ليلة رعب في الكيان الصهيوني وعودة قانون الغاب
ردّت الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بعنف وحزم، على الهجوم الصهيوني الذي استهدف أراضيها، مخلّفًا دمارًا في منظومتها الدفاعية الجوية، ومنشآت عسكرية حساسة، بل وامتد القصف إلى مواقع نووية من بينها منشأة بوشهر، في سابقة خطيرة قد تجرّ تداعيات نووية تمسّ حياة المدنيين الأبرياء. هذا ما دفع رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى إطلاق تحذيرات جدّية بشأن خطورة ما أقدم عليه الكيان الصهيوني.
العدوان الصهيوني ما كان ليقع لولا الدعم الأمريكي المباشر وغير المعلن، خاصة من طرف الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، الذي نسج خيوط مسرحية الخلاف مع نتنياهو، في وقت كان يحصد فيه المليارات من صفقات الخليج، ويستلم طائرات فاخرة من قطر لضمان رفاهيته الشخصية.
الوجه الحقيقي للكيان الصهيوني لا يحتاج إلى قناع العدوان، القتل، والإجرام، وهو ما يتجلّى بوضوح في انتهاكه الفاضح لسيادة دولة مستقلة. محاولة تدمير البرنامج النووي الإيراني، تحت ذريعة الأمن، لن تفضي إلا إلى مزيد من السباق نحو التسلّح النووي في العالم، إذ بات من المؤكد أن امتلاك هذا السلاح الردعي هو الضامن الوحيد لردع الابتزاز ونهب الثروات من قبل القوى الغربية الاستعمارية.
الكيان الصهيوني قصف إيران دون إذن من مجلس الأمن، متجاوزًا كل شرعية دولية، ليضع نفسه مرة أخرى فوق القانون الدولي، الذي لم يعد يُستخدم إلا ضد الدول الضعيفة. هذا الاعتداء على إيران يأتي في سياق منعها من امتلاك التكنولوجيا النووية، أو حتى مجرد الطاقة السلمية، في حين أنّ السلاح النووي لم يُستخدم في التاريخ إلا من قبل الولايات المتحدة ضد الشعب الياباني في هيروشيما وناغازاكي.
الهجوم الصهيوني جعل من تل أبيب دولة خارجة عن القانون الدولي والإنساني، تمارس “البلطجة” تحت حماية أمريكية وأوروبية، إذ لم يتأخر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن التعبير عن دعمه الصريح للكيان، فيما أكد المستشار الألماني – رغم العلاقة التاريخية الحساسة بين بلاده وطهران – تأييده للهجوم.
الرد الإيراني لم يكن رمزيًا، بل كان قاسيًا ومباشرًا، صواريخ ومسيرات استهدفت عمق الكيان طيلة الليل، وصلت إلى مناطق حساسة مثل وزارة الدفاع، وأثبتت إيران أنها قادرة على معاملة المعتدي بالمثل، وضرب منشآته النووية، كما فعل هو. القيادة الإيرانية توعدت بمواصلة الدفاع عن سيادتها وكرامتها “مهما كلف الثمن”.
الكيان عاش ليلة رعب حقيقية. صواريخ تتساقط بلا توقف، ومدنيون يعيشون تحت الأرض كما عاش سكان طهران ساعات العدوان الأولى، والذي أسفر عن استشهاد ثلاثة مدنيين إيرانيين، إلى جانب اغتيال علماء نوويين. الطائرات المسيّرة الصهيونية اخترقت الأجواء الإيرانية ونفذت هجمات من قلب العاصمة، وهو اختراق غير مسبوق للسيادة.
اليوم، أصبح من الواضح أن التصعيد قد يتطور إلى حرب شاملة، ما يجعل الكيان الصهيوني يعيد حساباته قبل التمادي في أي عدوان إضافي. الرد الإيراني كان رسالة قوية بأن العدوان لن يمر دون عقاب، وأن المقاومة ليست مجرد خطاب.
الدرس العميق الذي يمكن استخلاصه من هذا التصعيد هو أن السلاح النووي بات ضرورة استراتيجية لمنع أي اعتداء على سيادة الدول. هذا ما فهمته باكستان مبكرًا، ونجحت في تطوير سلاح نووي حماها من أطماع كبرى، أولها الأطماع الصهيونية.
العدوان على إيران يؤكد أنه لم تعد أي دولة عربية أو إسلامية في مأمن، ما دامت دولة الاحتلال تسمح لنفسها بضرب دولة ذات سيادة دون رادع. في ظل غياب العدالة الدولية، قد نشهد موجة جديدة من السباق النووي، لن تردعها سوى الإرادة المستقلة، والقدرة على الردع.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء
صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…