بروز أفق للسلام في حرب أوكرانيا
رغم إسراع كل من رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال ومسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل ورئيسة المفوضية الأوروبية للتأكيد على أن زيارة فيكتور أوربان إلى موسكو تصرف فردي لا يمثل موقف الاتحاد الأوروبي، إلا أن الزيارة تندرج فعلاً في إطار التفاوض لحل الأزمة الأوكرانية. كرئيس للاتحاد الأوروبي، أوربان ليس مغامراً إلى درجة استعداء زملائه في الاتحاد الأوروبي.
شهد أوربان في اجتماع القمة الأوروبية الأخيرة في بروكسل نقاشاً حميمياً مع زيلينسكي، مما أثار استغراب البعض. لكن الزيارة المفاجئة التي قام بها فيكتور أوربان إلى كييف ثم موسكو تفسر الآن تلك العلاقات. كما تفسر أيضاً ما كتبته الصحافة البريطانية مؤخراً حول تلقي زيلينسكي أمراً حاسماً من الولايات المتحدة الأمريكية ببدء التفاوض حول عملية سلام مع الروس، وإلا فإن أمريكا ستوقف كل المساعدات وتنصرف من دعمها لكييف.
تسارع الأحداث يثبت صحة المعلومات التي أوردتها الصحافة البريطانية، وهي أيضاً تتماشى مع عادة الولايات المتحدة الأمريكية التي لا تعير أي اعتبار للحلفاء، كما رأينا في انسحابها المهين من أفغانستان دون استشارة أي طرف، بما في ذلك حلفاؤها الأوروبيون. هكذا هي أمريكا، ليس لها أصدقاء أو أعداء، بل لديها مصالح فقط، كما قال الراحل هنري كيسنجر.
ربما قادة الاتحاد الأوروبي تفاجأوا بتصرف فيكتور أوربان دون علمهم، لكن الرجل ليس مغامراً ولديه علاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى الخصوص مع المرشح الجمهوري ترامب.
تصريحات فيكتور أوربان بأن وجهات النظر بين موسكو وكييف متباعدة حالياً، وقوله بأن العالم سيرى قريباً أوكرانيا وروسيا في المجر على طاولة المفاوضات، يثبت أن الرجل يقوم فعلاً بوساطة من أجل التفاوض بين طرفي الصراع. أوربان على قناعة بأن الحرب تهدد أمن أوروبا ويجب وقفها، كما أنه رئيس وزراء لبلد عانى من الحرب العالمية الثانية ودفع ثمناً غالياً. المجر لا تزال تعاني من نقص في الرجال، حيث تجد ثلاث نساء مقابل رجل واحد بسبب الحرب التي يريد تجنبها مهما كانت الظروف الحالية.
أمام التحذيرات من حدوث مواجهة مباشرة بين روسيا وأمريكا تكون بداية للحرب العالمية الثالثة، يبدو أن أمريكا قررت التوجه نحو المفاوضات لإنهاء الصراع الذي فقدت فيه أوكرانيا أكثر من نصف مليون عسكري وضِعْفَ العدد من الجرحى. الناس تهرب من التجنيد بل تهجر المدن إلى الأرياف للابتعاد عن أعين فرق التجنيد الإجباري.
أوربان فتح الطريق إذن للتفاوض من أجل إنهاء الخطر الداهم على الأمن الأوروبي وأمن بلاده الموجود على خط النار في حالة اندلاع الحرب.
تحرك رئيس الاتحاد الأوروبي ورئيس وزراء المجر، بلد الموسيقار العظيم بيلا بارتوك، الذي عاش في مدينة بسكرة العريقة بالجزائر كباحث لسنوات في أسرار الموسيقى الأندلسية، له أيضاً مبرر آخر يتمثل في حماية الأقلية المجرية التي تسكن أوكرانيا وإبعادها عن شبه الإبادة والحرب.
لخضر فراط، صحفي معتمد لدى الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي مدير نشر جريدة المؤشر.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء
صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…