‫الرئيسية‬ الأولى البرتغال تدعم مبادرة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء الغربية؟!
الأولى - الدولي - 23 يوليو، 2025

البرتغال تدعم مبادرة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء الغربية؟!

البرتغال تدعم مبادرة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء الغربية؟!
في وقت تواصل فيه الرباط مساعيها لحشد الدعم الدولي لمقترحها بشأن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية في الصحراء الغربية، أعلنت البرتغال مؤخرًا موقفًا وُصف بأنه «داعم» لهذا الطرح، معتبرة إياه «جديًا وذا مصداقية». غير أن هذا التصريح، رغم ما يُروّج له، لا يخرج عن كونه موقفًا سياسيًا يتماشى مع المصلحة البرتغالية الظرفية، ولا يعكس أي إجماع حقيقي على الساحة الدولية، حيث لا يزال الشعب الصحراوي يُطالب بحقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير، كما نصّت عليه قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية.

وجاء الموقف البرتغالي خلال لقاء جمع وزير خارجية البرتغال، باولو رانجيل، بنظيره المغربي ناصر بوريطة، حيث أعرب الأول عن دعم بلاده لمقترح الحكم الذاتي بوصفه «أرضية بنّاءة». لكن الوزير البرتغالي نفسه حرص على التأكيد أن أي حل يجب أن يكون «تحت رعاية الأمم المتحدة»، وهي الجهة الوحيدة المخولة دوليًا بالإشراف على تسوية النزاع، وهو ما يُبقي الباب مفتوحًا على كافة السيناريوهات، بما في ذلك الاستفتاء، الذي لا يزال مطلبًا مركزيًا لدى جبهة البوليساريو والشعب الصحراوي.

ولا يمكن قراءة الموقف البرتغالي في عزلة عن سياقه الأوروبي الأوسع، حيث تحاول بعض الدول المنخرطة في شراكات اقتصادية وأمنية مع المغرب مجاملة الرباط دبلوماسيًا، في وقت لم تنجح فيه هذه المحاولات في إحداث اختراق حقيقي داخل أروقة الأمم المتحدة أو الاتحاد الإفريقي، حيث لا تزال أغلبية الدول تدعم حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير وفقًا للشرعية الدولية، وترفض القفز على هذا الحق التاريخي مقابل مقترحات تفتقر إلى التوافق.

قضية الصحراء الغربية، التي تُصنّفها الأمم المتحدة كإقليم غير مستقل، لا تزال من أطول النزاعات غير المحسومة على الساحة الدولية. ورغم المحاولات المتكررة لفرض حلول أحادية، فقد صمدت القضية الصحراوية بفضل صلابة موقف جبهة البوليساريو والدعم الذي تحظى به من عديد الدول التي ترفض منطق الضم القسري أو تجاوز إرادة الشعب. ويُعدّ اتفاق وقف إطلاق النار الموقع سنة 1991، والذي كان من المفترض أن يُفضي إلى تنظيم استفتاء لتقرير المصير، مرجعًا قانونيًا ما زال يُحتكم إليه، رغم عراقيل الرباط ومحاولات طمس هذا الاستحقاق السياسي.

وفي حين تحاول بعض الأطراف الأوروبية، وعلى رأسها فرنسا والمملكة المتحدة والآن البرتغال، الدفع في اتجاه فرض صيغة «الحكم الذاتي» كحل نهائي، فإن واقع الحال يكشف أن هذه المواقف لا تغيّر شيئًا في حقيقة الوضع القانوني للصحراء الغربية، الذي لم يتغير قيد أنملة منذ قرار محكمة العدل الدولية سنة 1975، والذي أكد أنه لا توجد روابط سيادية بين المغرب والإقليم، وأن للشعب الصحراوي الحق الكامل في تقرير مستقبله.

كما أن دعم بعض الدول الأوروبية للمقترح المغربي، والذي كثيرًا ما يُسوّق على أنه «دعم دولي واسع»، لا يعدو أن يكون تعبيرًا عن مصالح سياسية واقتصادية ضيقة، في وقت لا تزال فيه الأغلبية في الأمم المتحدة، خاصة داخل مجموعة دول الجنوب، تصطف إلى جانب حق الشعوب في الحرية والاستقلال، وترفض الحلول التي تكرّس الأمر الواقع بالقوة.

وبالرغم من كل المناورات الدبلوماسية، فإن القضية الصحراوية لا تزال حيّة ومستمرة على الساحة الدولية، مستندة إلى عدالة مطالب شعبها، وإلى دعم قانوني وأخلاقي متجذر في مبادئ تقرير المصير. بل وأكثر من ذلك، فإن الانفتاح المتزايد للشباب الصحراوي على الساحات الحقوقية والإعلامية والدولية، يُعبّر عن جيل جديد يؤمن بالعدالة الدولية، ويرفض تسويات مفروضة من الخارج، ويدرك أن معركة الصحراء ليست فقط معركة جغرافيا، بل معركة كرامة وشرعية.

إن ما تحاول بعض الدول الأوروبية ترويجه كمكاسب دبلوماسية لصالح الرباط، ما هو إلا ضجيج سياسي لا يمكنه أن يحجب حقيقة مركزية، أن النزاع لن يُحل إلا وفقًا للقانون الدولي، وبما يضمن للشعب الصحراوي حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير. وهذا ما يؤكده التاريخ، وتعيد التأكيد عليه كل موجة مقاومة جديدة في مخيمات اللاجئين والصحراء المحررة.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

اليمين المتطرف يهاجم الطلبة الجزائريين في فرنسا!

تعيش فرنسا منذ أسابيع على وقع جدل جديد أثارته بعض الأوساط اليمينية المتطرفة التي وجّهت سها…