الخبير في مجال تكنولوجيات الإعلام والاتصال الدكتور يونس قرار لـ “المؤشر”: “نجاح السيادة الرقمية في الجزائر مرتبط بتوطين البيانات محليًا”
تحدث الخبير في مجال تكنولوجيات الإعلام والاتصال، الدكتور يونس قرار، لجريدة “المؤشر” عن انطلاق الجزائر في عملية الرقمنة منذ سنوات، بدءًا من تسجيل المواطنين في سكنات “عدل” إلكترونيًا، لتشمل العملية قطاعات أخرى مثل قطاع العدالة من خلال استخراج شهادتي السوابق العدلية والجنسية إلكترونيًا. وقد شهدت عملية الرقمنة في السنوات الأخيرة تسارعًا ملحوظًا، شمل رقمنة قطاعات أخرى مثل التعليم العالي والتربية والتعليم، فضلًا عن وزارة العمل التي أطلقت منصة مخصصة للمتقاعدين.
وأشار الخبير التكنولوجي إلى أن المنصات الرقمية تتعامل مع معطيات المواطنين، وهي معلومات ذات طابع شخصي وسري يجب الحفاظ عليها، لأن وقوعها في الأيدي الخطأ، وخاصة الإجرامية، قد يؤدي إلى استغلالها لأغراض خبيثة.
وكشف قرار أن نجاح عملية الرقمنة مرتبط بتخزين البيانات داخل الجزائر. فإذا تم تخزين المعطيات خارج الوطن، ستكون الجزائر تحت سيادة البلد الذي تُخزَّن فيه البيانات، مما يعرضها لخطر استخراج هذه المعلومات واستغلالها ضدها، وهو ما يشكل تهديدًا للسيادة الوطنية.
واشترط قرار، لضمان نجاح الرقمنة، أن تكون هذه العمليات مرتبطة بنظرة استشرافية وإستراتيجية محكمة للتحول الرقمي. فبفضل هذه الإستراتيجية، سيفكر القائمون في توطين المعلومات داخل الجزائر من خلال مركز وطني للبيانات. وأشار إلى أن المحافظة السامية للرقمنة، بالشراكة مع مجمع هواوي، قد شرعت بالفعل في إنشاء هذا المركز منذ أشهر. ومن شأن هذا المشروع أن يمكّن المؤسسات من توطين معلوماتها وتخزينها وفق المعايير الدولية، مما سيحافظ على سيادة الجزائر ومعطياتها الرقمية.
وشدد الأستاذ بجامعة الجزائر 1 على ضرورة إنشاء أكثر من مركز واحد لتخزين البيانات، مشيرًا إلى الحاجة لإنشاء مركزين وطنيين على الأقل، موزعين جغرافيًا، وبنفس القدرات والمعايير، وكذلك نفس القوة. وأكد على ضرورة تنويع مصادر حلول مراكز البيانات، فهذا، بحسب المتحدث، سيعزز استقلاليتنا ويضمن سيادتنا، ويجنبنا رهن مستقبل بياناتنا. فإذا تعاملنا مع شركة معينة وجلبنا منها حلولًا، ثم تبين لاحقًا أن هذه الشركة استحوذت عليها شركة أخرى معادية، فكيف سنتصرف في هذه الحالة؟ وهذا هو السبب وراء الحاجة إلى مراكز أخرى لتخزين البيانات، لضمان استمرارية عملنا في حال حدوث أي مشكلة في أحد المراكز.
وأوضح الدكتور قرار أن إنشاء مراكز أخرى لتخزين البيانات سيسهم في ضمان استقلالية الجزائر الرقمية، وهو جزء من السيادة الرقمية والمعطيات التي تحميها من الهجمات السيبرانية التي تهدد سيادة البلدان وأمنها إذا تم اختراق أنظمتها وهواتفها.
وأضاف المتحدث أن الهجمات السيبرانية تشكل خطرًا جديًا، ويجب التعامل معها بجدية لضمان حلول تتماشى مع تطور ثورة المعلومات. ولفعالية هذا الأمر، أكد قرار ضرورة إشراك الكفاءات الجزائرية النزيهة في عملية الرقمنة، لأنهم سيكونون قادرين على تحمل المسؤولية. وفي هذا السياق، أوضح أن الجزائر يجب أن تنتقل من مرحلة الاستهلاك الذكي إلى مرحلة الشراكة مع الجهات الأجنبية بهدف الاحتكاك وتطوير الحلول المتعلقة بمراكز البيانات سواء على المستوى المادي أو من حيث الخوارزميات والبرامج. وبعد ذلك، يمكن الانتقال إلى مرحلة الاستقلالية التامة في فهم أسرار الحلول والتكنولوجيات.
وفي الختام، صرح الدكتور يونس قرار أن نجاح السيادة الرقمية في الجزائر يتطلب نظرة استشرافية وإستراتيجية محكمة. فالحرب اليوم هي حرب المعلومات، وإذا لم نحسن إدارة معلوماتنا وتطويرها وتخزينها، فالعواقب قد تكون وخيمة.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
مدير تحرير مجلة “الهدف السياسي” بغزة، الدكتور وسام الفقعاوي لـ”المؤشر”: “غزة تواجه الإبادة بالصمود”
أكد الدكتور وسام الفقعاوي، مدير تحرير مجلة “الهدف السياسي” بغزة، أن محور المقا…