السقطة الروسية في مجلس الأمن
في حادثة غريبة وغير مبررة، تحدث الممثل الروسي في مجلس الأمن عن الملاكمة الجزائرية إيمان خليف ضمن سياق هجومه على قيم الغرب، ولكنه وقع في خطأ جسيم بخلطه بين قيم الجزائر وقيم الغرب. هذا الخلط ليس فقط مغالطة كبيرة، بل هو أمر خطير وعيب على ممثل روسيا أن يقع فيه. الجزائر ليست جزءاً من الغرب، ولا تتبنى قيمه الأخلاقية بأي شكل من الأشكال.
من المدهش أن روسيا، التي لديها سفارة في الجزائر وتعرف جيداً طبيعة المجتمع الجزائري، تجهل أن التحول الجنسي محظور قانوناً في الجزائر. إيمان خليف وُلدت كأنثى، عاشت حياتها كأنثى، وستنتصر كأنثى، وستجلب الميدالية الذهبية لوطنها. فهل يشك الممثل الروسي في الوثائق الجزائرية التي قدمها والد إيمان، والذي أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنها بنت؟ كيف لا يثق الممثل الروسي في هذه الوثائق، وبلده يتعامل مع الجزائر منذ أكثر من 60 عامًا؟ هل أصبحت الجزائر فجأة دولة لا يثق فيها الروس؟
من المؤسف أن يسقط الممثل الروسي في هذا الفخ، فمن العيب على روسيا أن توجه مثل هذه التهم التافهة والمغرضة ضد رياضية جزائرية. شخصيًا، كصحفي تابعت كل مباريات إيمان خليف، ولم أجد أنوثة لدى المنافسات تفوق أنوثة إيمان. حتى الأطباء الفرنسيون المختصون في علم الجينات أكدوا أن 5% من نساء فرنسا يعانين من زيادة في الهرمونات الذكورية، وكذلك بعض الرجال لديهم زيادة في الهرمونات الأنثوية، لكن هذا لا يجعلهم أقل رجولة.
فهل لا يوجد بين النساء الروسيات من يشبهن الرجال؟ لماذا إذًا يسقط ممثل روسيا في هذا الخطأ الفادح في مجلس الأمن، أعلى هيئة دولية معنية بحفظ الأمن العالمي؟ هل يهدد فوز إيمان خليف الأمن العالمي حتى يطرح قضيتها بهذا الشكل؟ من المخزي أن يتم التطرق إلى مثل هذه المواضيع في مجلس الأمن، بينما العالم يقف على شفا كارثة كبرى.
نحيي الرد الجزائري الذي كان في المستوى، وكشف المؤامرة الروسية ضد مواطنة جزائرية بسيطة لا تسعى إلا لتحقيق حلمها بالفوز بميدالية ذهبية. إن الحديث عن إيمان خليف بهذا الشكل في مجلس الأمن ليس فقط قلة احترام، بل جهل تام بالجزائر وقيمها. الجزائر ليست جزءًا من الغرب، ولا تتقاسم مع الغرب قيمه وأخلاقه. إيمان خليف ليست فرنسية ولا غربية، هي فتاة جزائرية بسيطة من عائلة فقيرة بولاية تيارت، لا علاقة لها بقيم الغرب ولا بقيم روسيا. هي جزائرية صرفة تحمل قيم عائلتها وبلدها المسلم فقط.
إنه لأمر مخزٍ أن يترك ممثل روسيا العديد من القضايا التي تهدد الأمن العالمي، وحتى أمن بلاده الذي يتآمر عليه الغرب ليل نهار، ويستغل قضية فتاة بريئة ونزيهة في صراع لا علاقة لها به. سيدي ممثل روسيا في مجلس الأمن، لقد أخطأت العنوان. الجزائر ليست غربًا، وإيمان خليف ليست رجلاً، بل هي فتاة ولدت ونشأت كذلك. عيب على ممثل روسيا أن يخلط بين الأمور ويوجه مثل هذه التهم الظالمة. هذا ظلم ما بعده ظلم.
لخضر فرحات صحفي معتمد لدى الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي مدير نشر جريدة المؤشر
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء
صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…