Tong Petrotech تفوز بمشروع تطوير منشآت الغاز في الجزائر
أعلنت شركة Tong Petrotech Corp الصينية، المدرجة في بورصة شنجن، عن فوزها بعقد ضخم في الجزائر يتعلق بإنشاء وحدات إنتاج مبكر ومعالجة ميدانية للنفط والغاز، إلى جانب محطات ضغط الغاز، في مشروع تبلغ قيمته الإجمالية نحو 126 مليون دولار أمريكي. ويُعد هذا العقد من أبرز المشاريع التي تُطرح في السوق الجزائري خلال عام 2025، بالنظر إلى طبيعة الأعمال التي يتضمنها وأثره المباشر على تعزيز القدرات الوطنية في مجال إنتاج ومعالجة الغاز.
يتعلق المشروع بإنشاء وحدات إنتاج مبكر (Early Production Facilities – EPF)، وهي منشآت أساسية في سلسلة إنتاج النفط والغاز، تهدف إلى تسريع إدخال الحقول الجديدة مرحلة الإنتاج التجاري قبل استكمال البنى التحتية الدائمة. وتُستخدم هذه الوحدات عادة في الحقول التي تكون في مراحل التطوير الأولى أو تلك التي تحتاج إلى حلول تقنية مؤقتة لمعالجة الإنتاج المبدئي، بما في ذلك فصل السوائل عن الغاز والمياه، ومعالجة الشوائب، وتهيئة المنتج للنقل أو التخزين. وتتميز هذه التقنية بمرونتها العالية وإمكانية نقلها من موقع إلى آخر، ما يجعلها خيارًا اقتصاديًا وعمليًا في مشاريع التوسعة أو تطوير الحقول الثانوية.
إلى جانب ذلك، يشمل المشروع أيضًا إنشاء منشآت ضغط الغاز (Gas Compression Units)، وهي محطات ضرورية للحفاظ على الضغط داخل شبكات الإنتاج والنقل، وضمان استمرارية تدفق الغاز بكفاءة نحو وحدات المعالجة أو التسييل. وتعتمد هذه الوحدات على ضواغط عالية القدرة تعمل بأنظمة تحكم متطورة تسمح بضبط مستويات الضغط حسب احتياجات التشغيل، بما يسهم في تحسين أداء الحقول وزيادة عمرها الإنتاجي. ومن المتوقع أن تُنفذ شركة Tong Petrotech المشروع بنظام EPC (الهندسة والتوريد والبناء)، وهو النظام المتكامل الذي يغطي جميع مراحل التنفيذ بدءًا من التصميم الهندسي وانتهاءً بالتشغيل التجريبي والتسليم.
وتأتي أهمية هذا المشروع من كونه يندرج ضمن خطة الجزائر لتحديث وتوسيع منشآتها في قطاع الطاقة، وخاصة في مجال الغاز الطبيعي، الذي يمثل مصدرًا رئيسيًا للإيرادات الوطنية. فمع استمرار الجهود لرفع القدرات الإنتاجية وتحسين كفاءة الحقول القديمة، تركز شركات الطاقة الجزائرية، وفي مقدمتها سوناطراك، على تطوير البنية التحتية المساندة لزيادة الإنتاج وتقليص فترات التوقف. وتُعتبر مشاريع الإنتاج المبكر والضغط من أهم الوسائل التقنية لتحقيق هذا الهدف، إذ تتيح معالجة كميات إضافية من الغاز بشكل سريع وآمن، دون انتظار اكتمال المنشآت النهائية.
من الناحية الاقتصادية، يمثل المشروع فرصة مهمة لتقوية سلسلة القيمة المحلية في قطاع المحروقات، من خلال إشراك شركات جزائرية متخصصة في أعمال الهندسة المدنية، النقل، واللوجستيك، وهو ما ينسجم مع القوانين الجزائرية الجديدة التي تشجع على نقل الخبرة والتكنولوجيا وتوسيع المحتوى المحلي في مشاريع الطاقة. كما يُنتظر أن يساهم المشروع في خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، سواء خلال مرحلة البناء أو أثناء التشغيل، إلى جانب نقل المعرفة التقنية المتعلقة بأنظمة المعالجة والضغط الحديثة.
أما من الناحية التقنية، فتُعرف شركة Tong Petrotech Corp بخبرتها في تصميم وتنفيذ مشاريع المعالجة الميدانية في بيئات معقدة، خاصة في مناطق الإنتاج الصحراوية. وسبق للشركة أن نفذت مشاريع مماثلة في آسيا وإفريقيا، تتعلق بوحدات معالجة أولية ومعدات ضغط الغاز والنفط، ما يجعلها مؤهلة لتطبيق حلول تقنية متطورة تراعي خصوصية الحقول الجزائرية من حيث درجات الحرارة المرتفعة وتنوع تركيب الغاز. وتعتمد الشركة على تقنيات موفرة للطاقة في تشغيل الضواغط، مع أنظمة مراقبة وتحكم رقمية لضمان الاستقرار والأمان في التشغيل.
ومن المتوقع أن يستغرق تنفيذ المشروع فترة تتراوح بين 24 إلى 30 شهرًا حسب حجم الأعمال والموقع الجغرافي، على أن تُجرى المرحلة الأولى من الأعمال الهندسية خلال الأشهر القليلة القادمة، يليها توريد المعدات الرئيسية من المصانع الصينية، ثم الشروع في التركيب والاختبارات الميدانية في الجزائر. وتُظهر البيانات الأولية أن المشروع سيساهم في زيادة الطاقة الإنتاجية الميدانية بما يتراوح بين 10 إلى 15% في المرحلة الأولى من التشغيل، ما يعزز قدرة البلاد على تلبية الطلب المحلي والتزاماتها التصديرية في آنٍ واحد.
كما يُرتقب أن يُحدث المشروع تحسنًا ملموسًا في مؤشرات الكفاءة التشغيلية، خاصة في الحقول التي تعاني من انخفاض الضغط الطبيعي أو تحتاج إلى إعادة تطوير لرفع مردودية الإنتاج. فإضافة وحدات ضغط جديدة ستُسهم في المحافظة على التدفق الطبيعي للغاز وتقليل الخسائر المرتبطة بانخفاض الضغط، في حين تتيح وحدات الإنتاج المبكر معالجة كميات الغاز فور استخراجها، ما يرفع من جودة المنتج النهائي ويقلص التكاليف التشغيلية.
في ضوء هذه المعطيات، يمكن اعتبار فوز Tong Petrotech بهذا العقد تأكيدًا على الثقة المتزايدة في قدرات الشركات المتخصصة في التكنولوجيا النفطية الحديثة، وقدرتها على إنجاز مشاريع معقدة في بيئات إنتاجية متنوعة. كما يمثل المشروع خطوة عملية في اتجاه تحديث البنية التحتية لقطاع الغاز في الجزائر، بما يتماشى مع توجهاتها نحو رفع مستوى الإنتاج وتحسين فعالية الاستغلال الميداني، دون إغفال الأبعاد الاقتصادية المرتبطة بجذب الاستثمارات الخارجية ونقل التكنولوجيا المتقدمة.
يُنتظر أن يشكل مشروع وحدات الإنتاج المبكر وضغط الغاز الجديد محطة مهمة في مسار تطوير قطاع الطاقة الجزائري خلال السنوات القادمة، سواء من حيث الرفع من كفاءة الإنتاج أو من حيث إتاحة فرص شراكة فنية واقتصادية جديدة. فهو مشروع يجمع بين التقنية المتطورة، والتسيير الاقتصادي الرشيد، والرؤية الاستراتيجية لتحديث صناعة النفط والغاز في الجزائر بما ينسجم مع متطلبات السوق العالمية وتوجهات التنمية الوطنية.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
الدويرة: أزمة التعليم تتفاقم في ثانوية محمد خوجة
تعيش ثانوية محمد خوجة ببلدية الدويرة غرب العاصمة الجزائرية منذ أكثر من شهر وضعًا تربويًا م…