‫الرئيسية‬ الأولى إخوان حمس يورطون الجزائر في تطبيع برلماني مع الكيان الصهيوني!
الأولى - الوطني - 7 سبتمبر، 2025

إخوان حمس يورطون الجزائر في تطبيع برلماني مع الكيان الصهيوني!

إخوان حمس يورطون الجزائر في تطبيع برلماني مع الكيان الصهيوني!
انتُخب النائب عبد الوهاب يعقوبي، المنتمي إلى حركة مجتمع السلم، نائبًا لرئيس برلمان البحر الأبيض المتوسط خلال الدورة التاسعة عشرة المنعقدة في العاصمة الإيطالية روما للفترة 2025-2026. وقد سارع المعني إلى الإعلان عن هذا الانتخاب عبر صفحته على “فيسبوك”، واصفًا إياه بالإنجاز الدولي الذي يعكس مكانته وكفاءته البرلمانية. لكن ما اعتبره النائب يعقوبي “شرفًا” يثير في الواقع جدلاً سياسيًا وأخلاقيًا كبيرًا في الجزائر، ويضع حركة مجتمع السلم، باعتبارها امتداد للمدرسة الإخوانية، في مواجهة مباشرة مع تناقضاتها الخطيرة.

فمن المعلوم أن برلمان البحر الأبيض المتوسط يضم الكيان الصهيوني كعضو كامل الحقوق، وأن أي منصب في قيادته يعني بحكم الأمر الواقع التعامل في نفس الإطار مع ممثلي “إسرائيل”. الجزائر الرسمية، بحكم ثوابتها التاريخية، كانت دائمًا واضحة وصارمة في رفض أي شكل من أشكال التطبيع، وهو ما يفسر الصمت الذي لازم المؤسسات الرسمية ووسائل الإعلام الوطنية حيال هذا التعيين. لم يبارك المجلس الشعبي الوطني ولا مجلس الأمة هذا الانتخاب، ولم يصدر أي بيان أو تهنئة من السلطة التنفيذية، بل جرى تعمد التعتيم عليه بشكل كامل، في حين أن نفس الدورة شهدت تتويج الجزائر بجائزة التميز من أجل المتوسط التي منحت لمراد عجال، وقد حظي ذلك الخبر باهتمام واسع من الإعلام الرسمي والخاص على السواء. هذا التناقض في التعامل يكشف بوضوح أن الدولة الجزائرية اختارت التبرؤ من خطوة يعقوبي، وفضلت الالتزام بخطها السياسي المبدئي الذي يرفض التطبيع ويعتبره خطًا أحمر لا يمكن تجاوزه.

لكن حركة مجتمع السلم الإخوانية وجدت نفسها في موقع لا تُحسد عليه. فهي التي لم تتوقف منذ سنوات عن رفع شعارات مناهضة لإسرائيل ومنددة بالتطبيع مع الكيان الصهيوني، أصبحت اليوم متورطة بشكل مباشر في ما يمكن وصفه بـ”التطبيع البرلماني”. قبول نائبها بهذا المنصب ليس تفصيلاً شكليًا، بل هو تورط صريح في العمل داخل إطار تنظيمي يجلس فيه نواب إسرائيل جنبًا إلى جنب مع باقي البرلمانيين من دول المتوسط. فما جدوى كل الشعارات التي ترفعها حمس حول “الدفاع عن فلسطين” و”مناهضة الصهيونية”، إذا كان أحد نوابها يجلس اليوم في موقع القيادة إلى جانب ممثلين عن الكيان نفسه؟

السلطة الجزائرية لم تكن طرفًا في هذا الترشيح، ولم يقترح الوفد الرسمي الذي قاده مجلس الأمة أي اسم باسم الجزائر لشغل منصب نائب الرئيس. بل إن المعطيات المتوفرة تؤكد أن يعقوبي إما رشح نفسه بشكل فردي أو تم دعمه من أطراف خارجية لا علاقة لها بالموقف الرسمي الجزائري. وبالتالي، فإن أي محاولة لتحميل الدولة مسؤولية هذا التناقض مردودة سلفًا، لأن السلطة التزمت الصمت وامتنعت عن منح هذه الخطوة أي غطاء شرعي أو سياسي. المسؤولية تقع كاملة على عاتق حركة مجتمع السلم الإخوانية ونائبها، اللذين فضلا المضي في مسار قد يُفسر في الداخل والخارج على أنه انخراط في التطبيع غير المباشر.

المفارقة أن حمس لطالما حاولت تقديم نفسها كمدافع شرس عن الثوابت الوطنية، وفي مقدمتها الموقف من فلسطين ورفض التطبيع. لكنها اليوم، بخيارات نائبها، وضعت نفسها في خانة التناقض الفاضح، بل والخيانة السياسية للشعارات التي تبني عليها خطابها الانتخابي والإيديولوجي. إن تورط يعقوبي في هذا المسار يكشف الوجه البراغماتي لحركة الإخوان، الاستعداد للتنازل عن المبادئ في سبيل كسب موقع أو منصب، حتى وإن كان ذلك على حساب ثوابت الشعب الجزائري وموقفه التاريخي من القضية الفلسطينية.

إن السؤال الذي يفرض نفسه اليوم هو، كيف ستواجه حمس قواعدها وأنصارها بعد هذا التناقض الصارخ؟ هل ستلجأ إلى تبريرات واهية بدعوى أن المنصب “إجراء بروتوكولي” لا علاقة له بالتطبيع؟ أم ستصمت كما فعلت السلطة، متمنية أن يمر الخبر في طي النسيان؟ وفي كلتا الحالتين، فإن الضرر قد وقع، والسمعة التي بنتها الحركة على مدار عقود باعتبارها “صوت فلسطين في الجزائر” قد اهتزت بشكل خطير.

الأدهى من ذلك أن ما قام به يعقوبي يُهدد بخلط الأوراق داخل الساحة السياسية الوطنية، لأنه قد يستغل من طرف جهات أجنبية لتقديم الجزائر وكأنها بدأت تذوب في مسار التطبيع البرلماني مع إسرائيل، رغم أن الدولة كانت واضحة في رفضها. وهنا تتضح خطورة خيارات حمس الإخوانية: فهي لا تضر فقط بمصداقيتها كحركة سياسية، بل تُربك صورة الجزائر كلها، وتجعلها عرضة للتأويلات المغرضة.

إن انتخاب عبد الوهاب يعقوبي نائبًا لرئيس برلمان البحر الأبيض المتوسط لم يكن مكسبًا للجزائر ولا للقضية الفلسطينية، بل كان ورطة أخلاقية وسياسية لحركة مجتمع السلم الإخوانية، التي سقطت في فخ التطبيع غير المباشر الذي طالما ندّدت به. والجزائر الرسمية، بصمتها المتعمد، برأت نفسها من هذه الورطة وأكدت مجددًا التزامها بثوابتها الوطنية. أما الحركة الإخوانية، فهي اليوم أمام امتحان عسير، إما أن تعترف بتناقضها وتقر بخطأ نائبها، وإما أن تستمر في ازدواجية الخطاب، لتثبت مجددًا أن الشعارات شيء، والممارسة الإخوانية شيء آخر تمامًا.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

اليمين المتطرف يهاجم الطلبة الجزائريين في فرنسا!

تعيش فرنسا منذ أسابيع على وقع جدل جديد أثارته بعض الأوساط اليمينية المتطرفة التي وجّهت سها…