السنونو يقرؤك السلام… رحلة في سماء الحنين والحرية

السنونو يقرؤك السلام... رحلة في سماء الحنين والحرية

تحلّق الكاتبة والشاعرة الجزائرية أسماء بوحوش في إصدارها الأدبي الجديد «السنونو يقرؤك السلام» بين عوالم الشعر والتأمل، لتقدّم نصًّا إنسانيًا مفتوحًا يوازن بين الوجدان والفكر، ويعيد طرح سؤال الحرية والانتماء من زاوية وجودية شفافة.

لا تسرد بوحوش أحداثًا، بل تستدعي حالات شعورية متشابكة بين الغياب والحضور، بين الذات والعالم، لتجعل من الكلمة مرآة للروح في بحثها الدائم عن الخلاص الداخلي.

يتحوّل طائر السنونو في هذا العمل من مجرد كائن مهاجر إلى رمزٍ للإنسان الباحث عن موطنٍ معنوي، وعن مساحة أمانٍ بين الحلم والواقع. فالرحيل في نصوص بوحوش ليس انتقالًا مكانيًا، بل رحلة نحو الذات، ومحاولة لترويض الذاكرة واستعادة التوازن بين الألم والأمل.

تكتب الكاتبة بلغةٍ مكثفة خالية من الزخرف، لكن مشبعة بالصورة والدلالة، فتبدو نصوصها أقرب إلى اعترافات تأملية تتجاوز حدود العاطفة لتلامس الفلسفة. في عالمها، الحنين ليس ضعفًا بل موقفًا من الوجود، والكتابة تتحوّل إلى خلاصٍ داخلي يواجه الفوضى بالصمت والجمال.

تنتمي أسماء بوحوش إلى جيلٍ أدبي جزائري صاعد، يجمع بين الحسّ الإبداعي والرؤية الأكاديمية؛ فهي حاصلة على ماستر في الأدب الحديث والمعاصر وتشغل منصب أستاذة للغة العربية، إلى جانب نشاطها الثقافي من خلال تأليف مسرحيات مدرسية ومشاركاتها في الملتقيات الأدبية الوطنية. كما شاركت في الكتاب الجماعي «سيكولوجية العقول الأنثوية» سنة 2024، بمساهمة بحثية تناولت العلاقة بين المرأة والعقل والعاطفة من منظور فكري متوازن.

من خلال هذا العمل، تؤكد بوحوش حضورها كصوتٍ أنثويٍّ حرٍّ يكتب ليُحرّر، لا ليُرضي، مقدّمةً نصوصًا تحلّق عالياً بين الحنين والحرية، وتدعو القارئ إلى التأمل في ذاته قبل العالم. إنها كتابة تشبه طيران السنونو… قصيرة في المسافة، عميقة في الأثر.