دو فيلبان: “الجزائر… أزمة لا يحلّها إلا المسار السياسي”
يحذّر دومينيك دو فيلبان، رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق، من خطورة الانزلاق في مسار الصدام السياسي مع الجزائر، مؤكدًا أن العلاقة بين البلدين لا يمكن أن تجد مخرجًا آمنًا إلا من خلال حلّ سياسي شامل، قائم على الاحترام المتبادل، والاعتراف بالتاريخ، والمصالح المتوازنة.
وفي مقابلة موسعة بُثّت ضمن برنامج الثلاثاء السياسي على قناة فرانس 24، مساء الثلاثاء 8 يوليو 2025، تطرق دو فيلبان إلى عدد من القضايا الدولية، لكنه توقف مطولًا عند العلاقة المتوترة بين فرنسا والجزائر، واصفًا إياها بـ”العلاقة الخاصة التي لا يمكن التعامل معها بمنطق تقني أو أمني فقط”.
ينبّه دو فيلبان إلى أن ما يميّز الجزائر عن غيرها من شركاء فرنسا في العالم هو ثقل التاريخ وعمق الجرح الاستعماري. ويؤكد أن الجزائر ليست دولة هامشية أو خاضعة، بل “أمة قائمة بذاتها، قاومت، وضحّت، ودفعت ثمن استقلالها، ولا يمكن بأي حال أن تُختزل في ملف أمني أو موضوع تقني”. ويضيف: “التحدي في العلاقة مع الجزائر لا يكمن فقط في الملفات اليومية، بل في إرث طويل من سوء الفهم والتردد الفرنسي في الاعتراف الكامل بالحقيقة التاريخية”.
يرى دو فيلبان أن جزءًا كبيرًا من الأزمة المتكررة بين البلدين يعود إلى فشل النخبة السياسية الفرنسية في التحرر من نظرتها الاستعلائية تجاه الجزائر. ويقول: “حين يُنظر إلى الجزائر على أنها طرف يجب احتواؤه أو إخضاعه، فإن كل مبادرة محكومة بالفشل مسبقًا. لا بد من نهج جديد، يؤمن بأن الشراكة لا تقوم على الوصاية، بل على الندية”. كما يشدّد دو فيلبان على أن أي محاولة لبناء علاقة مستقرة مع الجزائر ستظل ناقصة إذا لم تتعامل فرنسا بجدية مع ملف الذاكرة الاستعمارية. ويقول: “الاعتراف بالحقائق المؤلمة لا يُضعف فرنسا، بل يُعيد لها مصداقيتها. لا يمكننا أن نطلب من الجزائر الثقة بينما نُراوغ في تسمية الجرائم باسمها”.
وفي تقييمه للمشهد الفرنسي الداخلي، يربط دو فيلبان تراجع الحضور الفرنسي الدولي، خاصة في الملفات الحساسة مثل الجزائر، بحالة الشلل السياسي داخل باريس. ويصف قرار الرئيس ماكرون بحل البرلمان عام 2024 بـ”الخطأ الكارثي” الذي أدخل فرنسا في مأزق سياسي غير مسبوق، جعل من المستحيل صياغة سياسة خارجية ذات أفق واضح.
يدعو دو فيلبان في ختام مداخلته إلى التمسّك بما تبقى من فرص لإعادة بناء الثقة مع الجزائر، قبل أن يفوت الأوان، قائلاً: “نحتاج إلى شجاعة سياسية، لا إلى إدارة أزمة. وإلى رؤية استراتيجية لا إلى ردود فعل انفعالية. الجزائر ليست عبئًا على فرنسا، بل قد تكون بوابتها نحو عمق متوسطي وإفريقي حيوي… لكن بشروط الجزائريين، لا أوهام باريس.”
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
صناعة السيارات: الحكومة تشدد القواعد
أكد وزير الصناعة، يحيى بشير، اليوم الخميس، أن الجزائر دخلت مرحلة حاسمة في مسار إعادة بناء …







