‫الرئيسية‬ الأولى النوايا الخبيثة لمملكة ما بين الوادين التوسعية
الأولى - الوطني - مقالات - 24 نوفمبر، 2024

النوايا الخبيثة لمملكة ما بين الوادين التوسعية

النوايا الخبيثة لمملكة ما بين الوادين التوسعية
منذ أن اتخذ الرئيس عبد المجيد تبون قراره الجريء باستغلال منجم غار جبيلات، الواقع في ولاية تندوف بالقرب من الحدود مع موريتانيا، والمغرب لا ينام ليل نهار. أطلقت مخابراته ومخزنه وقصره كل وسائل إعلامه في حملة كذب وتزوير ضد الجزائر. بعضها يعتبر أن المنجم مغربي وليس جزائريًا، رغم أن اتفاقية تأسيس الشركة المختلطة التي صدق عليها نظام المغرب ونُشرت سنة 1972 في الجريدة الرسمية الجزائرية تؤكد بصريح العبارة أن منجم غار جبيلات يقع تحت السيادة المطلقة للجزائر. وهذا يعني أن ممثلي مملكة ما بين الوادين اعترفوا بالسيادة المطلقة للجزائر على المنجم الذي يقع فوق أراضيها.

الحملة المضادة للجزائر هي أكبر دليل على أن نظام المغرب لا عهد له ولا أمان فيه، لأنه لا يحترم تعهداته القانونية، ولا يحترم القانون الدولي، ولا الاتفاقيات، ولا المعاهدات. فهو نظام توسعي ودولة مارقة.

ضمن هذا التكالب، ظهرت في الفترة الأخيرة أغنية مغربية جديدة قديمة عبر أقلام مخزنية وأخرى مأجورة، تؤكد أن فرنسا لها خرائط ووثائق ستقدمها لمسؤولي مملكة ما بين الوادين تثبت أن بشار وتندوف كانتا تابعتين للسيادة المغربية. ولا ندري في أي فترة من التاريخ؛ هل قبل تأسيس المملكة الحالية حين جمعت فيها حضرة مراكش وإمارة فاس؟ أو قبل التأسيس حين كانت حضرة مراكش منفصلة عن إمارة فاس وجمهورية الريف؟ وباعتراف الماريشال نفسه في مذكراته عندما قال: “أنا المغرب”.

يحضرنا سؤال: لماذا لم تقدم فرنسا وثائق للمغرب ليقدمها لمحكمة العدل الدولية سنة 1975 لتثبت أن الصحراء الغربية جزء من مملكته؟ ولماذا لم تقدم فرنسا أدلة بأن موريتانيا أيضًا كانت جزءًا من المغرب كما يدعي هذا النظام التوسعي المقيت؟ أين كانت فرنسا في تلك الفترة؟

الكلام عن وثائق ستقدمها فرنسا للمغرب هو أكبر كذبة في التاريخ، لأن حدود المغرب الجنوبية تاريخيًا وقبل تأسيس جمهورية فرنسا نفسها تقف عند وادي نون جنوبًا، وهي الحدود الطبيعية التي كان معمول بها للفصل بين الدول والكيانات. ووادي نون بعيد عن مدينة تندوف، التي توجد على الحدود مع الصحراء الغربية وقريبة من حدودنا مع موريتانيا.

والأكثر من ذلك، فإن الحدود الطبيعية مع الجزائر كانت محددة بوادي ملوية منذ 203 سنة قبل الميلاد، تاريخ تأسيس مملكة ماسينيسا، بعدما وحد نوميديا الغربية مع نوميديا الشرقية. هذه الحدود نفسها ذكرها العلامة ابن خلدون في كتابه “المقدمة”، وذكرت في كتب كثيرة قديمة أوروبية تحدثت عن وادي ملوية كحدود طبيعية بين الجزائر والمغرب. فلا تحتاج الجزائر إلى خرائط فرنسا الاستعمارية أو وثائقها. هناك خريطة بريطانية، مثلاً، لسنة 1810 متوفرة على مستوى المكتبة الوطنية البريطانية، تظهر بوضوح حدود مملكة ما تسمى اليوم بالمغرب، الاسم المشتق من اسم مدينة مراكش. وكان الرئيس الراحل أحمد بن بلة، عندما يتحدث عن المغرب، ينعتها بمراكش إلى آخر يوم في حياته، رحمه الله. وحضرة مراكش شكلت جزءًا من المملكة الحالية بعد ضمها مع إمارة فاس واستيلائها على جمهورية الريف بعد إبادة جماعية شاركت فيها إسبانيا، وقتل فيها أكثر من 40 ألف ريفي مقاوم.

حدود المغرب الشرقية مع الجزائر محددة بوادي ملوية، وخرائط هولندية لسنة 1805، وملايين من الوثائق تبين حدود الجزائر. فلا يعقل أن تكون حدود المغرب عند وادي نون، ثم يُزعم أن بشار، التي يُعتقد أن دُفن فيها مؤسس الإمبراطورية الزيرية الجزائرية، أو تندوف ضمن أراضيه. ثم تأتي الخريطة التي قدمها المغرب نفسه للأمم المتحدة قبل استقلاله.

وإذا أراد المغرب أن يعتمد على ما يروج له من أكاذيب مفادها وجود وثائق فرنسا، فإن الجزائر في مرحلة الإمبراطورية الزيرية، التي كانت عاصمتها مدينة المدية الحالية، كانت مملكة المغرب الحالية جزءًا من ترابها وتابعة لها. وبالتالي، فإن مملكة ما بين الوادين كانت تابعة للجزائر في تلك الفترة مع جزء من جنوب إسبانيا وجنوب إيطاليا، والخرائط متوفرة. وهي دولة كاملة الأركان قبل أن تطأ أقدام فرنسا أرض الشهداء.

اتفاقية مغنية، التي اعتمد عليها المغرب في اتفاقية ترسيم الحدود مع الجزائر والمنشورة في الجريدة الرسمية سنة 1972، شهر يونيو، أخذ المغرب بموجب هذه الاتفاقية أراضي شاسعة من الجزائر تصدقت له بها فرنسا الاستعمارية لضمان تواطؤ سلطان المغرب مع فرنسا وفي الوقت نفسه تقسيم القبائل الجزائرية المقاومة للاستعمار. ومن هذه القبائل قبيلة أولاد سيد الشيخ المناضلة. ولذلك ضمت مدينة وجدة وما جاورها ومنطقة تافيلالت الجزائريتان إلى سلطان المغرب.

مملكة المغرب تعيش على الخرافات والأكاذيب والتزوير التاريخي، الذي وضعت له الأمم المتحدة حدًا لمنع نشوب الحروب، والمعروف بقانون احترام الحدود الموروثة عن الاستعمار، وهو القانون الذي استُعمل في ترسيم الحدود بين الجزائر والمغرب. وقبلت به الجزائر وفق اتفاقية لالة مغنية.

منذ أن قامت الجزائر بالاستثمار في غار جبيلات، بدأ التواطؤ التقليدي الفرنسي-المغربي من جديد للتآمر على ثروات الجزائر، ولكن في الوقت بدل الضائع. لأن الحديث عن الحدود، كما تحاول فرنسا، قد يقودها إلى إعادة طرح السيادة من جديد على منطقة الألزاس واللورين، التي ما زال سكانها يتحدثون اللغة الألمانية إلى اليوم.

مملكة ما بين الوادين قد تُجبر على إعادة أراضي جمهورية الريف، التي ضمتها بعد إبادة جماعية، وكانت قد تأسست قبل المملكة، ولها كل رموز الدولة من علم وطني، جيش، عاصمة، ونقود متداولة، واعترافات دولية بقائدها الأمير عبد الكريم الخطابي، الذي تخيف جثته حتى الآن قصر الرباط، وما زالت رفاته مدفونة في مصر.

الجزائر تمتلك ملايين الوثائق التي تثبت جغرافيتها منذ 203 سنة قبل الميلاد، ولها جيش يردع أي مغامر يقترب من حدودها. سيدفع الثمن غاليًا جدًا.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء

صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…