المستقبل الاقتصادي لإفريقيا… من الجزائر
تستعد العاصمة الجزائرية لاحتضان واحدة من أبرز الفعاليات الاقتصادية الأفريقية لهذا العام، الجولة الترويجية الختامية للمنتدى رفيع المستوى لتعزيز التجارة والاستثمار بين الدول الأفريقية، وذلك تحت مظلة منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية. الحدث، المنعقد غدا الثلاثاء 8 يوليو 2025 بفندق ماريوت، يأتي تتويجًا لسلسلة من الفعاليات التي جابت عدة عواصم أفريقية، في مقدمتها نيروبي وأكرا وجوهانسبرغ ولاجوس؛ ليس فقط بوصفه محطة ختامية، بل كبوابة عبور نحو مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي الأفريقي، تتصدر الجزائر مشهدها بقوة ووضوح.
لطالما شكل الموقع الجغرافي للجزائر نقطة تماس محورية بين شمال القارة وعمقها الجنوبي. غير أن ما نشهده اليوم هو انتقال الجزائر من دورها الجغرافي التقليدي إلى موقع استراتيجي فاعل في صناعة القرار الاقتصادي القاري. فاحتضان هذه الجولة الترويجية ليس فعالية ظرفية، بل يعكس رؤية طويلة الأمد لدى صانع القرار الجزائري لتعزيز مكانة البلاد في قلب شبكة التجارة الأفريقية المتنامية.
تأتي هذه الفعالية في سياق يتسم بتحولات بنيوية على صعيد الاقتصاد الأفريقي. فمع دخول اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية حيّز التنفيذ، بات من الضروري تنشيط قنوات التواصل بين الفاعلين الاقتصاديين وتوفير منابر حوار فعّالة، تجمع بين واضعي السياسات وقادة الأعمال والمستثمرين وصناع القرار المالي. من هذا المنطلق، يشكل المنتدى في الجزائر منصة استراتيجية لمناقشة آليات تسريع سلاسل القيمة الإقليمية، وتعزيز القدرة التنافسية الأفريقية، وفتح المجال أمام شراكات نوعية تتجاوز العلاقات التقليدية نحو اقتصاد قاري متكامل.
يعكس مستوى الحضور الرسمي والدولي أهمية المنتدى، إذ يتصدر الكلمة الرئيسية البروفيسور كمال رزيق، وزير التجارة الخارجية وترويج الصادرات، المعروف برؤيته الطموحة لإعادة تموقع الجزائر على خارطة التبادل القاري. كما يشارك فخامة الرئيس النيجيري الأسبق أولوسيغون أوباسانجو، رئيس المجلس الاستشاري لمعرض التجارة البينية الأفريقية، بكلمة محورية حول التحديات والفرص أمام الاندماج الاقتصادي في القارة.
أما الأمانة العامة لمنطقة التجارة الحرة القارية، فتمثلها شخصية وازنة هي سعادة وامكيلي ميني، الأمين العام للمنطقة، الذي يتحدث عن التقدم المحرز في تنفيذ الاتفاقية، والعوائق الهيكلية التي لا تزال تعيق التبادل الحر في القارة. ويُضاف إلى ذلك الحضور المهم لمعالي موزيس فيلاكاتي، مفوض الاتحاد الأفريقي المكلف بالتنمية الاقتصادية والتجارة والصناعة، الذي يعرض رؤية المفوضية حول خلق منظومة اقتصادية أفريقية ذات سيادة وفاعلية.
يشكل البنك الأفريقي للتصدير والاستيراد (أفريكسيم بنك) أحد أعمدة المنتدى التنظيمية والتمويلية. فمن خلال مداخلات قياداته، وبخاصة كلمة السيدة كانايو أواني، نائبة الرئيس التنفيذي للتجارة البينية الأفريقية وتنمية الصادرات، وعرض الدكتور غينمور زاناموي حول أدوات التمويل والتيسير التجاري، يسعى البنك لتقديم حلول عملية لتحفيز الاستثمار وتحقيق الربط المالي بين أسواق القارة.
وتُعد مبادرات أفريكسيم بنك حيوية في هذا السياق، إذ يُنظر إليه كبنك تنموي ذو طابع قاري، يُوفر تمويلًا متوسطًا وطويل الأجل للمؤسسات، إلى جانب أدوات الضمان التجاري، ما يجعله أحد المحركات الرئيسية لتفعيل الاتفاقيات التجارية على أرض الواقع.
سيشهد المنتدى تنظيم حلقات نقاش محورية، من بينها: “تعزيز التجارة والاستثمار في إطار منطقة التجارة الحرة القارية”، و”من الجزائر إلى أفريقيا”، حيث تُعرض التجربة الجزائرية بوصفها نموذجًا ممكنًا للتكامل الإقليمي. وسيناقش المشاركون فرص الربط بين القطاعات الإنتاجية الجزائرية، مثل الصناعات الغذائية، ومواد البناء، والطاقة، وبين الطلب المتنامي في الأسواق الأفريقية جنوب الصحراء.
كما أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، التي تشكل العمود الفقري للاقتصاد الوطني، ستحظى بفرصة غير مسبوقة للانخراط في سلاسل القيمة الأفريقية؛ وذلك من خلال التواصل مع المستثمرين الدوليين، والاطلاع على أدوات التمويل والدعم الفني، التي تتيحها المؤسسات المنظمة.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
اليمين المتطرف يهاجم الطلبة الجزائريين في فرنسا!
تعيش فرنسا منذ أسابيع على وقع جدل جديد أثارته بعض الأوساط اليمينية المتطرفة التي وجّهت سها…