهم مع الصين. ويبدو أن أوروبا ستكون الخاسر الأكبر من هذه النظرة الاستراتيجية الجديدة، حيث تعمل أمريكا على إعادة تشكيل النظام العالمي وفق محاور جديدة، تحتل فيها روسيا مكانة أقوى من السابق. وهذا ما يمكن فهمه من قرار الرئيس الأمريكي استعداده لزيارة موسكو، بعد مكالمة هاتفية استغرقت أكثر من ساعة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

أمريكا تُحمّل الأوروبيين مسؤولية إعادة بناء أوكرانيا وحمايتها، دون اللجوء إلى تفعيل المادة الخامسة من ميثاق الناتو، لأنها تريد التركيز على قضاياها الداخلية ومحيطها القريب، وترفض المشاركة في أي صراع عسكري أوروبي قد يتم جرها إليه، مهما كان السبب.

كان خطاب نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس صادمًا ومحبطًا للأوروبيين، كما أن رفع العقوبات على روسيا سيشكل مأزقًا جديدًا لهم، خاصة في ظل إلزامهم بإعادة الأصول الروسية المجمدة، مضافًا إليها الفوائد المالية المترتبة عليها.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء

صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…