الجزائر محور اهتمامه منذ توليه منصب وزير الداخلية بفرنسا.. هل أصيب ريتايو بـ “الجزائرفوبيا”؟
برونو ريتايو جعل الجزائر محور اهتمامه منذ توليه منصب وزير الداخلية في فرنسا، حيث أبدى في مقابلة مع قناة LCI رغبته في إعادة تقييم اتفاقيات 1968 بين فرنسا والجزائر. واعتبر هذه الاتفاقيات “غير متوازنة”، قائلاً إنها “مفيدة للغاية للجزائر، لكنها تضر بفرنسا”. كما عبّر عن استعداده للتفاوض حول تعديل هذه الاتفاقيات.
ريتايو يتخذ موقفًا صارمًا بشأن قضايا الهجرة، مشددًا على أهمية فرض النظام في هذا المجال الحساس. وفي هذا السياق، تناول قضية ترحيل المهاجرين غير الشرعيين، خصوصًا بعد حادثة مقتل شابة فرنسية على يد مهاجر مغربي غير قانوني. كما دعا إلى تعزيز تنفيذ أوامر الطرد وتوسيع مدة الاحتجاز للأشخاص الذين صدرت بحقهم أوامر بمغادرة التراب الفرنسي.
إضافة إلى ذلك، شدد ريتايو على ضرورة ترحيل المهاجرين بعد إتمام العقوبات الجنائية، ودعا إلى تبني سياسة أكثر صرامة في التعامل مع الدول الأصلية للمهاجرين، من خلال استخدام وسائل مثل التحكم في منح التأشيرات والمساعدات التنموية والتجارية.
هذه التصريحات لاقت ردود فعل متباينة على الساحة السياسية. مارين مارشال، عضو البرلمان الأوروبي من اليمين المتطرف، دعمت موقفه ودعت إلى مراجعة الاتفاقيات مع الجزائر والمغرب وتونس. بالمقابل، دعت بريسكا ثيفنو، المتحدثة السابقة باسم الحكومة الفرنسية، إلى مناقشة قضايا الهجرة مع الحفاظ على حقوق المواطنين الفرنسيين من أصول مهاجرة.
في خضم هذه التصريحات، يُطرح تساؤل مشروع حول ما إذا كانت مواقف ريتايو تعكس نوعًا من “الجزائرفوبيا” – أي تمييز عنصري ضد الجزائريين على وجه التحديد. يتجلى هذا في تحامله الواضح على الجزائر ومطالبته بتعديل اتفاقيات كانت مصممة لضمان حقوق الجزائريين المقيمين في فرنسا.
تاريخ الاتفاقيات الفرنسية الجزائرية الاتفاق الفرنسي الجزائري الذي وُقع في 27 ديسمبر 1968 جاء بعد خمس سنوات من استقلال الجزائر، وكان يهدف إلى تنظيم وضع المهاجرين الجزائريين في فرنسا، مراعيًا التاريخ الاستعماري المعقد بين البلدين. الاتفاقية ركزت على تنظيم إصدار تصاريح الإقامة، لتسهيل الاستقرار والعمل للجزائريين في فرنسا، وضمان ظروف حياة وعمل ملائمة لهم.
تتضمن الاتفاقية مزايا مهمة، مثل حرية الاستقرار التي تسمح للمواطن الجزائري الذي يمتلك مشروعًا تجاريًا بالحصول على تصريح إقامة دون الحاجة إلى إثبات جدوى نشاطه، وهذا ما يميز الجزائريين عن الوافدين الآخرين. كما تضمن الاتفاقية حماية لم الشمل العائلي، مما يسهل على الجزائريين توطيد حياتهم الأسرية في فرنسا. يُمكن للجزائريين طلب شهادة إقامة لمدة 10 سنوات بعد ثلاث سنوات من الإقامة، مقارنة بخمس سنوات للوافدين الآخرين.
لكن رغم هذه المزايا، تم إدخال تعديلات عديدة على الاتفاق قلصت من حقوق الجزائريين، خاصة الطلاب الذين يسعون للعمل. تم تحديد حصة سنوية للعمال، مما يعيق فرصهم في العمل بعد التخرج، وزاد من تعقيد وضعهم القانوني.
أثارت الدعوات إلى مراجعة الاتفاقيات توترات دبلوماسية بين الجزائر وفرنسا، حيث تم تقليص عدد التأشيرات الممنوحة للجزائريين في السنوات الأخيرة. وفقًا لاتفاقية فيينا، لا يمكن الانسحاب من الاتفاق من جانب واحد إلا بتوقيع معاهدة جديدة. وإذا لم يكن هناك انتهاك للاتفاق، فإن إلغاءه سيكون أمرًا معقدًا وله عواقب سلبية على العلاقات الثنائية.
يبقى مستقبل العلاقات الفرنسية الجزائرية غير واضح في ظل تصاعد النقاشات حول سياسات الهجرة ومراجعة الاتفاقيات، مع استمرار تساؤلات حول تأثير “الجزائرفوبيا” على القرارات السياسية الفرنسية. العلاقات بين فرنسا والجزائر تظل موضوعًا حساسًا يتطلب إدراكًا عميقًا لتعقيداتها التاريخية والتحديات التي تواجهها حاليًا.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
اليمين المتطرف يهاجم الطلبة الجزائريين في فرنسا!
تعيش فرنسا منذ أسابيع على وقع جدل جديد أثارته بعض الأوساط اليمينية المتطرفة التي وجّهت سها…