‫الرئيسية‬ الأولى لا عطلة صيفية لـ”شبكة الحركى 2.0″
الأولى - الحدث - الوطني - مقالات - 18 يوليو، 2025

لا عطلة صيفية لـ”شبكة الحركى 2.0″

لا عطلة صيفية لـ"شبكة الحركى 2.0"
من يتابع المشهد الإعلامي والسياسي في الأيام الأخيرة، يدرك بوضوح أن نشاط ما يُعرف بـ”الحركى 2.0″ لم يدخل مرحلة خمول أو استراحة صيفية، بل على العكس، زاد من وتيرته ووتّره، وتحوّل إلى تحرك أكثر تنظيمًا، وأكثر تنسيقًا، ما يدلّ على أنه لا يتحرك عشوائيًا أو ارتجالًا، بل تقف خلفه جهة أو جهات خارجية تمنحه التوجيه والدعم، وترسم له خريطة الهجوم على الجزائر من كل الجبهات.

هذا التنسيق المدروس ليس مصادفة، بل هو جزء من مخطط متعدد الأذرع، يستهدف الجزائر في استقرارها السياسي، ووحدتها الوطنية، وتماسك شعبها. ولسوء الحظ، فإن بعض القرارات والتصرفات داخل الدولة ساهمت، بشكل غير مباشر، في خلق ثغرات استغلها هؤلاء. فعدم الحذر في تعيين بعض الشخصيات في مواقع حساسة، أو التساهل في ضبط بعض التصرفات، لا سيما الدينية منها، خلق أجواء مناسبة لتغذية الحملة وتشويه صورة مؤسسات الدولة.

اليوم، أصبح من الواضح أن “شبكة الحركى 2.0” تعمل على توجيه الرأي العام الجزائري ضد الدولة ومؤسساتها، ومحاولة زعزعة ثقته فيها. الهدف ليس نقدًا بنّاءً ولا معارضة مسؤولة، بل هو تفكيك ممنهج للنسيج الوطني، وإعداد الساحة لفوضى شاملة تُعيد البلاد إلى الوراء. هذا المشروع لم يبدأ اليوم، لكنه عاد في حُلّة جديدة، بمصطلحات معاصرة وأدوات أكثر تأثيرًا، على رأسها وسائل التواصل الاجتماعي، وبعض المنابر الإعلامية المرتبطة بجهات خارجية، أبرزها المروك وفرنسا والكيان الصهيوني.

فرنسا تحديدًا لم تستسغ بعد خسارتها لمكانتها الاقتصادية في الجزائر، بعد أن أُغلقت في وجهها السوق الجزائرية، والتي كانت تدر عليها المليارات من خلال الصفقات غير المتكافئة، والامتيازات التي استفادت منها لسنوات طويلة، عبر شبكات فساد داخلية. ومع سقوط العصابة التي كانت تنهب خيرات البلاد وتحوّل الأموال نحو فرنسا، وجدت باريس نفسها في موقف مالي صعب، وأصبحت تُغطي على ناهبي المال العام لأن أموالهم تخدم اقتصادها المتعثر.

هذا التوتر الفرنسي تُرجم ميدانيًا إلى تحريض سياسي وإعلامي مستمر ضد الجزائر، باستخدام مؤسسات الاتحاد الأوروبي والمنابر الإعلامية الفرنسية الكبرى. حتى الموقف الفرنسي من الحرب في أوكرانيا، ومن ما يُسمّى بوحدة الصف الأوروبي ضد روسيا، يحمل في طياته رغبة خفية في محاصرة الجزائر، بسبب قربها الجيوسياسي وموقفها السيادي المستقل.

ورغم إدراك الدولة الجزائرية لحجم هذا الخطر، إلا أن الرد غالبًا ما يكون في شكل تصريحات دون تحرك عملي ميداني، لا سيما في جانب التعيينات الدبلوماسية والإدارية، التي لا تعكس – في معظمها – الوعي الحقيقي بحجم التحديات. كثير من المعينين، خصوصًا في الخارج، لا يُمثلون الجزائر كما يجب، وبعضهم يحمل أجندات انتقامية ضد أبناء وطنهم، سواء داخل البلاد أو خارجها.

في هذا السياق، تعمل شبكة “الحركى 2.0” على تنفيذ أجندات مدروسة بعناية. التعليمات تأتي من المروك، فرنسا، والكيان الصهيوني، والهدف واحد، تفجير الداخل الجزائري من خلال التضليل الإعلامي، وتضخيم كل هفوة مهما كانت بسيطة، لتتحول إلى أزمة وطنية. وهو ما يُطبَّق بالفعل، عبر التركيز على قضايا يومية صغيرة، وتحويلها إلى مادة للتحريض السياسي، وإخراج الرأي العام عن هدوئه.

النشاط الموجه اليوم ضد الجزائر يتغذى على الأكاذيب والتلفيقات المتكررة. يتم تضخيم أحداث جانبية، وفبركة قصص لا أساس لها من الصحة، والتلاعب بالحقائق الاقتصادية والسياسية وحتى الدينية، بأسلوب يتقاطع مع خطاب اليمين المتطرف الأوروبي، الذي لا يُفرّق بين النقد والتحريض، ولا بين المعارضة والهدم.

أحد أبرز الأمثلة على ذلك هو “أكذوبة اللاصق” التي اختُرعت في المروك مؤخرًا، والتي ادّعت أن لاعبي المنتخب النسوي الجزائري تعمّدوا إخفاء شعارات البطولة. هذه الفرية روّجت لها شبكة الحركى 2.0 بسرعة خاطفة، وتم تمريرها إلى صحف وقنوات فرنسية، لتصبح “قضية”، في حين أنها مجرد كذبة مكشوفة، انطلقت من إعلام مروكي معروف بالافتراء.

الغريب أن الرد على هذه الحملة لم يصدر بشكل رسمي وبقوة، بل جاء من وطنيين مخلصين على مواقع التواصل الاجتماعي، تصدوا للباطل وكشفوا الأكاذيب، دافعوا عن صورة الجزائر، وأعادوا التوازن إلى النقاش. وهنا، لا يسعني إلا أن أوجه تحية من القلب لكل هؤلاء الأحرار، الذين لا يطلبون مقابلاً، ولا يتحدثون من مناصب، بل من منطلق وطني خالص.

إن الجبهة الوطنية الحقيقية تُبنى اليوم في الميدان، من طرف جزائريين لا صلة لهم بالسلطة، ولا ينتظرون ترقية أو وسامًا، لكنهم يحملون الجزائر في قلوبهم، ويعتبرون الدفاع عنها واجبًا لا يحتاج إلى تكليف.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

قمة شرم الشيخ… سلام بلا دولة

بعد أن زار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الكيان الصهيوني ليقدّم له كل الضمانات، وألقى خطابً…