‫الرئيسية‬ الأولى دريانكور يعيد إنتاج النازية ضد الجزائر!
الأولى - الافتتاحية - رأي - ‫‫‫‏‫يوم واحد مضت‬

دريانكور يعيد إنتاج النازية ضد الجزائر!

دريانكور يعيد إنتاج النازية ضد الجزائر!

لم يعد ممكنًا وصف تصريحات غزافيي دريانكور، السفير الفرنسي السابق في الجزائر وضابط المخابرات السابق، إلا باعتبارها تحريضًا مباشرًا على الكراهية والعنف ضد الجزائريين. ففي تصريح موثّق بالفيديو، قال دريانكور بوضوح: «لا إنسانية لدى الجزائريين ولا لدى الرئيس تبون». وهذا القول لا يمتّ إلى النقد السياسي بصلة، ولا يندرج ضمن التحليل الدبلوماسي، بل هو تجريد صريح لشعب كامل من إنسانيته، وإحالته — عبر الخطاب — إلى خانة الهدف المباح.

إن توصيف شعب بأكمله بأنه «غير إنساني» ليس زلة لسان ولا انفعالًا عابرًا، بل خطاب بالغ الخطورة يعيد إنتاج نفس البنية الفكرية التي استعملها هتلر خلال الحرب العالمية الثانية حين سهّل القتل الجماعي عبر نزع الصفة الإنسانية عن الآخرين. فهذا الأسلوب كان — تاريخيًا — البوابة التي مهدت للإبادات الجماعية، إذ يصبح قتل «غير الإنسان» فعلًا عاديًا في ذهن الجندي وصاحب القرار. ومن الواضح أن دريانكور تخطّى كل الحدود في عدائه للجزائريين. فخطابه لا يقدم اختلافًا سياسيًا، بل ينطلق من رؤية تعتبر أن الجزائري — مسؤولًا كان أو مواطنًا — لا يستحق الحياة. وعندما يصل مسؤول سابق إلى هذا المستوى من التصنيف، فإن المسألة تتجاوز السياسة لتلامس جوهر الفكر الشمولي الذي يصنف الشعوب درجات وفئات لتبرير استهدافها.

والأخطر أن هذا الخطاب لا يأتي في فراغ، بل في سياق أوروبي يشهد صعودًا سريعًا لليمين المتطرف، الذي يبني حضوره على التخويف وصنع «عدو» خارجي. وتوظيف الملف الجزائري في هذا السياق ليس جديدًا، لكنه يأخذ اليوم بعدًا أكثر خطورة عندما يقترن بتجريد الجزائريين من إنسانيتهم، في محاولة لتهيئة الرأي العام لقبول سياسات أكثر تشددًا في المستقبل. كما أن كلام دريانكور يعكس نمطًا من التفكير قد يتحول — إذا وصل أصحابه إلى مواقع صنع القرار — إلى مواقف فعلية، خاصة في ظل حديث بعض التيارات المتطرفة في أوروبا عن خيارات عنيفة ضد دول وشعوب لا تُعدّ ضمن «الفضاء الحضاري الغربي». وهي رؤية تشبه في بنيتها الخطاب الذي تبنّته قوى الاحتلال ضد سكان غزة، حين جرى استخدام توصيفات تسهّل عمليات الإبادة.

وتأتي هذه التطورات في لحظة حرجة يعيش فيها النظام الرأسمالي العالمي اضطرابات عميقة، تدفع بعض القوى إلى تبني خطاب صدامي يقوم على خلق أعداء جدد لحماية مصالحها. وهو ما يعيد إنتاج اللغة التي استُعملت في الحربين العالميتين الأولى والثانية، حين جرى نزع الإنسانية عن شعوب بأكملها تمهيدًا لاستباحتها.

على الجزائر، التي دفعت ثمنًا باهظًا في مواجهة الاستعمار وسياساته، أن لا تتجاهل عودة مثل هذا الخطاب. ومواجهة هذه التصريحات لا يجب أن تكون ردًا عابرًا، بل موقفًا حازمًا يضع حدودًا واضحة، أن تجريد الشعوب من إنسانيتها خط أحمر، وأن أي محاولة لشرعنة خطاب كهذا تمثل تهديدًا مباشرًا للسلم والأمن الدوليين.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

تصويت الجزائر في مجلس الأمن… منطق الدولة ينتصر

تعالت أصواتٌ عديدة تندّد بتصويت الجزائر لصالح المشروع الأميركي المتعلق بغزة، معتبرة أنّ ال…