رزيق يعدّ بـ10 مليارات دولار صادرات في 2025 ويعوّل على المعرض الإفريقي لتحقيق عقود بـ44 مليار .. وعود طموحة أم أرقام للاستهلاك الإعلامي؟!
أطلق وزير التجارة الخارجية وترقية الصادرات، كمال رزيق، وعودًا طموحة خلال لقاء وطني جمعه السبت الماضي بعدد من المصدرين الجزائريين، حيث أكد سعي الحكومة إلى بلوغ عتبة 10 مليارات دولار من الصادرات خلال سنة 2025، معوّلًا على فعاليات معرض التجارة البينية الإفريقية المرتقب تنظيمه بالجزائر العاصمة شهر سبتمبر المقبل، لتحقيق عقود تفوق قيمتها 44 مليار دولار.
اللقاء الذي نظمته الوزارة بالتعاون مع مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري، تحت شعار “من أجل شراكة فعالة بين الإدارة والمتعاملين الاقتصاديين للنهوض بالصادرات”، عرف حضور وزير النقل السعيد سعيود وممثلين عن عدة قطاعات وزارية. وقد شدد رزيق على ضرورة تعزيز الحوار بين الإدارة والمصدرين، معتبرًا أن نجاح السياسة التصديرية يمرّ عبر معالجة انشغالات المتعاملين الاقتصاديين في الميدان.
وفي هذا الإطار، أعلن رزيق أن وزارته بصدد مراجعة المنظومة القانونية والتنظيمية للتصدير، إلى جانب وضع حوافز ملموسة في المجالات البنكية، الضريبية، الجمركية واللوجستية. وأشار إلى تسجيل ما بين 1900 و2000 مصدر للسلع، و400 مصدر للخدمات خلال السنوات الخمس الأخيرة، بينما تجاوزت صادرات 146 مصدرًا للسلع و80 مصدرًا للخدمات مليون دولار سنويًا خلال السنة الماضية.
لكن في المقابل، تثير الأرقام المعلنة من طرف وزير التجارة كمال رزيق العديد من التساؤلات حول مدى واقعيتها وإمكانية تجسيدها ميدانيًا، خصوصًا في ظل التحديات الهيكلية التي لا تزال تعرقل ديناميكية التصدير في الجزائر. فرفع حجم الصادرات من نحو 5 إلى 10 مليارات دولار في ظرف سنة واحدة يبدو هدفًا طموحًا، لكنه يصطدم بواقع يعاني من مشاكل مزمنة، أبرزها صعوبة تحويل الأرباح إلى الخارج، وتعقيدات التحصيل المالي، إلى جانب البيروقراطية الإدارية التي ما فتئت تُنهك المصدرين. كما أن الحديث عن توقيع اتفاقيات بـ44 مليار دولار خلال معرض إفريقي واحد يطرح تساؤلات جدية، هل تمتلك الدولة فعلًا الآليات والضمانات الكفيلة بتحويل هذه العقود إلى صفقات حقيقية ومربحة للاقتصاد الوطني؟
من جانبه، شدد وزير النقل السعيد سعيود على أن دائرته الوزارية تعمل على تهيئة البنية التحتية لخدمة التصدير، معلنًا عن تدعيم شركة الخطوط الجوية للشحن بطائرة ثانية نهاية ماي الجاري، مع إمكانية استئجار طائرات إضافية حسب الحاجة. كما أشار إلى مناقصات دولية لاقتناء قطارات جديدة لنقل البضائع، وإدماج مكونات محلية بالشراكة مع شركات عالمية.
وفي ما يخص النقل البحري، كشف سعيود عن دخول نظام العمل 24/24 و7/7 حيز التنفيذ على مستوى الموانئ، تنفيذًا لتعليمات رئيس الجمهورية. ولفت إلى التحسن الملحوظ في الخدمات، إضافة إلى إدخال باخرتين جديدتين للخدمة هذا الأسبوع، والتفاوض لصيانة خمس أخرى، مع خيار الاستئجار عند الضرورة.
كما أعلن الوزير عن دراسة فتح خط بحري جديد يربط الجزائر بدول عربية مثل قطر، عمان، السعودية، مصر وتونس، مع تطوير الشحن البحري نحو أوروبا الجنوبية، عبر مراجعة أسعار الشحن بالتعاون مع المتعاملين الاقتصاديين.
وعلى هامش اللقاء، كشف سعيود للصحافة عن تقدم ملحوظ في مشروع توسعة مترو الجزائر نحو مطار هواري بومدين، مشيرًا إلى أن دفتر الشروط الخاص بالتجهيزات جاهز وسيُطلق فور انتهاء الأشغال.
كل هذه التصريحات، على أهميتها، تبقى رهينة التنفيذ الفعلي في الميدان. فهل نحن أمام تحول استراتيجي حقيقي في ملف التصدير، مدعوم بإرادة سياسية واضحة وموازنات كافية؟ أم أننا مجددًا أمام أرقام تُطلق في المناسبات الرسمية دون أثر فعلي على الاقتصاد الوطني؟
تبقى الكرة في ملعب الحكومة التي تعِد اليوم، فيما ينتظر المصدر الجزائري ترجمة هذه الوعود إلى تسهيلات ملموسة، لا سيما في ظل المنافسة الإقليمية الحادة، والصعوبات التي لا تزال تعترض طريق المنتجين المحليين نحو الأسواق الإفريقية والعالمية.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
اليمين المتطرف يهاجم الطلبة الجزائريين في فرنسا!
تعيش فرنسا منذ أسابيع على وقع جدل جديد أثارته بعض الأوساط اليمينية المتطرفة التي وجّهت سها…