حذّرت من شرعنة الاحتلال المغربي.. الجزائر تُندّد بـ”ازدواجية” لندن في ملف الصحراء الغربية
عبّرت الجزائر، يوم الأحد 1 جوان 2025، عن أسفها العميق إزاء الموقف الجديد الذي تبنّته المملكة المتحدة بشأن قضية الصحراء الغربية، بعد إعلانها دعم مخطط الحكم الذاتي المغربي المزعوم كحل للنزاع الطويل الأمد، معتبرة أن هذه الخطوة تُكرّس ازدواجية في المواقف وتهدد مبادئ الشرعية الدولية، لا سيما تلك المتعلقة بحق الشعوب في تقرير مصيرها.
وفي بيان رسمي صادر عن وزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، أكدت الجزائر أنها أخذت علماً بالموقف البريطاني الجديد، مشيرة إلى أنه يُمثل انزياحًا دبلوماسيًا مقلقًا بالنظر إلى طبيعة الصراع في الصحراء الغربية وكون الإقليم لا يزال مصنفاً لدى الأمم المتحدة كـ”إقليم غير متمتع بالحكم الذاتي”، أي يخضع لوضعية قانونية خاصة في إطار مبدأ تصفية الاستعمار.
وجاء في البيان:
“إن الجزائر تعرب عن أسفها لقيام المملكة المتحدة بدعم مخطط الحكم الذاتي المغربي، الذي لم يتم، طيلة 18 سنة منذ اقتراحه، عرضه على الصحراويين كقاعدة جدية للتفاوض، كما لم يتم التعاطي معه مطلقًا بجدية من طرف مبعوثي الأمم المتحدة المتعاقبين على الملف، والذين أجمعوا على أنه مقترح يفتقر إلى المضمون ولا يُساهم في بناء تسوية ذات مصداقية.”
وأضافت الخارجية الجزائرية أن مخطط الحكم الذاتي المغربي، الذي يروَّج له دوليًا على أنه مخرج واقعي للنزاع، لم يكن في حقيقته، وفق الرؤية الجزائرية، سوى أداة سياسية لإرباك الجهود الدولية ووسيلة لمواصلة سياسة فرض الأمر الواقع.
“الغاية الحقيقية من هذا المقترح لم تكن يومًا البحث عن حل سياسي نهائي بقدر ما كانت تهدف إلى تعطيل المساعي الجادة نحو تسوية عادلة وشاملة، وإتاحة الوقت للمغرب لتمكين وضعية الاحتلال غير الشرعي، وتعويد المجتمع الدولي تدريجيًا على تقبّل واقع استعماري جديد في الإقليم”، تضيف الجزائر.
ورغم ذلك، سجلت الجزائر باهتمام أن المملكة المتحدة لم تذهب حدّ الاعتراف بسيادة المغرب على إقليم الصحراء الغربية، ولم تُقدّم دعمًا صريحًا لمطالب الرباط بالسيادة، وهو ما تعتبره الجزائر عنصرًا يميز الموقف البريطاني بقدر من التحفظ، ويجعله – وفق تعبيرها – موقفًا “ذو طابع مزدوج”.
كما نوّه البيان إلى أن كاتب الدولة البريطاني للشؤون الخارجية، ديفيد لامي، قد أكّد صراحة في ندوته الصحفية المشتركة مع وزير الخارجية المغربي، تمسك بلاده بـمبدأ تقرير المصير كحق غير قابل للتصرف، وهو ما يُعد – من وجهة النظر الجزائرية – تأكيدًا على الالتزام النظري بالمبادئ المؤسسة للشرعية الدولية، رغم الدعم السياسي المعلن لخطة الحكم الذاتي.
واختتمت وزارة الشؤون الخارجية بيانها بالتأكيد على أمل الجزائر في أن تُراجع المملكة المتحدة تموضعها في هذا الملف الحساس، وأن تستمر، بصفتها عضوًا دائمًا في مجلس الأمن الدولي، في العمل على مُساءلة المغرب عن مسؤولياته الدولية، والالتزام بمبادئ تصفية الاستعمار كما نصّ عليها ميثاق الأمم المتحدة.
“نأمل أن تظل المملكة المتحدة قوة فاعلة داخل مجلس الأمن من أجل فرض احترام القانون الدولي في الصحراء الغربية، بما يضمن ممارسة الشعب الصحراوي لحقه غير القابل للتصرف في تقرير مصيره”، تختم الجزائر.
الموقف الجزائري هذا يأتي في سياق دبلوماسي متحرّك، تعكف فيه الرباط على توسيع شبكة داعميها في الغرب لمبادرة الحكم الذاتي، بينما تواصل الجزائر التأكيد على المرجعية القانونية الأممية للنزاع، ورفضها القاطع لأي حل لا ينبني على الاستفتاء وتقرير المصير.
في هذا الإطار، تعيد الجزائر التذكير بأن القضية الصحراوية ليست قضية نزاع حدودي، بل قضية تصفية استعمار مؤجلة، وأن كل محاولات الترويج للحلول الملتوية إنما تهدف إلى الالتفاف على هذا الواقع القانوني، الذي لا يزال يحظى بإجماع داخل أروقة الأمم المتحدة.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
القضاء يطوي صفحة ساركوزي.. أول رئيس فرنسي يدخل السجن يوم 21 أكتوبر
يدخل نيكولا ساركوزي التاريخ من أوسع أبوابه، لا كرجل دولة استثنائي كما أراد لنفسه ذات يوم، …