قضية “أناب 2”..إدانة شيكر وكعوان بـ8 سنوات… وقرين بـ4 سنوات
أصدر القضاء الجزائري حكمه في واحدة من أبرز قضايا الفساد المرتبطة بقطاع الإعلام والإشهار العمومي، بعد معالجة ملف ثقيل يضم مجموعة من المسؤولين السابقين في وزارة الاتصال والمؤسسات التابعة لها. فقد نطق القطب الجزائي الاقتصادي والمالي بمحكمة سيدي أمحمد بأحكام متفاوتة، جاءت في صدارة القائمة إدانة وزيرين سابقين للاتصال، جمال كعوان وحميد قرين، إضافة إلى المدير العام الأسبق لوكالة النشر والإشهار «أناب» أمين شيكر، في ملف أثبت التحقيق القضائي أنه تضمن سوء تسيير واضح واستغلالًا غير مشروع للوظيفة، وأدى إلى إلحاق ضرر مباشر بالخزينة العمومية.
وجاءت الأحكام ثقيلة في حق المتورطين الرئيسيين، إذ تمت إدانة الوزير السابق جمال كعوان والمدير العام الأسبق أمين شيكر بثماني سنوات حبسًا نافذًا، بعد أن خلصت التحقيقات إلى تورطهما في ممارسات تتعلق بمنح امتيازات غير مستحقة، وتوجيه الإشهار العمومي نحو عناوين صحفية محددة بطريقة مشبوهة على حساب المال العام. أما الوزير السابق حميد قرين، فقد أدين بأربع سنوات حبسًا نافذًا، في قضية أثبتت المحكمة فيها وجود تجاوزات تخص الإدارة غير السليمة لميزانية الإشهار خلال فترة توليه للقطاع.
كما طالت العقوبات مسؤولين آخرين من الوكالة، منهم مدير فرع الاتصال والإشهار ومسؤول إحدى فروع التوزيع، حيث صدرت في حقهما أحكام بخمس سنوات حبسًا نافذًا، بعد ثبوت تورطهما في عمليات منح مساحات إشهارية بطرق مخالفة للقانون، والاستفادة من امتيازات غير مبررة. وأُدين متهمون آخرون بأحكام تراوحت بين أربع وخمس سنوات، بينما استفاد آخرون من البراءة لعدم كفاية الأدلة.
ولم تتوقف الأحكام عند الجانب الجزائي، إذ شملت الجوانب المالية أيضاً، حيث ألزمت المحكمة الوزيرين السابقين كعوان وشيكر بدفع تعويض مالي قدره مليون دينار لفائدة الخزينة العمومية، مع فرض تعويضات متفاوتة على المتهمين الآخرين حسب مستوى مسؤوليتهم في الوقائع، من بينها 500 ألف دينار لاثنين من الإطارات المدانة، و200 ألف دينار على الوزير السابق حميد قرين.
كما قضت المحكمة بمصادرة جميع الحسابات البنكية والأملاك محل الحجز التي ثبت ارتباطها بالأموال المتأتية من المخالفات المرتكبة، في خطوة تعكس تشديدًا واضحًا من العدالة على ضرورة استرجاع الأموال العامة وحماية الموارد المملوكة للدولة من أي تلاعب أو استغلال غير مشروع.
هذه الأحكام، التي تُعد من بين الأثقل في تاريخ قضايا الإشهار العمومي، تأتي ضمن توجه قضائي صارم لمكافحة الفساد الذي كانت مؤسساته سابقًا إحدى النقاط الحسّاسة في منظومة تسيير الإعلام والدعم العمومي. وتُبرز المحاكمة أن ملف الإشهار، الذي طالما أثار الجدل بسبب غياب آليات واضحة لتوزيعه، أصبح اليوم خاضعًا لمراجعة معمقة تفرضها مؤسسات الدولة عبر المساءلة القضائية وإعادة هيكلة القنوات التي تمر عبرها التمويلات العمومية الموجهة للصحافة.
وبينما تستمر المحاكم الجزائرية في معالجة ملفات أخرى مشابهة، يرى مراقبون أن الأحكام المعلنة تحمل رسالة واضحة مفادها أن مكافحة الفساد أصبحت خيارًا لا عودة عنه، وأن مسؤولية حماية المال العام باتت تتجاوز الأشخاص والمناصب، لتصل إلى منظومات التسيير برمتها في القطاعات الحساسة.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
ما بعد مقترح تعديل قانون الجنسية.. أي أدوات أنجع لحماية الدولة؟
يرى متابعون للشأن القانوني أن مقترح تعديل قانون الجنسية، الذي يناقَش حاليًا على مستوى لجنة…







