‫الرئيسية‬ في الواجهة رأي مقالات الجزائر والمغرب.. بين دعم تقرير المصير ومكافحة التهديدات الإقليمية
مقالات - 24 يوليو، 2024

الجزائر والمغرب.. بين دعم تقرير المصير ومكافحة التهديدات الإقليمية

الجزائر والمغرب.. بين دعم تقرير المصير ومكافحة التهديدات الإقليمية
نشر موقع “القدس العربي” مقالاً للكاتب التونسي نزار بولحية بعنوان “هل تريد الجزائر مغربا عربيا بالبوليساريو؟” تناول فيه مواقف الجزائر من الاتحاد المغاربي وعلاقتها بجبهة البوليساريو. يجدر هنا مناقشة هذه النقاط بموضوعية وتسليط الضوء على دوافع السياسة الجزائرية الإقليمية.

موقف الجزائر الداعم لحق تقرير المصير للشعوب ينبع من تاريخها الثوري وتجربتها المريرة مع الاستعمار. الجزائر، التي ناضلت طويلاً ضد الاستعمار الفرنسي، تعتبر دعمها لحق تقرير المصير جزءاً من التزامها بمبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان. دعم بلد المليون والنصف مليون شهيد لجبهة البوليساريو يأتي في سياق هذا الالتزام، حيث تعتبر قضية الصحراء الغربية مسألة تصفية استعمار، صدر بحقها أول قرار تقرير المصير من الأمم المتحدة سنة 1965، عندما كان الشعب الصحراوي تحت الاحتلال الإسباني.

الخلاف الحقيقي بين الجزائر والمغرب يتجاوز قضية الصحراء الغربية ليشمل قضايا أمنية حساسة. واحدة من أبرز هذه القضايا هي تدفق المخدرات من المغرب إلى الجزائر بكميات هائلة. هذه الظاهرة تعتبر تهديداً كبيراً للأمن القومي الجزائري، وقد أعيقت الجهود المبذولة لتعزيز التعاون بين البلدين في هذا المجال. وعلى الرغم من دعوات الجزائر المتكررة للتعاون لمكافحة تهريب المخدرات، يبدو أن النظام المغربي غير مستعد للعمل بجدية مع السلطات الجزائرية لمعالجة هذه القضية.

من المهم أيضاً الإشارة إلى الدعم الذي قدمه المغرب للجماعات الإرهابية خلال “العشرية السوداء” في الجزائر، وهي فترة دموية شهدت انتشار العنف والإرهاب. هذا الدعم، الذي زاد من تعقيد الأوضاع الأمنية، لا يزال جزءاً من الذاكرة الجماعية للشعب الجزائري ويسهم في تعميق الخلافات بين البلدين.

رغم هذه التحديات، تظل الجزائر ملتزمة بعضويتها في الاتحاد المغاربي وساعية لتعزيز التعاون الإقليمي. لم تتخل الجزائر عن الاتحاد المغاربي رغم الصعوبات والتوترات، وظلت تسعى لتعزيز التعاون الإقليمي من خلاله. الاتهامات بأنها تعرقل عمل الاتحاد أو تستخدمه كورقة ضغط ضد المغرب هي تبسيط لمواقفها المعقدة والمبنية على دعم تقرير المصير ومناهضة الاستعمار.

أكد الرئيس عبد المجيد تبون في مناسبات عدة على أهمية إيجاد حلول إفريقية لمشاكل إفريقيا، وتسعى الجزائر لتعزيز الاستقرار والتعاون في المنطقة، بما في ذلك شمال إفريقيا. من هذا المنطلق، تعمل الجزائر على تعزيز الاتحاد المغاربي وإيجاد حلول بناءة للخلافات القائمة، بما في ذلك قضية الصحراء الغربية. الاتهامات بأنها تسعى لإنشاء كيان بديل للاتحاد المغاربي غير مبررة، إذ تعمل الجزائر على تعزيز العمل المغاربي المشترك وليس تقويضه.

العلاقات بين الجزائر والمغرب معقدة وتتأثر بعدة عوامل جيوسياسية وتاريخية، والنزاع حول الصحراء الغربية هو أحد أبرز هذه العوامل. رغم ذلك، تؤكد الجزائر دائماً على استعدادها لدعم الحوار بين المغرب وجبهة البوليساريو. لا تسعى الجزائر لتفتيت الوحدة المغاربية، بل تدعو إلى حل عادل ومستدام للنزاع الصحراوي بما يضمن حقوق جميع الأطراف.

الاتهامات بأن الجزائر ترغب في مغرب عربي بالبوليساريو هي وجهة نظر سطحية وغير دقيقة. الجزائر ملتزمة بدعم تقرير المصير وحقوق الإنسان، وتسعى لتعزيز التعاون والاستقرار في المنطقة المغاربية. معالجة الخلافات بين الدول المغاربية تتطلب حواراً بناءً وتفاهماً متبادلاً، وليس توجيه الاتهامات واستخدام الصراعات كأداة سياسية.

في ظل الشلل الذي يصيب الاتحاد المغاربي، تسعى الجزائر إلى بعث التشاور والحوار بين الدول التي تتقاسم نفس التوجهات السياسية لخلق آلية تشاور مشتركة ضرورية للعمل المشترك. ورغم كل ما يقال، لم تنس الجزائر الهجوم على أراضيها الوطنية في حرب الرمال من طرف النظام المغربي سنة 1963، كما تثبت ذلك وثائق الأمم المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، المخابرات المغربية تحرض ليل نهار ضد الجزائر عبر دعم ما يسمون أنفسهم بـ”المعارضة” أو “الحركى 2.0” وعبر مجموعة من المخازنية الذين يستخدمون أرخص وسائل البروباغاندا ضد بلادنا. كل هذه الأمور لا تساعد على إيجاد جو إيجابي للتعاون، بل الحرب الإعلامية المغربية ضد الجزائر تنم عن مخططات خبيثة تديرها المملكة المروكية.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

القضاء يطوي صفحة ساركوزي.. أول رئيس فرنسي يدخل السجن يوم 21 أكتوبر

يدخل نيكولا ساركوزي التاريخ من أوسع أبوابه، لا كرجل دولة استثنائي كما أراد لنفسه ذات يوم، …