الجزائر تفقد شخصية ثورية ذات أبعاد إنسانية.. وفاة المجاهد العقيد الطاهر زبيري
انتقل إلى رحمة الله اليوم الأربعاء بالعاصمة الجزائرية المجاهد العقيد الطاهر زبيري، قائد الولاية التاريخية الأولى وعضو مجلس الأمة السابق، عن عمر ناهز 95 عامًا، حسبما أفادت به وزارة المجاهدين وذوي الحقوق.
وُلد الفقيد سنة 1929 في سدراتة (ولاية سوق أهراس) وكان من الرعيل الأول للثورة التحريرية المجيدة. اعتُقل وحُكم عليه بالإعدام، لكنه تمكن من الفرار من السجن برفقة القائد التاريخي مصطفى بن بولعيد سنة 1955، ليُعين بعدها قائدًا للفيلق الثالث بالقاعدة الشرقية، ثم قائدًا للولاية التاريخية الأولى في سنة 1960.
بعد الاستقلال، تولى الراحل عدة مناصب، كان آخرها عضوية مجلس الأمة. ترك الفقيد إرثًا مهمًا في توثيق تاريخ الثورة التحريرية، من بينها مذكراته التي حملت عنوان “مذكرات آخر قادة الأوراس التاريخيين 1929-1962″، حيث جمع فيها بين سيرته الذاتية والوقائع التاريخية.
رئيس الجمهورية يعزي في وفاة المجاهد
تقدم رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بأخلص تعازيه وعظيم مواساته إلى عائلة المجاهد العقيد الطاهر زبيري. وجاء في نص التعزية: “يشاء القدر أن تودع الجزائر عشية الاحتفال بسبعينية الثورة المجيدة أحد أكبر قادة الثورة المجيدة الذين بذلوا الغالي والنفيس من أجل أن ننعم بالاستقلال”. وعلى إثر هذه الفاجعة، يتقدم رئيس الجمهورية بأخلص التعازي وعظيم المواساة إلى عائلة الفقيد وإلى الأسرة الثورية كافة، متضرعًا إلى المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته ويلهم ذويه جميل الصبر والسلوان.
رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي يعزي
تقدم رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، بأصدق عبارات التعازي والمواساة إلى عائلة المجاهد العقيد المتقاعد الطاهر زبيري، قائد الولاية التاريخية الأولى وعضو مجلس الأمة الأسبق، حسبما أورده بيان لوزارة الدفاع الوطني. وجاء في نص التعزية: “على إثر وفاة المجاهد العقيد المتقاعد الطاهر زبيري قائد الولاية التاريخية الأولى وعضو مجلس الأمة الأسبق، يتقدم السيد الفريق أول السعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي باسمه الخاص وباسم كافة مستخدمي الجيش الوطني الشعبي، بأصدق عبارات التعازي والمواساة إلى أسرة المرحوم وأقاربه، متضرعا إلى المولى القدير أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جنانه، وأن يلهم أهله وذويه جميل الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون”.
ربيقة يعزي
تقدم وزير المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة، بتعازيه الخالصة إلى عائلة المجاهد العقيد الطاهر زبيري، قائد الولاية التاريخية الأولى وعضو مجلس الأمة السابق. وأكد ربيقة، الذي تنقل إلى منزل الفقيد لتقديم واجب العزاء، أن المجاهد الراحل “كان وسيظل رمزًا من رموز الوطنية وقامة من قامات الثورة التحريرية المباركة”. كما أشاد الوزير بخصال الفقيد الذي تميز بـ “العزة والشموخ والمناقب الثورية الراقية وروح الإخلاص للجزائر والحرص على رقيها وازدهارها”، داعيًا إلى “الحفاظ على ذاكرته والعمل على أن يبقى نضاله وكفاحه راسخين لدى الأجيال”.
برحيل العقيد الطاهر زبيري، تكون الجزائر قد فقدت أحد رجالاتها المخلصين الذين وهبوا حياتهم لخدمة البلاد، فكتبوا اسمهم بحروف من ذهب في تاريخ الجزائر التليد، من الثورة التحريرية المجيدة إلى فترة ما بعد الاستقلال.
يعتبر زبيري من الرعيل الأول للثورة التحريرية المباركة، حيث وُلِد سنة 1929 بدوار السوابع بسدراتة، التابعة إقليمياً لبلدية أم العضائم بولاية سوق أهراس. ثم انتقل الراحل رفقة عائلته للعيش بمدينة الونزة بولاية تبسة، حيث اضطر للاشتغال بأحد المناجم. إلا أن حلمه بجزائر حرة ومستقلة كان بمثابة الدافع والحافز للانخراط في مقتبل العمر في صفوف الحركة الوطنية، وبالتحديد في صفوف حركة انتصار الحريات الديمقراطية، ثم المنظمة الخاصة سنة 1947.
تبلورت شخصية زبيري الفذة، التي لا تستكين لعدو ولا تهاب مدفعًا أو رشاشًا، بين الجهاد الثوري والنضال السياسي. تقدم الصفوف الأولى غداة تفجير الثورة بمنطقة الونزة، كما كان من المجاهدين الأوائل الذين خاضوا معارك ضارية مع العدو، من أشهرها معركة جبل أحمد، في جانفي 1955، التي أسر فيها رفقة عدد من المجاهدين في سجن الكدية بقسنطينة.
رغم مرارة الألم والمعاناة في أسوار السجن، إلا أن الفقيد ظل متشبثًا بنضاله الثوري الذي صمم على استكماله، ولو كلفه ذلك حياته. هذا ما تحقق بعد أن تعرف على الشهيد مصطفى بن بولعيد، حيث مكنت الفترة التي قضاها بين جنبات سجن الكدية زبيري من الاحتكاك بهذه الشخصية الفذة. وجد نفسه يتشارك مع هذا الأخير في كثير من الأفكار، ما جعلهما يخططان للهروب من السجن، وهو الأمر الذي حدث فعلاً، ليتمكن من العودة إلى صفوف جيش التحرير الوطني، ويلتحق بالقاعدة الشرقية، حيث تقلد مسؤوليات، قبل أن يتم تعيينه قائدًا للولاية الأولى التاريخية (1960-1962).
من المشاركة في النضال الثوري إلى المساهمة الفاعلة في مرحلة التشييد وبناء الجزائر، بصم المجاهد زبيري على حضور فاعل في فترة ما بعد الاستقلال. تولى عدة مناصب، منها قائد الناحية الخامسة (من 26 ديسمبر 1962 إلى 1963)، وكذا قائد الأكاديمية العسكرية لشرشال في 1963. عُين بعدها قائد أركان الجيش من (4 مارس 1964 إلى 1 نوفمبر 1967)، وأيضًا عضو المكتب السياسي واللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني، المنعقد مؤتمره الأول بعد الاستقلال، والثالث بعد الثورة (16 أفريل 1964 إلى 21 أفريل 1964). كما كان عضوًا في مجلس الثورة في 19 جوان 1965. عُين المجاهد زبيري سنة 2004، عضوًا بمجلس الأمة، ضمن الثلث الرئاسي. وفي 25 أكتوبر 2018، تم تقليده وسام الاستحقاق الوطني برتبة.
الجزائر فقدت برحيله شخصية ثورية لها أبعاد إنسانية كبيرة، ستبقى ذكراها خالدة في قلوب الجزائريين.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
اليمين المتطرف يهاجم الطلبة الجزائريين في فرنسا!
تعيش فرنسا منذ أسابيع على وقع جدل جديد أثارته بعض الأوساط اليمينية المتطرفة التي وجّهت سها…